2023-10-17

بعد مشاركة فعّالة لتونس في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك العالمي خطوات لدفع التواصل بين تونس والمؤسسات المانحة..!

مثّلت‭ ‬مشاركة‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬أشغال‭ ‬اجتماعات‭ ‬الخريف‭ ‬السنوية‭ ‬لمجموعة‭ ‬البنك‭ ‬العالمي‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬المنعقدة‭  ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مراكش‭ ‬المغربية‭ ‬فرصة‭ ‬لمزيد‭ ‬التباحث‭ ‬حول‭ ‬سبل‭ ‬دعم‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬تعثر‭ ‬مساعي‭ ‬حصول‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬القرض‭ ‬الذي‭ ‬وافقت‭ ‬عليه‭ ‬لجنة‭ ‬الخبراء‭ ‬بصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬حصول‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬1.9‭ ‬مليار‭ ‬دعما‭ ‬لميزانيتها‭ ‬وبنيتها‭ ‬الاستثمارية‭.‬

وقد‭ ‬خولت‭ ‬مشاركة‭ ‬الوفد‭ ‬التونسي‭ ‬وعلى‭ ‬رأسه‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬سمير‭ ‬سعيد‭ ‬فتح‭ ‬قنوات‭ ‬نقاش‭ ‬وتشاور‭ ‬مع‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هاتين‭ ‬المؤسستين‭ ‬المانحتين‭ ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬أن‭ ‬سعيد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المدافعين‭ ‬على‭  ‬منهج‭  ‬حصول‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬قرض‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬كخطوة‭ ‬باتجاه‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬أزمتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخانقة‭ ‬في‭ ‬تباين‭ ‬مع‭ ‬سردية‭ ‬رئيس‭  ‬الجمهورية‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬ا‭ ‬الاملاءاتب‭ ‬أو‭ ‬التوجهات‭ ‬التي‭ ‬يدفع‭ ‬باتجاهها‭ ‬الصندوق‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬أساسا‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬والتفويت‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬صعوبات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إجراءات‭ ‬مصاحبة‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬دعواته‭ ‬المستمرة‭ ‬لضرورة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الذاتية‭ ‬للبلاد‭.‬

ولعل‭ ‬هذا‭ ‬التباين‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬وفي‭ ‬التصريحات‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬ورئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بدعم‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لتونس‭ ‬عمّق‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬لم‭ ‬تثن‭ ‬الوفد‭ ‬التونسي‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬الخريف‭ ‬في‭ ‬مراكش‭ ‬والذي‭ ‬ضم‭ ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭  ‬مروان‭ ‬العباسي‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬سبل‭ ‬مواصلة‭ ‬سير‭ ‬التعاون‭ ‬المالي‭ ‬والفني‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬البنك‭ ‬العالمي‭ ‬المكلف‭ ‬بمنطقة‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فريد‭ ‬بالحاج‭ ‬ومع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬مؤسسات‭ ‬مالية‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬وقد‭ ‬تناول‭ ‬النقاش‭ ‬برامج‭ ‬العمل‭ ‬للفترة‭ ‬القادمة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‭ ‬الوطنية‭ ‬كبرنامج‭ ‬الأمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبرامج‭ ‬الانتقال‭ ‬الطاقي‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬والدائري‭  ‬وتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لاسيما‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجالات‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬يزور‭ ‬وفد‭ ‬عن‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬إلى‭ ‬17‭ ‬ديسمبر‭ ‬المقبل‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬يقللون‭ ‬من‭ ‬جدوى‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬لإبرام‭ ‬تونس‭ ‬اتفاقا‭ ‬نهائيا‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭  ‬فإن‭ ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬يقرأ‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مؤشر‭ ‬إيجابي‭ ‬وعلى‭ ‬أنها‭ ‬تقيم‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والصندوق‭.‬

كما‭ ‬أكد‭ ‬العباسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إطلاق‭ ‬إصلاحات‭ ‬اقتصادية‭ ‬اعتبرها‭ ‬أساسية،‭ ‬لاستعادة‭ ‬نسق‭ ‬النمو‭ ‬وإرساء‭ ‬اقتصاد‭ ‬دامج‭ ‬ومستديم‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭ ‬سواء‭ ‬بمرافقة‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬أو‭ ‬بدونه‭.‬

ويرى‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‭ ‬التقني‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭  ‬تجد‭  ‬تونس‭  ‬نفسها‭ ‬مدعوة‭ ‬لتقديم‭ ‬برنامج‭ ‬إصلاحات‭ ‬جديد‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬تنموية‭ ‬واقتصادية‭ ‬تراعي‭ ‬مصالح‭ ‬البلاد‭ ‬تنطلق‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬سلسلة‭ ‬مفاوضات‭ ‬جديدة‭ ‬علّها‭ ‬تمكن‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬التوصل‭  ‬لاتفاق‭ ‬نهائي‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭  ‬قد‭ ‬يعطي‭ ‬دفعا‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شح‭ ‬السيولة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬وتواصل‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الاستثمار‭ ‬العمومي‭.‬

ويأتي‭ ‬موقف‭ ‬الصندوق‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬ضمن‭ ‬رؤية‭ ‬متشائمة‭ ‬لأداء‭ ‬اقتصاديات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬حيث‭ ‬توقع‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬2‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الجاري،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الحروب‭ ‬والتوترات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬وخفض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬وتشديد‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭.‬

‭ ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭  ‬إلى‭ ‬أن‭  ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتخطيط‭  ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬حول‭ ‬الرهانات‭ ‬والحلول‭ ‬لدعم‭ ‬الإدماج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭  ‬حيث‭ ‬قدم‭  ‬مداخلة‭  ‬تعرض‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬التجربة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وما‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬لدعم‭  ‬التمكين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬لاسيما‭ ‬الشباب‭ ‬والمرأة‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬برامج‭  ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬واندماج‭ ‬هذه‭ ‬الفئات‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إحداث‭ ‬مشاريع‭ ‬صغرى‭ ‬ومواطن‭ ‬رزق‭ ‬لائقة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…