متى تُعالج ملفات بهذا الحجم من «الخراب»؟ عودة التهديد بالإضراب وتواصل الاعتصام في شركات البستنة «الوهمية»..!
في تطور لافت، أصدر أمس الأول الجمعة، الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين برقية دعا فيها عمال البيئة والغراسات والبستنة إلى الإضراب عن العمل يومي 24 و25 أكتوبر الجاري ردّا على ما سمّاها سياسة االمماطلة المتعمّدةب في صرف الأجور في آجالها واعدم تطبيق الاتفاقيات السابقةب.
وتأتي هذه الدعوة الى الاضراب بعد اعتصام استمر منذ اسابيع، وانتقل مؤخرا من أمام المقر الاجتماعي للشركة، الى أمام مقرّ الولاية، تنفذه العناصر النقابية، للمطالبة بتفعيل اتفاقات سابقة، أهمها تصنيف الشركة طبقا لمحضر اتفاق 5 نوفمبر 2020، وتفعيل الزيادات العامة في الاجور بعنوان سنوات 2023-2024-2025، وتحيين شبكة الأجور على قاعدة الاجر الادنى المضمون، وصرف المفعول الرجعي لتعديل زيادتي 2015-2016، وصرف الأجور في آجالها.
وللتذكير فهذه ليست المرة الاولى التي يخوض فيها عمال واطارات الشركة المذكورة اضرابات واعتصامات واحتجاجات، بل يمكن القول ان هذه المظاهر تحولت الى رياضة يومية في السنوات الاخيرة، ولعل أشهرها انهائياتب الكامور، التي اطلع خلالها التونسيون على أكبر ملف يمكن تسميته بالغريب او العجيب او حتى الخيالي.
فالشركة قامت أساسا على اتفاقات وهمية، مؤقتة، وفرضتها ظروف معينة على دولة ضعيفة، كانت تريد ان تشتري سكوت الناس، ووجدت في مقابلها مجموعة محترفة قادرة على التفاوض وتتقن فن الابتزاز، فكرّست وضعا قانونيا قائما على نظام خاص يؤمّن أجورا لعشرات الآلاف من العاطلين دون ان يقدّموا مقابل ذلك أي عمل، بل وأغلبهم يشتغل في قطاعات أخرى، أو سافر الى الخارج، وفيهم من رحل ومن مات ومن أصبح تاجرا ومن ارتحل في ارض الله الواسعة، لكن الجميع مازال يستلم راتبه كل آخر شهر، ويطالب بالزيادات والمنح وحتى بتفعيل المفعول الرجعي لزيادات وقع الحديث عنها في 2015 و2016.
اللمسات الاخيرة التي قنّنت هذه الظاهرة وأضفت عليها الصبغة القانونية وصيّرتها وضعا قائما لا يمكن التراجع فيه، وقعت في عهد حكومة الشاهد، وأمضى عليها الوزير عماد الحمامي والسيد منصف عاشور بصفته مكلفا من قبل رئاسة الحكومة، وأمضى عليها من الطرف المقابل مجموعة من شباب المنطقة، أغلبهم غادر البلاد نحو صربيا، والبقية فيهم اثنان محكومان وواحد في حالة فرار.
الجميع يعرف ان هذه الشركة لا تشتغل، ولم ولن تشتغل، لكن الجميع يمارس لعبة الصمت، بمنطق الا تاذيني لا ناذيكب، وبمنطق ابتزاز لا لبس فيه، قوامه فلسفة قامت عليها حكومة الباجي قايد السبسي الاولى عام 2011، وهو منطق اأعطوهم فلوس خللي يسكتوب، لكن يبدو ان طول المدة، وتراكم العجز في الخزينة العامة، قد أوصل الامور الى مرحلة تأخر الرواتب، وهذا ما دفع الى حالة توتر في تطاوين، سرعان ما عالجها الاتحاد الجهوي للشغل كعادته هناك، بالدعوة الى اضراب عام بيومين.
الاتحاد الجهوي هناك لم نتعود منه حلولا أخرى غير هذه، رغم أنه مرفوض في أغلب الأوقات من منتسبي الشركة، ورغم أنهم لا يفوّتون أي فرصة للنيل منه في بياناتهم وبلاغاتهم، ويتهمونه بشتى التهم، لكنه يصرّ كل مرة على إشعال فتيل الإضرابات في وضع هو في حالة عطالة بطبيعتها، ودعوة أناس لا يعملون إلى الامتناع عن العمل.
ملفّ بهذا الحجم، تسكت عليه الدولة، وتتركه لمجموعة من الهوّاة، ومن محترفي االثورجوتب النقابي المنفلت ليعالجوه بالطريقة التي لا تخدم الا مصالحهم ومصالح الذين يتوافقون معهم في ملفات أخرى أكثر غموضا.
ملفّ بهذا الحجم، يحتاج الى وقفة حازمة وجادة من الجميع، ويُطرح على طاولة البحث والتدقيق بكل صدق وشفافية ووضوح، وسينكشف ساعتها حجم الخور الذي انبنى عليه، وستنكشف أكبر أكذوبة عرفها تاريخ تونس الاجتماعي الحديث.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …