تعقد مؤتمرها الثالث وتجدّد قيادتها.. «كونيكت» تتقن التقاط اللحظات الفارقة..!
لقد نجحت كونيكت في التموقع ضمن المشهد الاجتماعي والاقتصادي التونسي وفي إرساء التعددية النقابية.. هكذا يقدّم طارق الشريف الرئيس المنتهية ولايته لكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية/كونكت، حصاد تجربة نقابة الأعراف الثانية في بلادنا والذي أسّسها مع عدد من رجال الأعمال منذ سنة 2011 بعد مروره لفترة مهمّة بالمنظمة التقليدية المعروفة باسم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وجاء تقييم الشريف في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثالث لهذه المنظمة يوم الجمعة 10 نوفمبر 2023، والذي انتهى بانتخاب قيادة جديدة تضم 25 عضوا برئاسة أصلان بن رجب، حافظت على قانونها الأساسي ونظامها الداخلي واختارت بالتالي رئيسا جديدا لها خلفا لشخصية وازنة قضت ولايتين متتاليتين وتملك اليوم كل المواصفات وكل المقبولية من القواعد للبقاء جاثمة على رأسها على قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب الذي يصعب أن تجود الحياة بمثله ويصعب أن يوجد من يستطيع مواصله المشروع وتحصين كونكت مثله من المخاطر الداخلية والخارجية..!
وكونيكت التي اختارت التداول وضخ الدماء الجديدة في جسمها، هي لمن لا يعرفها رابطة لرجال الأعمال النقابيين والمواطنين تجمع الشركات الصغيرة والمتوسطة التونسية والاجنبية العاملة في العديد من القطاعات وفي جميع المناطق وهي تضم زهاء 3000 مؤسسة اقتصادية وأكثر من 30 مجمعا مهنيا وأكثر من 70 مكتبا قطاعيا وطنيا وجهويا بالإضافة إلى كونكت الدولية إلى جانب هيكل يعنى بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات وهيكل آخر مختص في التدريب والتشغيل.
وهذه الهيكلة أو الهندسة الداخلية لا تختلف كثيرا عن المنظمة الأم، اتحاد الأعراف الذي يرأسه سمير ماجول لكنها هندسة أكثر فاعلية وجدوى وضجيج ان جاز القول.
ان عقد كونيكت لمؤتمرها الثالث حدث وطني بكل المقاييس يجب التوقف عنده باهتمام كبير نظرا للرسائل التي حملها وكذلك الإشكاليات والتحديات وكذلك الإجابات التي وضعها أمام أعين الجميع وهي جميعها متصلة بالفعل المدني والسياسي وبمقولات النضال والتضحية والوطنية وغيرها من العبارات التي فقدت للأسف بريقها ومعناها.
وعندما يؤكد طارق الشريف مثلا نجاح كونيكت في المشهد التونسي في تكريس التعددية فهو يفاخر صراحة بما حققته منظمته لكنه يكشف أيضا جزءا من الحقيقة التي يريد البعض حجبها فالتعددية مثلا حق لا نقاش فيه لكنه حق أريد به الباطل من قبل منظومات الحكم المتعاقبة على تونس ولم يكن من اليسير نجاح التجربة سواء في المستوى العام أو الخصوصي خصوصا عندما خرجت تجارب التعددية من رحم منظمات قائمة كردّة فعل غاضبة وليس كمشروع جديد ونتحدث هنا بوضوح عن تجربة النقابات العمالية والتعددية النقابية في صفوف الأجراء..
المسألة الثانية والتي لا تقل أهمية هي احترام اللوائح الداخلية والتشريعات الجاري بها العمل سواء في الالتزام بمواعيد المؤتمرات، وهذا ما لم يفعله الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة مثلا الذي حان موعد مؤتمره الوطني لكن لا حديث عنه، أو الجرأة على اتخاذ المواقف الصعبة في اللحظات الصعبة والفارقة وهو ما فعلته كونيكت في بعض التحركات القطاعية كقطاع سيارات الأجرة أو المخابز وغيرها، أو في باب احترام الديمقراطية الداخلية وتكريس مبدإ التداول على المسؤوليات والابتعاد عن التوريث وهي عاهات تشوه اليوم أكثر من نقابة وجمعية وحزب في بلادنا..
ثالثا عندما نتوقف عند شعار مؤتمر كونيكت وهو االقطاعات الاقتصادية بين التهديدات والتطلعاتب ندرك جيدا ان توجه المنظمة ليس قائما على الشعارات فقط وانما على مقاربة واقعية واستشرافية في نفس الوقت فهؤلاء الأعراف الذين قد لا يختلفون عن الأعراف المنضوين في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في الثروات والطموحات والحسابات الخاصة، يمتازون بالقدرة على التقاط اللحظة التاريخية ومثلما بادروا بتأسيس نقابتهم في 2011 في وقت اختلطت فيه الأوراق بين رجال الأعمال الذين انقسموا بين ثوار وأزلام ومختفين ومطلوبين للعدالة وهاربين خارج الوطن، ها هم يتفاعلون مع كل منظومات الحكم المتعاقبة بما في ذلك منظومة 25 جويلية 2021 ويضعون أنفسهم بمنأى عن التدافع والصراع معها بل ويرتبون البيت الداخلي على أساس استيعاب المخاطر والتهديدات الجاثمة والقادمة والمضي بالسرعة القصوى نحو صياغة الحلول للنجاة..
إن الأعراف لم يكونوا يوما صنّاعا للتاريخ في تونس بل كانوا على الهامش او مسدين للخدمات للحكام وكان أغلبهم ضحايا الابتزاز قبل 2011 وبعدها لذلك ربما وجدت تجربة كونيكت الأرض خصبة لإيجاد بديل لنقابة تقليدية رهنت نفسها بمحيطها وظلت ضحية له ومتواطئة معه دون ان تكون صاحبة مبادرة وفعل تقدمي ينهض بالقطاع الخاص ويكمّل دور الدولة الاجتماعية.
ان الأيام القادمة ستكون حاسمة في إبراز مدى تأثير غياب طارق الشريف، ودور أو بصمة أصلان بالرجب، وتداعيات مؤتمر كونيكت على اتحاد الأعراف وعلى سمير ماجول تحديدا ورفاقه في القيادة الذين غاب صوتهم ونشاطهم في الفترة الماضية، وكذلك أيضا تجاوب حكومة الرئيس ورئيس الجمهورية نفسه مع المنظمة ومع قيادتها الجديدة التي تقدم نفسها كقوة لتقديم المقترحات التشريعية والتنظيمية والمالية لتحسين مناخ الاستثمار والمبادرة الخاصة وخلق الثروة وفرص العمل رغم الظروف الجيواستراتيجية والاجتماعية والمجتمعية الصعبة للغاية.
الانتخابات الأمريكية، تعنينا.. ولا تعنينا !
يتطلّع العالم باهتمام كبير لتاريخ الخامس من نوفمبر 2024 لمعرفة الرئيس القادم للولايات المت…