2023-10-09

بعد العملية الجريئة في فلسطين المحتلة : المنطقة مقبلة على متغيّرات كبرى وعلى تونس أن تتهيّأ..!

عاش‭ ‬العالم‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬السبت‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬عملية‭ ‬فدائية‭ ‬جريئة‭ ‬داخل‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬هزّت‭ ‬معنويات‭ ‬العدو‭ ‬وخلخلت‭ ‬أساسات‭ ‬وثوابت‭ ‬عدّة‭ ‬بدأت‭ ‬تترسّخ‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬العملية‭ ‬النوعية‭ ‬الشجاعة‭ ‬والجريئة،‭ ‬كما‭ ‬أعادت‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬ميدانيا‭ ‬وسددت‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬ضربة‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬معنوياته‭ ‬ومرّغت‭ ‬كبرياءه‭ ‬في‭ ‬تراب‭ ‬غزة‭ ‬وغلافها‭ ‬والبلدات‭ ‬المجاورة‭ ‬لها،‭ ‬فستعيد‭ ‬أيضا‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬السياسية‭ ‬اقليميا‭ ‬ودوليا،‭ ‬وستكون‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الصُّـعُد‭ ‬والمسارات،‭ ‬خاصة‭ ‬مسار‭ ‬عملية‭ ‬السلام ‬التي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والاسرائيليين،‭ ‬او‭ ‬عملية‭ ‬التطبيع‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬بين‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

المؤكد‭ ‬ان‭ ‬العدو‭ ‬لن‭ ‬يسكت‭ ‬ولن‭ ‬يمرر‭ ‬هذه‭ ‬الضربة‭ ‬القوية‭ ‬بسلام،‭ ‬وستعرب‭ ‬آلته‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقد‭ ‬يمتد‭ ‬الحريق‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬غزة،‭ ‬وقد‭ ‬يطال‭ ‬دولا‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وحتى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬المنطقة،‭ ‬ثأرا‭ ‬لكبريائه‭ ‬الممرغة‭ ‬في‭ ‬الوحل،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬جولة‭ ‬سياحية‭ ‬لجيشه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ا‭ ‬لا‭ ‬يُقهرب‭ ‬سابقا،‭ ‬بل‭ ‬ستكون‭ ‬نتائجه‭ ‬وخيمة‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬الجميع‭.‬

فالسلاح‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬تقليديا‭ ‬وكلاسيكيا‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬السابقة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬كذلك،‭ ‬والصواريخ‭ ‬والمسيّرات،‭ ‬باتت‭ ‬سلاحا‭ ‬بيد‭ ‬الجميع،‭ ‬ولن‭ ‬تمر‭ ‬عربدته‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭.‬

هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المنتظرة‭ ‬ستنعكس‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬وتونس‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬وهنا‭ ‬وجب‭ ‬التحضّر‭ ‬والاحتياط،‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬بالمرة،‭ ‬لأن‭ ‬الحرب‭ ‬القادمة،‭ ‬والتي‭ ‬اندلعت‭ ‬شرارتها‭ ‬صباح‭ ‬الامس‭ ‬السبت،‭ ‬لن‭ ‬تستثني‭ ‬أحدا‭ ‬في‭ ‬الاقليم‭ ‬والمنطقة،‭ ‬وستكون‭ ‬عواقبها‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الجميع‭.‬

تونس‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬صدام‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬الايام‭ ‬القادمة،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري،‭ ‬باعتبار‭ ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬تماسّ‭ ‬مباشر،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬باقي‭ ‬المستويات،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬يتأثر‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬التونسي،‭ ‬بكل‭ ‬نصر‭ ‬وبأي‭ ‬هزيمة،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬تعبيرا‭ ‬بل‭ ‬حقيقة‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬السابقة‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬واسرائيل،‭ ‬وكانت‭ ‬انعكاساتها‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الشارع‭ ‬التونسي،‭ ‬رغم‭ ‬ندرة‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬والاتصال‭ ‬ساعتها‭.‬

أما‭ ‬التأثير‭ ‬الكبير‭ ‬فسيكون‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬تشتعل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ستنعكس‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬والطاقة‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬التي‭ ‬ستشتعل‭ ‬أسعارها،‭ ‬أكثر‭ ‬مرات‭ ‬ومرات‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬مشتعلة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬كما‭ ‬سينعكس‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬مرور‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬أغلب‭ ‬مضائق‭ ‬ومعابر‭ ‬العالم‭ ‬تقريبا،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤثر‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وقوي‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬باقي‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬وأسعار‭ ‬النقل‭ ‬والتأمين‭ ‬والعملة،‭ ‬وكل‭ ‬المرافق‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬اي‭ ‬بلد‭ ‬ليعيش‭.‬

وباعتبار‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬بلادنا،‭ ‬فان‭ ‬الاحتياط‭ ‬ضروري‭ ‬وضروري‭ ‬جدا،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الابتعاد‭ ‬قدر‭ ‬الامكان‭ ‬عن‭ ‬مقولات‭ ‬ان‭ ‬الحرب‭ ‬بعيدة‭ ‬وما‭ ‬دخلنا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬الشرق‭ ‬الاوسط‭ ‬وغيرها،‭ ‬فتلك‭ ‬كلمات‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬فهم‭ ‬لطبيعة‭ ‬التحولات‭ ‬العالمية،‭ ‬التي‭ ‬أضحى‭ ‬بموجبها‭ ‬العالم‭ ‬أشبه‭ ‬بقرية،‭ ‬تتأثر‭ ‬جميعها‭ ‬بأصغر‭ ‬حادث‭ ‬فيها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرا‭ ‬مع‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬عنا‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الاميال،‭ ‬فكيف‭ ‬لا‭ ‬نتأثر‭ ‬بحرب‭ ‬يُسمع‭ ‬دوي‭ ‬مدافعها‭ ‬هنا‭ ‬لو‭ ‬اندلعت؟

في‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬والحسابات‭ ‬والبرامج‭ ‬والمشاريع‭ ‬والخطط‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُرسم‭ ‬للشرق‭ ‬الاوسط،‭ ‬ونظريات‭ ‬التعايش‭ ‬فيه،‭ ‬وما‭ ‬خُطط‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الابحاث‭ ‬الامريكية‭ ‬والدولية،‭ ‬فالحرب‭ ‬القادمة‭ ‬اذا‭ ‬اندلعت‭ ‬ستعيد‭ ‬مراجعته‭ ‬بالكامل،‭ ‬وستفرز‭ ‬واقعا‭ ‬جيوسياسيا‭ ‬جديدا‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬متحضّرة‭ ‬جيدا‭ ‬للتعايش‭ ‬مع‭ ‬نتائجه‭ ‬ومع‭ ‬استحقاقاته‭ ‬الجديدة،‭ ‬لان‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كمثل‭ ‬ما‭ ‬قبلها‭ ‬ابدا‭.‬

وعلى‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ان‭ ‬تعي‭ ‬جيدا‭ ‬صعوبة‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة،‭ ‬ومخاطر‭ ‬انزلاق‭ ‬الامور‭ ‬الى‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬لن‭ ‬ينجو‭ ‬من‭ ‬نيرانها‭ ‬أحد،‭ ‬وعليها‭ ‬ان‭ ‬تتصرف‭ ‬وفق‭ ‬هذا‭ ‬التحسّب‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬ان‭ ‬الأسوأ‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يحصل،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬تعد‭ ‬خططها‭ ‬وتأخذ‭ ‬احتياطاتها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يمكنها‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬بديلا‭ ‬قارا‭ ‬وثابتا‭:‬ السياحة‭ ‬البديلة‭ ‬ومفهوم‭ ‬الاحتياط‭ ‬لكل‭ ‬المواسم

تشكّل‭ ‬السياحة‭ ‬رافدا‭ ‬هاما‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬بل‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭…