2023-10-17

عز الدين سعيدان لـ «الصحافة اليوم»: تغطية عجز الميزانية ونفقات الدولة يجب ألا تتم عبر الاقتراض الخارجي

أكد‭ ‬مروان‭ ‬العباسي‭ ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬بأن‭ ‬تونس‭ ‬سددت‭ ‬مختلف‭ ‬الفواتير‭ ‬المتعلقة‭ ‬بشراءاتها‭ ‬وديونها‭ ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬قادرة‭ ‬حسب‭ ‬تعبيره‭ ‬على‭ ‬سداد‭ ‬القسط‭ ‬الأكبر‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬اكتوبر‭ ‬2023‭ ‬والمقدر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬اورو‭.‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تثير‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬الارتياح‭ ‬المتعلق‭ ‬بابتعاد‭ ‬تونس‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬عدم‭ ‬سداد‭ ‬ديونها‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬مهددة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تدل‭ ‬أن‭ ‬الثمن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هينا‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬تضحيات‭ ‬كبيرة‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬المقابل‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬شبح‭ ‬ومخاطر‭ ‬عدم‭ ‬تسديد‭ ‬الديون‭ ‬هو‭ ‬مكسب‭ ‬هام‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتونس‭ ‬وأن‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬سداد‭ ‬ديونها‭ ‬هو‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬تحقق‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أولويات‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستثمار‭ ‬وتزويد‭ ‬السوق‭ ‬بالمواد‭ ‬الاساسية‭ ‬وغيرها‭ ..‬وهي‭ ‬معادلة‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬وفق‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬سعيدان‭ ‬في‭ ‬تصريحه‭ ‬لـ‭ ‬االصحافة‭ ‬اليومب‭ ‬الذي‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭  ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المسجلة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬كانت‭ ‬سلبية‭ (‬1,3%‭ -) ‬هذا‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬الاشكاليات‭ ‬المتعلقة‭  ‬بالاستثمار‭ ‬والبطالة‭ ‬وارتفاع‭ ‬التضخم‭ ‬المالي‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬تسديد‭ ‬الديون‭ ‬كان‭ ‬بفضل‭ ‬تحسن‭ ‬الموسم‭ ‬السياحي‭  ‬مقارنة‭ ‬بالموسم‭ ‬الفارط‭ ‬وبالتالي‭ ‬كانت‭ ‬مداخيله‭ ‬ارفع‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬زيادة‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭. ‬واكد‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬سعيدان‭ ‬ان‭ ‬تونس‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أمام‭ ‬خيار‭ ‬صعب‭ ‬جدا‭ ‬وهو‭ ‬تسديد‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬تزويد‭ ‬السوق‭ ‬بالمواد‭ ‬الأساسية‭.‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬الاولوية‭ ‬ستكون‭ ‬لتسديد‭ ‬مستحقات‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬تزويد‭ ‬السوق‭ ‬بالمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭ ‬مقرّا‭ ‬بأن‭ ‬المعادلة‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬والتصرف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سهلا‭ ‬بالمرة‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬اكد‭ ‬سعيدان‭ ‬انه‭ ‬يجب‭ ‬ادراك‭  ‬أن‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجيه‭ ‬بالنسبة‭ ‬للسنة‭ ‬القادمة‭ ‬2024‭ ‬ستكون‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬متسائلا‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬المواصلة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬الطريق؟‭ ‬لأن‭ ‬الإشكال‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بقرض‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬بل‭ ‬بالتأخر‭ ‬الكبير‭ ‬للاصلاحات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬ضرورية‭ ‬ولامفر‭ ‬منها‭ ‬ولكنها‭ ‬تأخرت‭ ‬كثيرا‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬قلل‭ ‬سعيدان‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الزيارة‭ ‬المرتقبة‭ ‬لوفد‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬الى‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬القادم‭ ‬قائلا‭ ‬أن‭ ‬وفدا‭ ‬من‭ ‬الصندوق‭ ‬يتنقل‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بمراجعة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ ‬وذلك‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬ومن‭ ‬المؤشرات‭ ‬ولا‭ ‬تتضمن‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭ ‬نقاشا‭ ‬بخصوص‭ ‬التمويل‭ ‬ولا‭ ‬القروض‭.‬

وللإشارة‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬اعتبر‭  ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬مروان‭ ‬العباسي‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التصريحات‭ ‬أنّ‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬سيقوم‭ ‬بها‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬إلى‭ ‬17‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭ ‬،‭ ‬تعد‭ ‬إشارة‭ ‬اإيجابيةب‭ ‬تقيم‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬مضيفا‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬لوكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الرسمية،أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬ستتمّ‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المادّة‭ ‬الرابعة‭ ‬للصندوق،‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمراجعة‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وإصدار‭ ‬تقرير‭ ‬في‭ ‬الغرض‭. ‬وشدد‭ ‬سعيدان‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬السابقة‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬القرض‭ ‬بقيمة‭ ‬1,9مليار‭ ‬دولار‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭ ‬نهائيا‭ ‬وحتى‭ ‬الاتفاق‭ ‬المبدئي‭ ‬لـ15اكتوبر‭ ‬2022‭  ‬أصبح‭ ‬لاغيا‭ ‬ايضا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬اليه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مؤشرات‭ ‬سابقة‭ ‬ومعطيات‭ ‬اخرى‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬صالحة‭ ‬اليوم‭.‬

كما‭ ‬أضاف‭ ‬سعيدان‭ ‬انه‭ ‬إذا‭ ‬أرادت‭ ‬تونس‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬فعليها‭ ‬أن‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬كأن‭ ‬شيئا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭. ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يطرح‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬مسألة‭ ‬المديونية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬معضلة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وحلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬يتطلب‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬حسب‭ ‬سعيدان‭ ‬إصلاحات‭ ‬وإعادة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الى‭ ‬لعب‭ ‬أدواره‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأساسية‭ ‬وهي‭ ‬خلق‭ ‬النمو‭ ‬وخلق‭ ‬الثروة‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل‭ ‬الحقيقية‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬الا‭ ‬بالقيام‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭. ‬وفي‭ ‬إجابته‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الإصلاحات‭ ‬بدورها‭ ‬تتطلب‭ ‬تمويلات‭ ‬نفى‭ ‬سعيدان‭ ‬ذلك‭ ‬قائلا‭ ‬أنه‭ ‬اذا‭ ‬توفرت‭ ‬العزيمة‭ ‬للقيام‭ ‬بالاصلاحات‭ ‬فإنه‭ ‬يتم‭ ‬إيجاد‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬لها‭ ‬مثلما‭ ‬تم‭ ‬إيجاد‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬للرفع‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬18مليار‭ ‬دينار‭ ‬سنة‭ ‬2010‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬قائلا‭ ‬االمفروض‭ ‬أن‭ ‬اي‭ ‬اقتراض‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬يتم‭ ‬تخصيصه‭ ‬لتمويل‭ ‬الإصلاحات‭ ‬والاستثمارات‭ ‬العمومية‭ ‬ولكننا‭ ‬واصلنا‭ ‬الاقتراض‭ ‬لتغطية‭ ‬عجز‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وتغطية‭ ‬النفقات‭ ‬العامة‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الفخ‭ ‬الذي‭ ‬وقعت‭ ‬فيه‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ويجب‭ ‬ان‭ ‬تخرج‭ ‬منه‭ ‬ب‭ ‬وفق‭ ‬تعبيره‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬ان‭  ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬مروان‭ ‬العباسي‭ ‬قال‭ ‬ايضا‭ ‬أنه‭ ‬اعلينا‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بالإصلاحات‭ (‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساسية‭) ‬لإستعادة‭ ‬نسق‭ ‬النمو‭ ‬ولتتمكن‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬ارساء‭ ‬اقتصاد‭ ‬دامج‭ ‬ومستديم‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭ ‬سواء‭ ‬بمرافقة‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬أو‭ ‬دونه‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الخبير غازي معلى لـ«الصحافة اليوم»: التحدي المطروح أمام الرئيس في ولايته الثانية اقتصادي بامتياز

بعد الانتخابات الرئاسية في تونس من المتوقع ان تكون الاولويات الاقتصادية للفترة القادمة موج…