2023-12-02

البيرُوقراطية الإدارية في تونس : «مدمّرة» ومحبطة للعزائم..!

أمام‭ ‬صعوبة‭ ‬الظرف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬حاملي‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭ ‬ونظرا‭  ‬لصعوبة‭ ‬انتدابهم‭ ‬وإدماج‭ ‬بعض‭ ‬الاختصاصات‭  ‬صلب‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬عملت‭ ‬بلادنا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬بديلة‭  ‬تمكن‭  ‬من‭ ‬تقليص‭  ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬واحتوائها‭ ‬فكان‭  ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الانتصاب‭ ‬للحساب‭ ‬الخاص‭ ‬الحل‭ ‬الأقرب‭ ‬الذي‭ ‬سعت‭ ‬لإرسائه‭ ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬تأصيله‭ ‬خيارا‭ ‬للشباب‭ ‬المعطّل‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الاختصاصات‭ .‬

‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الجارية‭ ‬15,6‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬16.1‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭ ‬و15,3‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬وفق‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭.‬

وارتفعت‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬حاملي‭ ‬الشهائد‭ ‬العليا‭ ‬نسبيا‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬23,7‭ ‬بالمائة‭ ‬بالثلاثي‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬سـنة‭ ‬2023‭ ‬مقابل‭ ‬23,1‭ ‬بالمائة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سـنة‭ ‬2023،‭ ‬وفق‭ ‬المعهد‭. ‬

وللتقليص‭ ‬من‭ ‬تمدد‭ ‬جحافل‭ ‬المعطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬سنويا‭ ‬عملت‭ ‬عديد‭ ‬الأطراف‭ ‬المتدخلة‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬تشجيع‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬الانتصاب‭ ‬للحساب‭ ‬الخاص‭ ‬خاصة‭ ‬أمام‭ ‬انسداد‭ ‬الآفاق‭ ‬للالتحاق‭ ‬بالوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬تشكو‭ ‬تضخما‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬المنتسبين‭ ‬إليها‭ ‬بما‭ ‬يفوق‭ ‬650‭ ‬ألف‭  ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬غلق‭ ‬باب‭ ‬الانتداب‭ ‬بالوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الالتحاق‭ ‬بركب‭ ‬الموظفين‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭ ‬لذلك‭  ‬اعتبرت‭ ‬عديد‭ ‬الأطراف‭ ‬أن‭ ‬الانتصاب‭  ‬للحساب‭ ‬الخاص‭ ‬يعتبر‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬للنهوض‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬توفير‭ ‬عنصري‭ ‬الإحاطة‭ ‬الشاملة‭ ‬والتسلّح‭ ‬بمنظومة‭ ‬قانونية‭ ‬وهيكلة‭ ‬إدارية‭ ‬تعنى‭ ‬بتشجيع‭ ‬المبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬امتيازات‭ ‬الاستثمار‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬الدولة‭ .‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬المبادرة‭ ‬الخاصّة‭ ‬حلا‭ ‬فعليا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬يجنبهم‭ ‬البطالة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يشك‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬انعكاساتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬كبرى‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬خاصّة‭ ‬ذوي‭ ‬النفسية‭ ‬الهشّة‭  ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬ألقى‭ ‬بنفسه‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬قصد‭ ‬الهجرة‭ ‬ولكنه‭ ‬مات‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬أمل‭ ‬الاستقرار‭ ‬والاستقلالية‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ … ‬والأمثلة‭ ‬متعددة‭ ‬وعديدة‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحصى‭ ‬أو‭ ‬تعدّ‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أن‭ ‬الانتصاب‭ ‬للحساب‭ ‬الخاص‭ ‬يمكّن‭ ‬من‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬التشغيل‭ ‬ولكن‭ ‬الأهم‭  ‬هو‭  ‬التمويل‭ ‬لعديد‭ ‬المشاريع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬البنكية‭ ‬نظرا‭ ‬لان‭ ‬الباعثين‭ ‬الشبان‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬تمويل‭ ‬ذاتي‭ ‬وأهمية‭  ‬الإحاطة‭ ‬المتواصلة‭ ‬بأصحاب‭ ‬المشاريع‭  ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تركيز‭ ‬المشروع‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬التسويق‭ ‬لمنتوجاتهم‭ ‬وخدماتهم‭ ‬في‭ ‬بداياتهم‭ ‬الأولى‭. ‬فالمبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬تعتبر‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬لإنعاش‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬و‭ ‬امتصاص‭ ‬البطالة‭  ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فتح‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭ ‬جديدة‭ ….‬ولكن‭ ‬المعطيات‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭ ‬تشي‭ ‬بمعاناة‭ ‬كبيرة‭ ‬لشق‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬باعثي‭ ‬المشاريع‭ ‬تبدأ‭ ‬قبل‭ ‬بعث‭ ‬المشروع‭ ‬وتستنزف‭ ‬المقبل‭ ‬عليه‭ ‬ماديا‭ ‬ومعنويا‭.‬

‭ ‬بسبب‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬حرمت‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭  ‬ومبادرات‭  ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬تنفعها‭ ‬فقد‭ ‬عدل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬بعث‭ ‬مشروع‭ ‬بسبب‭ ‬التعطيلات‭ ‬الإدارية‭ ‬ومتاهة‭ ‬اللهث‭ ‬وراء‭ ‬تكديس‭ ‬الوثائق‭ ‬والتنقل‭ ‬من‭ ‬ادراة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬مثلما‭ ‬عبّر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬حاتم‭ ‬بن‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬الدكاترة‭ ‬المعطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬انه‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬بمعاناة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أصدقائه‭ ‬الذين‭ ‬كانت‭ ‬لديهم‭ ‬تجارب‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬بعث‭ ‬المشاريع‭  ‬بعضهم‭ ‬ينتظر‭ ‬لمدّة‭ ‬تفوق‭ ‬3‭ ‬أشهر‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬وبعضهم‭ ‬يتكبد‭ ‬عناء‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬العاصمة‭ ‬لاستخراج‭ ‬بعض‭ ‬الوثائق‭ ‬مؤكدا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬على‭ ‬المركزية‭ ‬المقيتة‭ ‬وكذبة‭ ‬ا‭ ‬اللامركزية‭ ‬بفالتنقل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬له‭ ‬كلفته‭ ‬الباهظة‭ ‬ماديا‭ ‬للعديد‭ ‬منهم‭.‬

واعتبر‭ ‬أن‭  ‬الوضع‭ ‬الكارثي‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬أداء‭ ‬الإدارة‭ ‬اليوم‭ ‬متواصل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬حزمة‭ ‬الإصلاحات‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬المرضي‭  ‬الذي‭ ‬يطبع‭ ‬أداء‭ ‬الإدارة‭ ‬ببلادنا‭  ‬يعود‭ ‬بالأساس‭ ‬إلى‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بكثرة‭ ‬الشكليات‭ ‬وغياب‭ ‬المرونة‭ ‬وتضارب‭ ‬النصوص‭ ‬القانونية‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬منظومة‭ ‬إدارية‭ ‬موجهة‭ ‬لخدمة‭ ‬صالح‭ ‬فئة‭ ‬معينة‭ ‬قبل‭ ‬14‭ ‬جانفي‭ ‬أي‭ ‬لخدمة‭ ‬العائلة‭ ‬الحاكمة‭ ‬وبقيت‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬تطويرها‭ ‬وتغييرها‭ ‬و‭ ‬المرور‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬متطورة‭ ‬نتيجة‭ ‬الجدال‭ ‬السياسي‭ ‬والتجاذبات‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬البلاد‭ ‬والتي‭ ‬عطلت‭ ‬مشاريع‭ ‬الإصلاح‭ …. ‬

ويؤكد‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭  ‬التعقيدات‭ ‬الإدارية‭ ‬معقدة‭ ‬ومرهقة‭ ‬تستنزف‭ ‬الكلّ‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭  ‬الأصعدة‭ ‬ماديا‭ ‬ومعنويا‭. ‬فالبيروقراطية‭ ‬الإدارية‭  ‬تعدّ‭ ‬معضلة‭  ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭ ‬فعديد‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬قُبِرَتْ‭ ‬نتيجة‭ ‬كثرة‭ ‬الوثائق‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الملفات‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الصفقات‭ ‬أُلغيت‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬البيروقراطي‭ ‬وعديد‭ ‬المبادرات‭ ‬الجمعياتية‭ ‬تعطّلت‭…  ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التسهيلات‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحصل‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬تكاد‭ ‬توحي‭ ‬بأمر‭ ‬آخر‭ ‬أكثر‭ ‬مرارة‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬المحسوبية‭ ‬التي‭ ‬خلنا‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬ودّعناها‭ ‬ولكنها‭ ‬مازالت‭ ‬أمرا‭ ‬واقعا‭ ‬إلى‭ ‬حين‭  …..‬بعض‭ ‬الشبان‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬قصص‭ ‬معاناتهم‭  ‬في‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬بلوغ‭ ‬أهدافهم‭ ‬التي‭ ‬رسموها‭ ‬لأنفسهم‭ ‬بتمكنهم‭ ‬من‭ ‬إرساء‭ ‬مشاريع‭ ‬ناجحة‭ ‬بكل‭ ‬المعايير‭ ‬ولكنهم‭ ‬اصطدموا‭ ‬بأول‭ ‬حاجز‭ ‬وهو‭ ‬المطالبة‭ ‬بتوفير‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬ومعاناة‭ ‬الانتظار‭ ‬وكلها‭ ‬صعوبات‭ ‬جمّة‭ ‬والتي‭ ‬اعترضتهم‭  ‬فحالت‭ ‬دون‭ ‬بلوغهم‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬المنشود‭. ‬

فلقد‭  ‬تعالت‭ ‬الأصوات‭ ‬المنادية‭ ‬بضرورة‭  ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عاجلة‭ ‬وتدابير‭ ‬علاجية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬نزيف‭ ‬الانتظار‭ ‬والتعقيدات‭ ‬الإدارية،‭ ‬ولعل‭  ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬ملف‭ ‬إصلاح‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬مطلبا‭ ‬ملحا‭ ‬لكننا‭ ‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬أي‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬ايلاء‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬ما‭ ‬يستحقّه‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬والتشخيص‭ ‬والعلاج‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لاعتماد‭ ‬معايير‭ ‬ومواصفات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تنهض‭ ‬بتجويد‭ ‬وتعصير‭ ‬عمل‭ ‬الإدارة‭ ‬وتقطع‭ ‬مع‭ ‬الروتين‭ ‬الإداري‭ ‬القاتل‭  ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬الأسطر‭ ‬مصدر‭ ‬معاناة‭ ‬شق‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المقبلين‭ ‬الجدد‭ ‬على‭ ‬بعث‭ ‬المشاريع‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬جعلنا‭ ‬نعود‭ ‬الى‭ ‬موضوع‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬أسالت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحبر‭ ‬وكانت‭ ‬محل‭  ‬انتقادات‭ ‬هي‭ ‬التشكايات‭ ‬المتواصلة‭ ‬لمختلف‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية‭ (‬باعثي‭ ‬المشاريع‭) ‬من‭ ‬طول‭ ‬الانتظار‭ ‬وضبابية‭ ‬المعاملات‭ ‬وغياب‭ ‬المعلومة‭ ‬عند‭ ‬الاستفسار‭ ‬وهي‭ ‬الوضعية‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬شق‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭…‬

‭ ‬حيث‭ ‬تحدثت‭ ‬إحداهن‭ ‬وهي‭ ‬متحصلة‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬المعطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬أنها‭ ‬خيّرت‭ ‬سلك‭ ‬طريق‭ ‬إثبات‭ ‬الذات‭ ‬والقطع‭ ‬مع‭ ‬عقلية‭ ‬امسمار‭ ‬في‭ ‬حيطب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوجّه‭ ‬نحو‭ ‬بعث‭ ‬مشروع‭  ‬خاصة‭ ‬وان‭ ‬الدولة‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الانتصاب‭ ‬للحساب‭ ‬الخاص‭ ‬ولكنها‭ ‬فوجئت‭ ‬بواقع‭ ‬مرير‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬البتة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬له‭ ‬نظريا‭  ‬وأكدت‭ ‬أنها‭ ‬استنزفت‭ ‬ماديا‭ ‬ونفسيا‭ ‬قبل‭ ‬بعث‭ ‬المشروع‭ ‬بسبب‭ ‬التعقيدات‭ ‬الإدارية‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تتوقع‭ ‬أنها‭ ‬قادت‭ ‬نفسها‭ ‬إلى‭ ‬المهلكة‭ ‬بسبب‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬بعث‭ ‬مشروع‭ ‬حيث‭ ‬ترامت‭ ‬ديونها‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬المشروع‭ ‬وهي‭ ‬مطالبة‭ ‬بتسديدها‭ ‬في‭ ‬آجال‭ ‬معينة‭ ‬ولكن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الوثائق‭ ‬يتطلب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الانتظار‭ ‬واعتبرت‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬الخدمات‭ ‬الادارية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬منفّرة‭  ‬للاستثمار‭ ‬وهي‭ ‬تفكر‭ ‬حاليا‭ ‬وبكل‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬فضاء‭ ‬أرحب‭ …   ‬معتبرة‭ ‬ان‭  ‬البيروقراطية‭ ‬الإدارية‭ ‬القاتلة‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬،لم‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬بعد‭ ‬ومازالت‭ ‬تمثل‭ ‬كابوسا‭ ‬حقيقيا‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬الجميع‭ ‬إذ‭ ‬يتطلب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬أو‭ ‬استخراج‭ ‬وثيقة‭ … ‬اتباع‭ ‬مسار‭ ‬مطول‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬ومن‭ ‬ولاية‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ .‬

إن‭ ‬االعبرة‭ ‬بالخواتيمب‭ ‬فكل‭ ‬الوعو‭ ‬د‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬لتعصير‭ ‬الإدارة‭ ‬كانت‭ ‬زائفة‭  ‬والى‭ ‬حد‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬وبرغم‭ ‬بعض‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتخذة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬كمراجعة‭ ‬بعض‭ ‬القوانين‭ ‬وصدور‭ ‬بعض‭ ‬المذكرات‭ ‬و‭ ‬المناشير‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أهميتها‭ ‬الحبر‭ ‬الذي‭ ‬كتبت‭ ‬به‭ ‬فإننا‭ ‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬ايلاء‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬ما‭ ‬يستحقّه‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬والتشخيص‭ ‬والعلاج‭ ‬،‭ ‬رغم‭ ‬بعض‭ ‬المجهودات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكارها‭ ‬والتي‭ ‬ورغم‭ ‬أهميتها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تبرز‭ ‬أمام‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الإدارة‭ ‬ببلادنا‭ ‬وكلها‭ ‬منفرة‭ ‬للاستثمار‭ ‬ولأصحاب‭ ‬المشاريع‭ ….‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المؤسسات التربوية حاضنة العلم وحصن المعرفة تتربّص بها المخاطر و لم تعد آمنة..!

لم تعد  المؤسسات التربوية حاضنة العلم وحصن المعرفة في مأمن فقد  بات محيطها حاضنا لجملة من …