عز الدين سعيدان لـ «الصحافة اليوم»: تغطية عجز الميزانية ونفقات الدولة يجب ألا تتم عبر الاقتراض الخارجي
أكد مروان العباسي محافظ البنك المركزي بأن تونس سددت مختلف الفواتير المتعلقة بشراءاتها وديونها وهي أيضا قادرة حسب تعبيره على سداد القسط الأكبر منها في أواخر اكتوبر 2023 والمقدر بأكثر من 500 مليون اورو.وبقدر ما تثير هذه التصريحات قدرا من الارتياح المتعلق بابتعاد تونس عن مخاطر عدم سداد ديونها الذي كانت مهددة به في وقت سابق فإن هذه التصريحات تدل أن الثمن لم يكن هينا وأن هناك تضحيات كبيرة حصلت في المقابل.
صحيح أن الابتعاد عن شبح ومخاطر عدم تسديد الديون هو مكسب هام بالنسبة لتونس وأن نجاحها في سداد ديونها هو تحد كبير في حد ذاته ولكن يبدو أن ذلك تحقق على حساب أولويات أخرى، وعلى حساب النمو الاقتصادي والاستثمار وتزويد السوق بالمواد الاساسية وغيرها ..وهي معادلة صعبة جدا في حقيقة الأمر وفق الخبير في الاقتصاد عز الدين سعيدان في تصريحه لـ االصحافة اليومب الذي اعتبر أن نسبة النمو الاقتصادي المسجلة خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري كانت سلبية (1,3% -) هذا زيادة على الاشكاليات المتعلقة بالاستثمار والبطالة وارتفاع التضخم المالي.
وأوضح أن تسديد الديون كان بفضل تحسن الموسم السياحي مقارنة بالموسم الفارط وبالتالي كانت مداخيله ارفع اضافة الى زيادة تحويلات التونسيين بالخارج. واكد عز الدين سعيدان ان تونس وجدت نفسها هذا العام أمام خيار صعب جدا وهو تسديد الدين أو تزويد السوق بالمواد الأساسية.ويبدو أن تونس اعتبرت أن الاولوية ستكون لتسديد مستحقات الدين الخارجي حتى لو كان ذلك على حساب تزويد السوق بالمواد الأساسية وفق قوله مقرّا بأن المعادلة كانت صعبة جدا واتخاذ القرار والتصرف في هذا الوضع لم يكن سهلا بالمرة. ولكن في المقابل اكد سعيدان انه يجب ادراك أن خدمة الدين الخارجيه بالنسبة للسنة القادمة 2024 ستكون أكبر بكثير من هذه السنة متسائلا هل يمكن المواصلة في نفس هذا الطريق؟ لأن الإشكال في تونس لا يتعلق بقرض صندوق النقد الدولي بل بالتأخر الكبير للاصلاحات التي أصبحت ضرورية ولامفر منها ولكنها تأخرت كثيرا. وفي السياق ذاته قلل سعيدان من أهمية الزيارة المرتقبة لوفد صندوق النقد الدولي الى تونس خلال شهر ديسمبر القادم قائلا أن وفدا من الصندوق يتنقل مرة كل سنة الى كل دول العالم ضمن ما يسمى بمراجعة في إطار الفصل الرابع وذلك للتأكد من الأرقام ومن المؤشرات ولا تتضمن وفق قوله نقاشا بخصوص التمويل ولا القروض.
وللإشارة فقد سبق أن اعتبر محافظ البنك المركزي مروان العباسي في ذات التصريحات أنّ الزيارة التي سيقوم بها فريق من صندوق النقد الدولي إلى تونس من 5 إلى 17 ديسمبر 2023 ، تعد إشارة اإيجابيةب تقيم الدليل على إعادة التواصل بين الطرفين، مضيفا في حوار أدلى به لوكالة الأنباء الرسمية،أنّ هذه الزيارة ستتمّ في إطار المادّة الرابعة للصندوق، المتعلقة بمراجعة أداء الاقتصاد التونسي وإصدار تقرير في الغرض. وشدد سعيدان في السياق نفسه على أن المفاوضات السابقة مع صندوق النقد الدولي في إطار القرض بقيمة 1,9مليار دولار قد انتهت نهائيا وحتى الاتفاق المبدئي لـ15اكتوبر 2022 أصبح لاغيا ايضا، حيث تم التوصل اليه في إطار مؤشرات سابقة ومعطيات اخرى لم تعد صالحة اليوم.
كما أضاف سعيدان انه إذا أرادت تونس أن تعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فعليها أن تنطلق من نقطة البداية من جديد كأن شيئا لم يكن. وهذا الأمر يطرح من جديد مسألة المديونية التي أصبحت معضلة في تونس وحلقة مفرغة يتطلب الخروج منها حسب سعيدان إصلاحات وإعادة الاقتصاد الى لعب أدواره الثلاثة الأساسية وهي خلق النمو وخلق الثروة وخلق مواطن الشغل الحقيقية وهذا لن يتم في نظره الا بالقيام بالإصلاحات الضرورية التي لا مفر منها. وفي إجابته عن أن الإصلاحات بدورها تتطلب تمويلات نفى سعيدان ذلك قائلا أنه اذا توفرت العزيمة للقيام بالاصلاحات فإنه يتم إيجاد الموارد المالية لها مثلما تم إيجاد الموارد المالية للرفع في ميزانية الدولة من 18مليار دينار سنة 2010 إلى 70 مليار دينار في 2023 قائلا االمفروض أن اي اقتراض من الخارج يتم تخصيصه لتمويل الإصلاحات والاستثمارات العمومية ولكننا واصلنا الاقتراض لتغطية عجز ميزانية الدولة وتغطية النفقات العامة وهذا هو الفخ الذي وقعت فيه تونس منذ سنوات ويجب ان تخرج منه ب وفق تعبيره.
والجدير بالذكر ان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قال ايضا أنه اعلينا أن نقوم بالإصلاحات (التي هي أساسية) لإستعادة نسق النمو ولتتمكن تونس من ارساء اقتصاد دامج ومستديم يأخذ في الاعتبار التغيّرات المناخية سواء بمرافقة صندوق النقد الدولي أو دونه.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …