2023-11-16

تواصل انحباس الأمطار في ذروة الموسم: انخفاض الإنتاج الفلاحي أثر سلبا على النمو الاقتصادي سنة 2023

يشكل‭ ‬ضعف‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬عائقا‭ ‬للنمو‭ ‬والتوازنات‭ ‬الخارجية‭ ‬والمالية‭ ‬وله‭ ‬تداعيات‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الجملية‭ ‬وخاصة‭ ‬عبر‭ ‬اتساع‭ ‬العجز‭ ‬المزدوج‭ ‬والركود‭ ‬التضخمي‭.‬

وقد‭ ‬شخص‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬حول‭ ‬تطور‭ ‬الظرف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬الوطني‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬وكانت‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتوقعة‭  ‬بـ0,9%‭ ‬لكامل‭ ‬سنة‭ ‬2023‭.   ‬واعتبر‭ ‬أن‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬قد‭ ‬واجه‭ ‬عدة‭ ‬صدمات‭ ‬خارجية‭ ‬مثل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬والحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الاوكرانية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تواتر‭ ‬عوامل‭ ‬ظرفية‭ ‬غير‭ ‬ملائمة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬شح‭ ‬الامطار‭ ‬مما‭ ‬سلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬تعطل‭ ‬محركات‭ ‬النمو‭ ‬الرئيسية‭ ‬وهي‭ ‬الاستثمار‭ ‬والاستهلاك‭ ‬والتصدير‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬الاشكاليات‭ ‬الهيكلية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬كالمحروقات‭ ‬والفسفاط‭ ‬رغم‭ ‬التحسن‭ ‬التدريجي‭ ‬للنشاط‭ ‬السياحي‭. ‬

وحسب‭ ‬نفس‭ ‬المصدر‭ ‬فإن‭ ‬عديد‭ ‬العوامل‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬سنة‭ ‬2023‭  ‬مثل‭ ‬انخفاض‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭  ‬وذلك‭ ‬تبعا‭ ‬لنقص‭ ‬الامطار‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وبلغ‭ ‬معدل‭ ‬ملء‭ ‬السدود‭ ‬حوالي‭ ‬24%‭ ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الرئيسية‭ ‬وعلى‭  ‬انتاج‭ ‬الحبوب‭ ‬وإنتاج‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬والتمور‭ ‬والقوارص‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬العوامل‭ ‬الاخرى‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬على‭  ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬ذاته‭ ‬ضعف‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الاورو‭ ‬والتي‭ ‬قدرها‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬بـ‭ ‬0,7%‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬مقابل‭ ‬3,3%‭ ‬مسجلة‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬الصناعات‭ ‬المعملية‭ ‬المصدرة‭ .‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬قطاع‭ ‬المحروقات‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الاستثمار‭ ‬الاجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬والاكتشافات‭ ‬الجديدة‭ ‬للحقول‭ ‬النفطية‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬الإنتاج‭ ‬الوطني‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بنسبة‭ ‬14%‭ ‬و7%‭ ‬على‭ ‬التوالي‭  ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬رخص‭ ‬التنقيب‭ ‬يبلغ‭ ‬حاليا‭ ‬17‭  ‬مقابل‭ ‬50‭ ‬سنة‭ ‬2010‭.  ‬ولفتت‭ ‬الوثيقة‭ ‬أيضا‭ ‬الى‭ ‬تأثير‭ ‬ضعف‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الجملية‭ ‬وخاصة‭ ‬عبر‭ ‬اتساع‭ ‬العجز‭ ‬المزدوج‭(‬العجز‭ ‬الجاري‭ ‬وعجز‭ ‬الميزانية‭ ) ‬والركود‭ ‬التضخمي‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمالية‭ ‬العمومية‭  ‬سجل‭ ‬العجز‭ ‬الأولي‭ ‬بدون‭ ‬احتساب‭ ‬الفوائد‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬حاصلا‭ ‬سلبيا‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬وقد‭ ‬عمقت‭ ‬دفوعات‭ ‬الفوائد‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬كما‭ ‬توسع‭ ‬عجز‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬احتساب‭ ‬التخصيص‭ ‬والهبات‭ ‬حسب‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬التعديلي‭ ‬لسنة2023‭ ‬مقارنة‭ ‬بقانون‭ ‬المالية‭ ‬الأصلي‭ ‬إلى‭ ‬7,7%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬مقابل‭ ‬5,2%‭ ‬نتيجة‭ ‬تراجع‭ ‬المداخيل‭ ‬وارتفاع‭ ‬النفقات‭ ‬وخاصة‭ ‬نفقات‭ ‬الدعم‭ .‬كما‭ ‬ارتفعت‭ ‬حاجيات‭ ‬التمويل‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬25,9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬مقابل‭ ‬23,5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬نتيجة‭ ‬تعمق‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬وذلك‭ ‬باعتبار‭ ‬الهبات‭ ‬والمصادرة‭. ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬فإن‭ ‬ضعف‭ ‬الحيز‭ ‬المالي‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬تعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬الخارجية‭ ‬وتواصل‭ ‬نسق‭ ‬ارتفاع‭ ‬التمويل‭ ‬الداخلي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضغوط‭ ‬تضخمية‭ ‬كبرى‭.‬

وتعتبر‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬أنه‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الضغوطات‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للبلاد‭ ‬وكبح‭ ‬تراجع‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬ومكافحة‭ ‬التضخم‭ ‬وجب‭ ‬القيام‭ ‬بتعديل‭ ‬متناسق‭ ‬ودقيق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬توجهات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تشديد‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬وضبط‭ ‬سياسة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإصلاحات‭ ‬وتحفيز‭ ‬السياسات‭ ‬التجارية‭ ‬والقطاعية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬التخفيف‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬معوقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬والنشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬واضفاء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬المعاملات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتبسيطها‭ ‬وتطويرها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تراجع العجز التجاري أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي : خطوة مهمة مع ضرورة الانتباه إلى واردات المواد الأولية والمصنّعة

تقلص العجز التجاري التونسي خلال الأشهر الأربعة الاولى من سنة 2024 ليصبح في حدود (4772 -) م…