في الأسبوع الأول لـ«طوفان الأقصى» وما سيليه.. الوحدة الوطنيّة شرط الصمود من تونس إلى فلسطين
وهذه ليست المرة الأولى التي تتواتر فيها صور الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ الذين يتم إخراجهم من تحت أنقاض المباني التي يدكها العدو الصهيوني بأعتى الأسلحة ظنا منه بأن استهداف المدنيين فوق الأرض قد يقلب المعادلات ويحقق النصر، وكأنه لا يعلم ولا يدرك ان الأرض الفلسطينية برمتها وقطاع غزة على وجه التحديد ارض فلسطينية تحت السيادة الفعلية للفلسطينيين برا وبحرا وجوا، والمفاجآت في الطريق في الأيام والأسابيع التي ستأتي.
ورغم ان الوقت ما يزال مبكرا للحديث على الانتصارات والمكاسب فان ما تحقق إلى حد الآن هو كما أسلفنا وبكل المقاييس الإستراتيجية والسياسية والدبلوماسية والأخلاقية وحتى العسكرية لصالح الحق الفلسطيني، فالمقاومة حق مشروع وفق الأعراف والشرائع والقوانين الدولية كما ان سلوك الكيان الصهيوني اليوم وسلوك رعاته يكشف رغم التعتيم على الخسائر المادية والبشرية أحيانا، وتهويلها أحيانا أخرى بغرض الإساءة للمقاومة وتشويهها، هذا كله يكشف أن الفلسطينيين هم المنتصرون وأنهم بقطع النظر عن السيناريوهات القادمة والدخول في العمليات والترتيبات السياسية لن يخسروا سوى قيودهم.
ولسنا نغالي حين نقول إن ما يحصل في فلسطين اليوم هو بصدد تحقيق فرز حقيقي بين الدول وبين الشعوب وداخل الدول ذاتها، بين السلط الحاكمة والأطياف المدنية والسياسية وهنا سجلنا نحن وسجل العالم ان التوافق والتناغم بين تونس الرسمية وتونس الشعبية ثابت في بلادنا وكما كنّا على مر التاريخ نقتدي بالبوصلة ونصيغ مواقفنا على أساس ان الحق الفلسطيني لا يسقط بالتقادم وأن دورنا ليس مجرد الدعم اللفظي والاستعراضي وانما الاشتراك في الاشتباك مع العدو.
اجل إن تونس الرسمية اولا قد فتحت جبهة مع الكيان الصهيوني ومع رعاته الذين ما فتئوا يبتزون بلادنا تارة بقرض صندوق النقد الدولي وتارة أخرى بموضوع الهجرة غير النظامية وتارة أيضا بالديمقراطية وحقوق الإنسان التي يتجاهلونها اليوم في فلسطين، وهي جبهة دبلوماسية وسياسية وقيمية سواء بالموقف الصادر منذ اليوم الأول عن الرئاسة التونسية وإعلان الدعم الكامل وغير المشروط لحقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية ثم اجتماع مجلس الوزراء الخارجية العرب وقلب الطاولة في النهاية بالتبرّؤ من البيان الختامي علاوة على تقديم نفس الموقف وشرحه للأشقاء والأصدقاء في مشارق الارض ومغاربها.
من جانبها فتحت تونس الشعبية جبهة أخرى مع العدو بدت فاترة في البداية لكنها بدأت بالتصاعد سواء من خلال تنظيم المسيرات في الشوارع والساحات العامة أو في استنباط أشكال تضامنية أخرى وخصوصا البدء في جمع التبرعات والمساعدات المادية وكذلك التبرع بالدم.
وفي خطوة تساير وتواكب ما فعلته رئاسة الجمهورية في جامعة الدول العربية ها هو الاتحاد العام التونسي للشغل يضع الاتحاد الدولي للعمال امام مسؤوليته وينتقد تعاطيه مع ما يحدث في فلسطين من جرائم في حق العمال الفلسطينيين وعموم الشعب الفلسطيني الى جانب التركيز على الإعلام وعلى تقديم الأخبار والمعطيات والقراءات التفسيرية التحليلية التي تبنى على المضامين وليس على الشعارات.
وحتى تكون النجاعة قوية وفعالة، آن الأوان لتوحيد المقاومة في هذه الجبهات الشعبية والرسمية وتقاسم الادوار والتنسيق بينها وترتيب الجهود حتى لا تذهب سدى فمواقف اتحاد الشغل على سبيل المثال والرابطة التونسية للدفاع عن حق الانسان ونقابة الصحافيين التونسيين وغيرها يجب ان تكون في الشبكات والمنظمات الدولية غير الحكومية او الأهلية او المدنية كما يقال في الشرق معززة ودافعة لمواقف السلطة في المنظمات الرسمية الإقليمية والدولية.
وفي تقديرنا فان المناخ الذي تنجح فيه مثل هذه المقاربة، من شروطها الضرورية تكريس الوحدة الوطنية وتنقية المناخ الاجتماعي والسياسي وطيّ صفحة الخلافات التي ميزت المرحلة الماضية فالمرحلة هي مرحلة متقدمة في صراع الوجود الذي يخوضه الشعب الفلسطيني حاليا نيابة عنا لكنه صراع شامل يهم الشعوب العربية والدول العربية، ويؤسس في المحصلة لمشهدية جديدة ولخارطة جيوسياسية استثنائية سيتم على قاعدتها ترتيب المنطقة وإعادة تشكيلها بناء على موازين القوى الراهنة بعد اطوفان الأقصىب.
واذا كانت الوحدة الوطنية هي شرط النجاعة في بلادنا وحتى في الدول العربية الاخرى لتحصين الصمود والنجاح في إسناد فلسطين والفلسطينيين فهي ايضا أقوم المسالك كي يحقق شعبنا الفلسطيني انتصاره المرحلي في أفق الانتصار النهائي على الكيان الصهيوني وتكريس حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في فلسطين المحتلة.
اليوم تتعزز الوحدة الوطنية بالقوة وتشكل غرفة العمليات المشتركة بين مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية إطارا عسكريا وسياسيا وإعلاميا لا بديل عنه ولا مناص من تجاوز بعض الحسابات الخاصة وحتى بعض التقييمات التي أصبحت كادوك في علاقة بعملية ما سمي بالسلام مع الكيان الصهيوني منذ مدريد 1990 وسيسمح دون أدنى شك بصعود أسس وأعمدة الدولة الفلسطينية شاء من شاء وأبى من أبى.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…