أكاذيب وتلفيق والكيل بمكيالين: الإعلام الفرنسي وقد أعلن إفلاسه؟
ما الذي تريده فرنسا الاستعمارية وهي تكشّر عن أنيابها سياسيا وإعلاميا وتظهر أقبح ما فيها من خلال مواقفها من حرب الإبادة التي يشنها بنو صهيون على غزة ؟
وهل يدير الفرنسيون بنخبهم وساستهم وإعلامييهم ظهورهم لإرث التنوير الذي يعود إلى الثورة الفرنسية وهم يكيلون بمكيالين إزاء قضية عادلة لا لبس فيها ؟
وكيف يفتحون منابرهم لصوت واحد وموقف واحد في تجاوز خطير لكل مقومات التوازن الإعلامي المعروف والذي تعلمناه من المدرسة الفرنسية الصحفية ذاتها؟
ولماذا هذا التعالي على الشعوب العربية التي خرجت للشارع متعاطفة مع أطفال غزة الذين مزقت الآلة العسكرية الصهيونية أشلاءهم وفي مقدمتهم الشعب التونسي؟
نطرح هنا أسئلة الحيرة ونحن أمام موقف يستعصى على الفهم فالإعلام الفرنسي أصبح يضاهي الإعلام الدعائي الصهيوني وربما تجاوزه في أحيان كثيرة وهو ينكل ارمزياب بجثث الشهداء ويستهدف كل من يتعاطف معهم حتى بمجرد الخروج إلى الشارع والهتاف.
والحقيقة أننا نحن التونسيون كنا في صدارة أولئك الذين شن عليهم الإعلام الفرنسي حربا شعواء وصب حمم غضبه علينا وهو يصفنا بـاالإفلاس الأخلاقيب وهو الوصف الذين يليق بهذه المنابر المتصهينة التي اختارت الانحياز المفضوح للآلة العسكرية الصهيونية وأصبحت تدين الضحية وتتخندق إلى جانب الجلاد. وهي في هذا تتساوى مع مواقف عديد الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا وألمانيا وايطاليا وبالتأكيد تتماهى أيضا مع الموقف الأمريكي الذي حرك بوارجه البحرية في اتجاه شرق المتوسط من اجل تطويق المقاومة المطوقة بحصار لا مثيل له في التاريخ المعاصر.
والواضح أن النخب الفرنسية في مجملها مازالت مثل باقي الشعوب الأوروبية تعيش وطأة الذنب إزاء اليهود وهي تتلذذ بالمجازر الفلسطينية ولسان حالها يستحضر ما يعرف بالمحرقة.
وإذا من درس لنا نستخلصه من الحرب الدائرة في غزة إزاء فرنسا بالتحديد فهو أننا لن ننصت من هنا فصاعدا لأي صوت من الأصوات القادمة من هناك والمتشدقة بحقوق الإنسان وقيم التحرر التي تأسست عليها الثقافة الفرنسية كما نستبطنها جميعا في المخيال العالمي.
ونحن نتابع إعلاما موجّها كأن منابرها تنطق من قاعات التحكم في تل أبيب وكأن الشخصيات التي تناقش ما يحدث في فلسطين هم قادة صهاينة وليسوا انخبا مثقفةب أو إعلاميون يبحثون عن الحقيقة أو حتى جزء منها.
الكل يتحدث عن الدفاع المشروع للكيان الغاصب عن نفسه ولا احد يشير من بعيد أو قريب لآخر استعمار استيطاني على وجه الأرض ولحق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن وجودها أمام المحتل.
والكل يتحدث عن االذبحب واالاغتصابب الذي يدّعون ان المقاومة تمارسه وهم يستحضرون السلوك الداعشي ويروّجون مرة أخرى للإسلاموفوبيا من اجل وأد اي تعاطف شعبي ممكن مع الفلسطينيين. يحدث ذلك دون أدلة أو صور حتى الصورة المفبركة التي قدمها رئيس وزراء الكيان المحتل بنيامين نتنياهو وادعى أنها لطفل إسرائيلي متفحم ليتضح لاحقا أنها جثة كلب تم استعمالها لتشويه المقاومة الفلسطينية ولم يعتذر من روّجوا ذلك حتى الآن.
وآخر ما جاد به الإعلام الفرنسي المنحاز جدا للصهاينة التساؤل عن دواعي خروج المسيرات المساندة للشعب الفلسطيني وخصصوا حيزا مهما لتونس وهم يعربون عن استغرابهم لكون الشعب التونسي يستلذ بما أسموه بـاالمجازرب ضد اليهود ويخرج معلنا تضامنه مع حماس وذلك رغم مشاكله الاقتصادية والسياسية واعتبروا هذا اإفلاساب أخلاقيا.
وقد تناسى هؤلاء أن هناك مواطنين تونسيين من أصحاب الديانة اليهودية يعيشون في بلدهم آمنين مطمئنين منذ قرون وبالتالي المسألة لدى التونسيين ليست دينية ولدى العرب عموما وهم الذين يعتبرون االيهودب أبناء عمومتهم والمعركة سياسية بامتياز وليست دينية كما يريد الصهاينة وحلفاؤهم الترويج لها وهم يتغافلون على أن من آذى اليهود تاريخيا هم الأوروبيون المسيحيون البيض وليس العرب مسلمين ومسيحيين وهذه مسائل يطول شرحها تعود الى دواعي تاريخية وانثروبولوجية وسياسية واقتصادية.
كما ان استغرابهم من هبّة التونسيين للتعبير عن التعاطف مع الفلسطينيين رغم البعد الجغرافي والظرف التونسي الدقيق يثير صدمتنا لأنهم اسقطوا من حساباتهم العلاقات العميقة بين الشعبين وامتزاج الدم في حمام الشط وفتح تونس أحضانها للفلسطينيين في أوائل الثمانينات وان الجرح الغزاوي ينزف في قلوب كل التونسيين وهو أمر لا يدركه الباريسيون الذين تحركت فيهم هذه الأيام نعرة التعالي واستيقظت جينات المستعمر القديم.
هذا المستعمر الذي يعبر عن صدمته لمساندة أهلنا في اليمن لإخوانهم الفلسطينيين وكذلك الأشقاء في اندونيسيا الذين خرجوا إلى الشوارع متعاطفين مع غزة.
في الحقيقة نحن أمام سقوط مدوّ وإفلاس قيمي ومعياري وأيضا مهني حقيقي للإعلام الفرنسي الذي لا يعود كما كان عندما تضع الحرب أوزارها مع غزة وسيكون قد فقد مصداقيته إلى الأبد. أما نحن فلسنا ممن يعنيهم ما يقوله هذا المنبر أو ذاك عنا. ونحن نعلم جيدا أن غرف الأخبار مرتبطة بقاعات تحكم صهيونية في كل عواصم العالم تحدد ما يقال وما يكتب وما يصوّر.
مشاركة تونس في القمة الفرنكوفونية بباريس: نحو ترسيخ العلاقات والبحث عن آفاق جديدة
تسعى تونس جاهدة منذ فترة إلى توسيع شراكاتها وترسيخ علاقاتها مع محيطها الإقليمي والدولي عبر…