يؤدي نائب رئيسة الوزراء ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني اليوم الجمعة زيارة إلى تونس في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر خاصة مع المستجدات الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط.
وكان من المفترض أن تخصص الزيارة للتباحث حول سبل التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية و تمثل كل من تونس وإيطاليا حلقتين رئيسيتين في سلسلة الهجرة غير النظامية سواء من دول إفريقيا جنوب الصحراء أو من تونس نفسها باتجاه السواحل الأوروبية وتحديدا السواحل الإيطالية.
وقد شكلت قضية الهجرة غير النظامية محور نقاش مشترك بين البلدين منذ بداية العام الجاري والذي عرف تضاعفا غير مسبوق لتوافد المهاجرين والذين تحولوا إلى إشكال حقيقي من ناحية التعاطي مع هذه الأعداد الهائلة من قبل السلطات الإيطالية وقد انتهت زيارة الوفود الأوروبية إلى تونس في الفترة الماضية إلى إمضاء مذكرة التفاهم الإستراتيجية بين تونس و الاتحاد الأوروبي في منتصف جويلية الفارط والتي لم تلق طريقا للتنفيذ في ظل التباين في وجهات النظر بين الطرفين حول طرق تنفيذ البرامج والمشاريع ولتنمية قدرات تونس الاقتصادية والاجتماعية من أجل تثبيت الشباب في بلدانهم.
ويتضح أنه وبالرغم من توتر العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي من خلال ما استشعرته تونس من تلكّؤ في تنفيذ بنود المذكرة من قبل دول الاتحاد فإن السلطات الإيطالية وعلى رأسها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اعتبرت أن الاتفاق بشأن المهاجرين غير النظاميين الموقّع بين الاتحاد الأوروبي وتونس، في جويلية الماضي، «ما يزال هو الحل الأكثر منطقية» للأزمة المستمرة في بلادها.
وأضافت ميلوني أن «المفوضية الأوروبية تعتبر أن مذكرة التفاهم مع تونس يمكن أيضا أن تكون نموذجا بالإمكان استخدامه مع دول أخرى، فنحن نحتاج إلى إتمام هذا النموذج والحصول على الموارد الضرورية، وبعد ذلك يمكن أيضا استخدام المخطط ذاته مع الدول الأخرى في شمال أفريقيا».
و تنص المذكرة على أن يعمل الطرفان على دعم مقاربة مشتركة في مجال الهجرة، تأخذ بعين الاعتبار فوائد الهجرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتقارب بين الشعوب ومعالجة الأسباب العميقة للهجرة غير النظامية إضافة إلى الاتفاق على دعم التنمية المستدامة في المناطق المهمّشة، والنهوض بالتدريب المهني وتشجيع المبادرات الخاصة.
كما سيعمل الجانب الأوروبي مع تونس، «من أجل رفع الجهوزية ضد تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين في كل من تونس والاتحاد الأوروبي، مع مزيد من التنسيق بهدف تكثيف عمليات البحث والإنقاذ وإدارة الحدود ومجابهة تهريب المواطنين».
ووفق نص الاتفاق، فإن الاتحاد الأوروبي سيساعد تونس في جهودها من أجل رفع النمو الاقتصادي، عبر صياغة سياسات ملائمة تضعها تونس، وتشمل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.
غير أن كل هذه البنود وغيرها لم تترجم إلى اليوم إلى مساعدات موجهة إلى تونس في دعم جهودها للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية بالرغم من النجاحات الهامة التي تقوم بها وحدات الأمن والحرس والجيش البحري على هذا المستوى وهو ما من شأنه أن يحد من المضي قدما في تنفيذ ما جاء في مذكرة التفاهم.
ولعل زيارة تاياني إلى تونس تكون قادرة على تحريك المياه الراكدة ورفع اللبس بين تونس والاتحاد الأوروبي والمساهمة في التسريع في تنفيذ بنود اتفاق مذكرة التفاهم و إبرام اتفاقات وشراكات جديدة على المستوى الاقتصادي والتجاري.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني قد أكد في مكالمة مع وزير الشؤون الخارجية الهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار: «سأكون يوم الجمعة في تونس من أجل التباحث في ملف الهجرة غير النظامية». مشيرا إلى ضرورة العمل من أجل السلام والاستقرار الإقليميين، وتفعيل الممرات الإنسانية لحماية المهاجرين خاصة النساء والأطفال.
وسيتعين على تاياني أيضًا محاولة رأب الصدع بين تونس والاتحاد الأوروبي بعد زيارتين مؤجلتين (الأولى لوفد من أعضاء البرلمان الأوروبي، والثانية لمسؤولين من المفوضية الأوروبية) إلى جانب رفض الجانب التونسي الدعم بـ60 مليون أورو والذي كان مخصصا لتخفيف تداعيات جائحة كورونا.
وتفيد الإحصائيات بأنّ أكثر من 85 ألف شخص وصلوا، منذ بداية 2023 وحتى منتصف سبتمبر، إلى السواحل الإيطالية قادمين من الشواطئ التونسية، بمعدل 319 شخص يصلون يوميا، أي بزيادة تفوق الـ360 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
كما تأتي زيارة تاياني في ظل توتر حاد في المنطقة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة على خلفية عملية طوفان الأقصى والتي نفذتها المقاومة الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…