تواصل انحباس الأمطار في ذروة الموسم: انخفاض الإنتاج الفلاحي أثر سلبا على النمو الاقتصادي سنة 2023
يشكل ضعف النشاط الاقتصادي ولا سيما في القطاعات الاستراتيجية عائقا للنمو والتوازنات الخارجية والمالية وله تداعيات أيضا على التوازنات الاقتصادية الجملية وخاصة عبر اتساع العجز المزدوج والركود التضخمي.
وقد شخص البنك المركزي التونسي في وثيقة حول تطور الظرف الاقتصادي والمالي الوطني العوامل التي أثرت وكانت لها تداعيات على نسبة النمو الاقتصادي المتوقعة بـ0,9% لكامل سنة 2023. واعتبر أن الإقتصاد التونسي قد واجه عدة صدمات خارجية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية فضلا عن تواتر عوامل ظرفية غير ملائمة على غرار شح الامطار مما سلط الضوء على تعطل محركات النمو الرئيسية وهي الاستثمار والاستهلاك والتصدير وكذلك على الاشكاليات الهيكلية للعديد من القطاعات الاستراتيجية كالمحروقات والفسفاط رغم التحسن التدريجي للنشاط السياحي.
وحسب نفس المصدر فإن عديد العوامل أثرت على النمو الاقتصادي سنة 2023 مثل انخفاض الإنتاج الفلاحي وذلك تبعا لنقص الامطار خلال السنوات الأخيرة وبلغ معدل ملء السدود حوالي 24% مما أثر على القطاعات الرئيسية وعلى انتاج الحبوب وإنتاج زيت الزيتون والتمور والقوارص ومن بين العوامل الاخرى التي أثرت على النمو الاقتصادي ذكر المصدر ذاته ضعف نسبة النمو المتوقعة في منطقة الاورو والتي قدرها صندوق النقد الدولي بـ 0,7% خلال سنة 2023 مقابل 3,3% مسجلة خلال سنة 2022 وهذا بدوره سيؤثر على نشاط الصناعات المعملية المصدرة .
إضافة إلى ذلك فإن استمرار الصعوبات التي يواجهها قطاع المحروقات في غياب الاستثمار الاجنبي المباشر والاكتشافات الجديدة للحقول النفطية حيث انخفض الإنتاج الوطني للنفط والغاز الطبيعي بنسبة 14% و7% على التوالي سنة 2022 مع الإشارة إلى أن عدد رخص التنقيب يبلغ حاليا 17 مقابل 50 سنة 2010. ولفتت الوثيقة أيضا الى تأثير ضعف النشاط الاقتصادي على التوازنات الاقتصادية الجملية وخاصة عبر اتساع العجز المزدوج(العجز الجاري وعجز الميزانية ) والركود التضخمي. وفيما يتعلق بالمالية العمومية سجل العجز الأولي بدون احتساب الفوائد على الدين حاصلا سلبيا منذ سنة 2011 وقد عمقت دفوعات الفوائد عجز الميزانية كما توسع عجز ميزانية الدولة دون احتساب التخصيص والهبات حسب قانون المالية التعديلي لسنة2023 مقارنة بقانون المالية الأصلي إلى 7,7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5,2% نتيجة تراجع المداخيل وارتفاع النفقات وخاصة نفقات الدعم .كما ارتفعت حاجيات التمويل خلال سنة 2023 إلى 25,9 مليار دينار مقابل 23,5 مليار دينار نتيجة تعمق عجز الميزانية وذلك باعتبار الهبات والمصادرة. ومن ثمة فإن ضعف الحيز المالي مع وجود صعوبات في تعبئة الموارد الخارجية وتواصل نسق ارتفاع التمويل الداخلي قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية كبرى.
وتعتبر السياسة النقدية أنه للحد من الضغوطات غير المسبوقة على التوازنات المالية للبلاد وكبح تراجع سعر صرف الدينار ومكافحة التضخم وجب القيام بتعديل متناسق ودقيق على مستوى توجهات الاقتصاد الكلي وذلك عبر تشديد السياسة النقدية وضبط سياسة المالية العمومية والشروع في تنفيذ الإصلاحات وتحفيز السياسات التجارية والقطاعية على غرار التخفيف والحد من معوقات الاستثمار والنشاط الاقتصادي واضفاء المزيد من الشفافية على إجراءات المعاملات الاقتصادية وتبسيطها وتطويرها.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …