لقد بلغنا مرحلة تقشّف في الضروريات انهيار «تامّ» للمقدرة الشرائية..!
عانى التونسيون الويلات لسنوات في انتظار تحقّق مطالبهم والتي تتلخّص في مجملها في الحقّ في العيش الكريم …ولكن خابت الانتظارات وغابت الأمنيات وسط ذلك الكم الهائل من الفوضى و الخراب الذي خلفته حكومات ما بعد الثورة فتراجعت مؤشرات التنمية و ساد الفساد و استشرى . . وتتالت السنون و طال أمد الانتظار وبدأ هذا الحلم يتلاشى و يتبدّد وخفت المدّ وهدأت الأصوات أو هُدّت…
يعاني الشعب المسكين الأمرّين في ظل وضع استُنفِدَت بحار وأنهار من الحبر لوصف قسوته وقد دقت طبول الخطر لسنوات لاتخاذ الخطوات الضرورية لوضع حد لتآكل المقدرة الشرائية وانهيارها ولكن الوضع لم يتغير بل ازداد سوءا ، وضع بلغ المنتهى في حدّته و شدّته ولغة الأرقام كفيلة للبرهنة والاستدلال. حيث شهدت المديونية العمومية في تونس تطورا خطيرا من حيث القيمة زائد نسبة التضخم التي تعرف ارتفاعًا لتصل إلى مستوى 9.3 بالمائة وذلك لتسارع نسق الزيادة في الأسعار بين شهري أوت وجويلية 2023.
ويتواصل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من الخدمات الأخرى حيث ارتفع معدل سعر الكيلوغرام الواحد من دجاج اللحم في تونس، خلال شهر سبتمبر 2023 بنسبة 21.5 بالمائة مقارنة بشهر اوت 2023 في حين زاد سعر البيضة الواحدة الموجهة للاستهلاك بنسبة 3.7 بالمائة خلال نفس الفترة.
وأشار المرصد الوطني للفلاحة في بيانات نشرها مؤخرا، أن سعر الكيلوغرام الواحد من دجاج اللحم ارتفع من 5.4 دينار إلى 6 دينار وان سعر البيضة الواحدة زاد من 319.6 مليم خلال أوت 2023 إلى 331.6 مليم خلال سبتمبر 2023 .
وأضاف المرصد إلى أن أسعار الكيلوغرام الواحد من دجاج البيض سجل تراجعا ، على أساس سنوي، قارب 1.3 بالمائة بين سبتمبر 2023 وسبتمبر 2022.
وارتفعت أسعار الاستهلاك في تونس خلال سبتمبر 2023 بنسبة 0.8 بالمائة مدفوعا بأسعار عدة مجموعة استهلاكية من بينها مجموعة التغذية والمشروبات التي سجلت زيادة بنسبة 0.9 بالمائة.
وسجلت أسعار البيض ، وفق المعهد الوطني للإحصاء ارتفاعا ، بنسبة 5.5 بالمائة في حين ارتفعت أسعار الدواجن، بنسبة 4.1 بالمائة.
لقد بلغنا مرحلة يعجز فيها التونسي عن توفير ابسط الضروريات وأسقطت من حساباته العديد من الضروريات ولم نعد نتحدث عن الكماليات ولكن التقشّف طال الضروريات ونزيف المعاناة متواصل والأوضاع غائمة لا مؤشرات في الأفق عن تغير الأحوال ولا بوادر تؤّشر لانفراج قريب …
تواصل الوضع على ماهو عليه يدفع إلى التساؤل عن مآل العديد من العائلات وقد تآكلت ميزانيتها وحوطتها الديون من كل جهة فالأسعار كالجمر يقابلها انهيار غير مسبوق للمقدرة الشرائية كلها عوامل عصفت بميزانيات أغلبية العائلات التونسية المهترئة بطبعها ودفعتها إلى الدخول في دوامة التداين والاقتراض من البنوك لمجاراة نسق غلاء الأسعار وتحقيق الاكتفاء الذاتي من متطلباته …
تفيد آخر الإحصائيات وفق المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك بان 950 ألف أسرة تونسية احد أفرادها لديه قرض و428 ألف منهم لديهم 2 قروض و60 بالمائة من الأسر تعاني من المديونية و540 ألف أسرة تونسية تقترض ديونا لخلاص ديون سابقة كما أن 19 بالمائة هي نسبة تطور قروض الاستهلاك سنويا كما أن حجم دخول التونسي في االروجب يبلغ 600 مليون دينار وهو مؤشر لحجم المعاناة التي بلغها التونسي اليوم في يومياته.
القاصي والداني يعلم اليوم أن اغلب العائلات تعيش على السلفة المسبقة من البنوك ذ الرّوج- أو التداين من الأقارب والأصدقاء لمجابهة المتطلبات ومحاولة الصمود أمام الوضع الخانق والمتأزم … جفّت الحلوق وبحّت الحناجر وشابت الذوائب … للمطالبة بوضع حد لهذه المعاناة ولم تجد لها آذانا صاغية …لقد بلغت الأوضاع الاجتماعية أشدّها …فمتى تتبدل الأحوال ! وهل تعي حكومة الحشاني أننا بلغنا مرحلة العجز عن توفير ابسط الضروريات ؟ مرحلة التقشف في االضرورياتب!!!!
الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل : المراهنة على البحث العلمي آلية للبناء على أسس صلبة
نظم أمس الأربعاء الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل مسيرة انطلقت من وزارة التعليم العالي…