2023-08-16

بعد‭ ‬التحوير‭ ‬هل‭ ‬آن‭ ‬أوان‭ ‬التغيير: حديث‭ ‬متواتر‭ ‬عن‭ ‬التعيينات‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬التسميات‭ ‬

فترة‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬مرّت‭ ‬على‭ ‬تعيين‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬الحشاني‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬آثار‭ ‬التحوير‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬الحكم‭ ‬التنفيذية،‭ ‬لا‭ ‬تغييرات‭ ‬ولا‭ ‬تبديل‭ ‬مواقع،‭ ‬ولا‭ ‬طاقم‭ ‬جديد‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬تسميات‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬الشاغرة‭. ‬

وباستثناء‭ ‬السفراء‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬ارسالهم‭ ‬مؤخرا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬الى‭ ‬عواصم‭ ‬عالمية‭ ‬هامة‭ ‬كانت‭ ‬فيها‭ ‬سفاراتنا‭ ‬شاغرة،‭ ‬فان‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬لم‭ ‬يقع،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التجديد‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التغيير‭.‬

فالجميع‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬ان‭ ‬يشكّل‭ ‬السيد‭ ‬الحشاني‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة،‭ ‬او‭ ‬على‭ ‬الاقل‭ ‬ان‭ ‬يجري‭ ‬تغييرات‭ ‬واسعة‭ ‬على‭ ‬المناصب‭ ‬الوزارية‭ ‬والمؤسساتية‭ ‬الهامة،‭ ‬وحتى‭ ‬البعض‭ ‬ذهب‭ ‬الى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وتحدّث‭ ‬عن‭ ‬تحوير‭ ‬جزئي،‭ ‬يقع‭ ‬بمقتضاه‭ ‬تغيير‭ ‬وزيرين‭ ‬في‭ ‬وزارتين‭ ‬هامتين،‭ ‬وثلاثة‭ ‬وزراء‭ ‬في‭ ‬وزارات‭ ‬تقنية،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬ايضا‭ ‬وبقي‭ ‬حديث‭ ‬الاعلام‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬واستمر‭ ‬طاقم‭ ‬السيدة‭ ‬بودن‭ ‬في‭ ‬الاشتغال‭ ‬مع‭ ‬السيد‭ ‬الحشاني‭ ‬بنفس‭ ‬الأداء‭ ‬ونفس‭ ‬الهيكلة‭.‬

هذا‭ ‬الامر‭ ‬لا‭ ‬يعتبر‭ ‬منطقيا،‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬تغيير‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬السابقة‭ ‬السيدة‭ ‬بودن،‭ ‬بالسيد‭ ‬الحشاني،‭ ‬جاء‭ ‬لتعقّد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬الحياتية‭ ‬للناس،‭ ‬ولصعوبات‭ ‬كبرى‭ ‬واجهت‭ ‬ذاك‭ ‬الطاقم،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬ان‭ ‬الرئيس‭ ‬قدّ‭ ‬وضع‭ ‬حدّا‭ ‬الفشلب‭ ‬حكومة‭ ‬بودن،‭ ‬وعوّضها‭ ‬بأخرى‭ ‬أكثر‭ ‬ديناميكية‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات،‭ ‬لكن‭ ‬حين‭ ‬يستمر‭ ‬الجديد‭ ‬بالعمل‭ ‬مع‭ ‬نفس‭ ‬الفريق‭ ‬القديم،‭ ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬الفشل‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السيدة‭ ‬بودن‭ ‬فقط،‭ ‬ام‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬مع‭ ‬الحشاني‭ ‬ولم‭ ‬يقدر‭ ‬عليه‭ ‬مع‭ ‬السيدة‭ ‬بودن؟

ربما‭ ‬يزايد‭ ‬البعض‭ ‬بأن‭ ‬أداء‭ ‬الفريق‭ ‬مرتبط‭ ‬بصعوبة‭ ‬الاوضاع‭ ‬عامة،‭ ‬وانه‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الامكان‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬كان،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬خطاب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬الذي‭ ‬يصرّ‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مسؤولين‭ ‬يعطّلون‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬والانجاز،‭ ‬ويتعارض‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬قراراته‭ ‬الاخيرة‭ ‬التي‭ ‬أعفى‭ ‬بمقتضاها‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬مدير‭ ‬ديوان‭ ‬السياحة‭ ‬ومدير‭ ‬ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬بحركة‭ ‬تدلّ‭ ‬على‭ ‬غضب‭ ‬شديد‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬القطاعين،‭ ‬وتحديدا‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬المسؤولين‭ ‬المعزولين‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬تبدو‭ ‬العيون‭ ‬منصبّة‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬التعيينات،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المستويات‭ ‬الادارية‭ ‬العليا‭ (‬ولاة‭ ‬ـ‭ ‬معتمدون‭ ‬ـ‭ ‬مدراء‭ ‬ورؤساء‭ ‬مدراء‭ ‬عامون‭) ‬وهي‭ ‬وظائف‭ ‬قيل‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬تغييرها‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬حتى‭ ‬تعطي‭ ‬دفعا‭ ‬للحركة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ونفسا‭ ‬جديدا‭ ‬للعمل‭ ‬الاداري‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الجهات‭.‬

لكن‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الان‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬علامات‭ ‬على‭ ‬احتمال‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬التعيينات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناصب‭ ‬والوظائف‭ ‬العليا،‭ ‬ومازال‭ ‬الجميع‭ ‬يتداولون‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬التسريبات‭ ‬والاحتمالات‭ ‬والقراءات،‭ ‬أما‭ ‬عمليا‭ ‬فقائمة‭ ‬اي‭ ‬تغيير‭ ‬منتظر‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬درج‭ ‬مكتب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬دون‭ ‬غيره‭.‬

ولا‭ ‬شكّ‭ ‬ان‭ ‬ضغط‭ ‬التغييرات،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الادارة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬بريئا‭ ‬مائة‭ ‬بالمائة،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬كثيرين‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬التغييرات‭ ‬القادمة‭ ‬فرصة‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬المناصب،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬إما‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬جماعات،‭ ‬كما‭ ‬يجري‭ ‬طيلة‭ ‬الايام‭ ‬الفارطة‭ ‬من‭ ‬ضرب‭ ‬وتشهير‭ ‬وعرقلة‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬المجموعات‭ ‬التي‭ ‬تتكلم‭ ‬باسم‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬وتدعي‭ ‬الانتماء‭ ‬الى‭ ‬منظومة‭ ‬خمسة‭ ‬وعشرين‭ ‬جويلة،‭ ‬او‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الان‭ ‬ان‭ ‬تفرض‭ ‬سطوتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التسميات‭ ‬والتعيينات،‭ ‬وفرضت‭ ‬اسقاط‭ ‬عديد‭ ‬الاسماء‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تعيينها‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬وفيها‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬يصمد‭ ‬لسويعات،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬السيدة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬تسميتها‭ ‬أمس‭ ‬الاول‭ ‬معتمد‭ ‬على‭ ‬زانوش‭ ‬من‭  ‬ولاية‭ ‬قفصة،‭ ‬لكن‭ ‬تم‭ ‬فرض‭ ‬عزلها‭ ‬بعد‭ ‬حملات‭ ‬فايسبوكية‭ ‬على‭ ‬شخصها‭ ‬وعلى‭ ‬ماضي‭ ‬ارتباطاتها‭ ‬السياسية‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬ايضا‭ ‬ان‭ ‬التعجيل‭ ‬بسد‭ ‬الشغورات،‭ ‬وملء‭ ‬الفراغات،‭ ‬وتسمية‭ ‬المسؤولين‭ ‬الاكفاء‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬الشاغرة،‭ ‬سيقطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجاميع‭ ‬المتربصة‭ ‬بالمناصب،‭ ‬والتي‭ ‬تروج‭ ‬ليلا‭ ‬نهارا‭ ‬للتحوير‭ ‬والتغيير‭ ‬بعنوان‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬وواقعيا‭ ‬بدافع‭ ‬انتظار‭ ‬وعود‭ ‬قطعها‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬القصر،‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬المآرب‭ ‬الا‭ ‬الاسراع‭ ‬بسدّ‭ ‬كل‭ ‬الشغورات‭ ‬وملء‭ ‬المناصب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لوجودها‭ ‬خالية‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …