2023-11-15

أمام تواصل شحّ الأمطار والجفاف التونسيون مهدّدون في أمنهم الغذائي

تعاني‭ ‬تونس‭ ‬نقصا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الأمطار‭ ‬منذ‭ ‬سبعة‭ ‬مواسم‭ ‬وجفافا‭ ‬مستمرا‭ ‬للعام‭ ‬الثالث‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬مما‭ ‬زاد‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تحدق‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬اقتصادية‭. ‬كما‭ ‬يهدد‭ ‬الجفاف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬العاصمة‭ ‬بالعطش‭ ‬نتيجة‭ ‬تراجع‭ ‬مخزون‭ ‬السدود‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭. ‬وقال‭ ‬المسؤول‭ ‬بوزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬حمادي‭ ‬الحبيب‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬إن‭ ‬الوضع‭ ‬خطير‭ ‬للغاية‭ ‬بسبب‭ ‬سنوات‭ ‬الجفاف‭ ‬المستمرة‭.. ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬منسوب‭ ‬السدود‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬حاليا‭ ‬25‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬سعتها‭ ‬بينما‭ ‬وصل‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط‭. ‬ويضيف‭ ‬فقط‭ ‬660‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬هي‭ ‬كميات‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬37‭ ‬سدا‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

ومنذ‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬سقطت‭ ‬110‭ ‬ملايين‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬خمس‭ ‬المعدل‭ ‬الطبيعي‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬المعدل‭ ‬الاعتيادي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬520‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬جفاف‭ ‬السدود‭ ‬وباتت‭ ‬الخزانات‭ ‬فارغة‭ ‬في‭ ‬أسوإ‭ ‬جفاف‭ ‬تشهده‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وأظهرت‭ ‬بيانات‭ ‬رسمية‭ ‬أن‭ ‬منسوب‭ ‬سد‭ ‬سيدي‭ ‬سالم‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬المزود‭ ‬الرئيسي‭ ‬لمياه‭ ‬الشرب‭ ‬لعدة‭ ‬مناطق،‭ ‬انخفض‭ ‬إلى‭ ‬16‭ ‬بالمئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬طاقته‭ ‬القصوى‭ ‬البالغة‭ ‬580‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭.‬

وقد‭ ‬دخلت‭ ‬تونس‭ ‬مرحلة‭ ‬حرجة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬ومنعرجا‭ ‬خطيرا‭ ‬لطالما‭ ‬حذّر‭ ‬منه‭ ‬مسؤولون‭ ‬وخبراء،‭ ‬فبفعل‭ ‬الجفاف‭ ‬وقلة‭ ‬الأمطار‭ ‬يوشك‭ ‬البلد‭ ‬على‭ ‬استنزاف‭ ‬كامل‭ ‬المياه‭ ‬المخزنة‭ ‬في‭ ‬السدود،‭ ‬بينما‭ ‬يواجه‭ ‬المزارعون‭ ‬مخاطر‭ ‬أكبر‭ ‬حيث‭ ‬تتراجع‭ ‬المحاصيل‭ ‬ويضطر‭ ‬بعضهم‭ ‬لبيع‭ ‬أبقاره‭ ‬وهجرة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬تداعيات‭ ‬شح‭ ‬الأمطار‭ ‬وتراجع‭ ‬منسوب‭ ‬التساقطات‭ ‬الموسمية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬وعديد‭ ‬الزراعات‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬خضروات‭ ‬أو‭ ‬زراعات‭ ‬كبرى‭ ‬أو‭ ‬غلال‭ ‬مما‭ ‬عمّق‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬الفلاح‭ ‬و‭ ‬مسّ‭ ‬أيضا‭ ‬المستهلك‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬مجاراة‭ ‬نسق‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬المياه‭ ‬وغلاء‭ ‬أسعار‭ ‬كل‭ ‬الزراعات‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬أضعاف‭ ‬أضعافها‭.‬

ومن‭ ‬جهته‭ ‬قال‭ ‬أنيس‭ ‬خرباش‭ ‬عضو‭ ‬مركزي‭ ‬بالاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬تصريحه‭ ‬لـاالصحافة‭ ‬اليومب‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬السقوية‭ ‬مغلقة،‭ ‬بفعل‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬تأثيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬وبالأخص‭ ‬موسم‭ ‬الحبوب‭ ‬وأضاف‭ ‬أنهم‭ ‬قاموا‭ ‬بالدعوة‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬المائية‭ ‬وإعلان‭ ‬حالة‭ ‬الجفاف‭ ‬وتكون‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لنقف‭ ‬بجانب‭ ‬الفلاحين‭ ‬والبحارة‭.‬

وأكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬موسم‭ ‬الحبوب‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬2.5‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنة‭ ‬الماضية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭  ‬في‭ ‬حدود11‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخوف‭ ‬اليوم‭  ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفلاح‭ ‬أصبح‭ ‬مهددا‭ ‬حتى‭ ‬بتوفير‭ ‬البذور‭ ‬التي‭ ‬سيزرعها‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بأن‭ ‬تونس‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬2‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬شح‭ ‬المياه‭ ‬و‭ ‬عدم‭ ‬نزول‭ ‬الأمطار‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬والتهديد‭ ‬المباشر‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬للتونسيين،‭ ‬أثر‭ ‬هذا‭ ‬الجفاف‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمواطنين‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬قرار‭ ‬قطع‭ ‬المياه‭ ‬لمدة‭ ‬سبع‭ ‬ساعات‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬حيث‭ ‬أدخلت‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬و‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬و‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬نظام‭ ‬حصص‭ ‬لمياه‭ ‬الشرب‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬الماضي‭ ‬وحظرت‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬حتى‭ ‬30‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الجفاف‭.‬

كما‭ ‬حظرت‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭ ‬في‭ ‬غسيل‭ ‬السيارات‭ ‬وري‭ ‬المساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬وتنظيف‭ ‬الشوارع‭ ‬والأماكن‭ ‬العامة‭. ‬ويواجه‭ ‬المخالفون‭ ‬خطر‭ ‬الغرامة‭ ‬والسجن‭ ‬لمدد‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬ستة‭ ‬أيام‭ ‬وستة‭ ‬أشهر‭.‬

وتشهد‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬استنزافا‭ ‬كبيرا‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬التساقطات‭ ‬وأيضا‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬المياه،‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬يؤكد‭ ‬المسؤولون‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬اليوم‭ ‬وقف‭ ‬النزيف‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬عبر‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬ستسمح‭ ‬باعتماد‭ ‬وتنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬استثنائية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭.‬

أدى‭ ‬غياب‭ ‬سياسات‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬واضحة‭ ‬للترشيد‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الماء‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بدأ‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬خطورتها،‭ ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬الفاعلون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬البيئي‭ ‬والغذائي‭ ‬أن‭ ‬الجفاف‭ ‬يهدد‭ ‬تونس‭ ‬بالعطش‭ ‬ويمثل‭ ‬خطرا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في انتظار القطع مع كل أشكال التشغيل الهش : المــــعــــانــــاة مــــســــتـــمـــرة ..!

يمثل ملف التشغيل تركة ثقيلة للحكومة الحالية ظلت عالقة منذ سنوات ولطالما  مثل نقطة ضغط «سيا…