2023-08-16

الخبير‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬حسين‭ ‬الديماسي‭ ‬لـ‭ ‬الصحافة‭ ‬اليوم‭:‬ اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القرض‭ ‬الرقاعي‭ ‬حل‭ ‬استثنائي‭..‬لا‭ ‬يعالج‭ ‬الأزمة‭..‬

تواصل‭ ‬الحكومة‭ ‬اعتماد‭ ‬خيار‭ ‬الاقتراض‭ ‬الداخلي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬بعض‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬لضخها‭ ‬في‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تغطية‭ ‬نفقاتها‭ ‬الأساسية‭ ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الاكتتاب‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالقرض‭ ‬الرقاعي‭ ‬الذي‭ ‬يدرك‭ ‬قسطه‭ ‬الثالث‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬العدد‭ ‬الاخير‭ ‬من‭ ‬الرائد‭ ‬الرسمي‭ ‬الصادر‭ ‬بتاريخ‭ ‬الاثنين‭ ‬14‭ ‬اوت‭ ‬2023‭ ‬قرارا‭ ‬من‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬يقضي‭ ‬بافتتاح‭ ‬الاكتتاب‭ ‬في‭ ‬القسط‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬القرض‭ ‬الرقاعي‭ ‬الوطني‭ ‬لسنة‭ ‬2023‭ ‬لتعبئة‭ ‬مبلغ‭ ‬700‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬قابل‭ ‬للترفيع‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬مبلغ‭ ‬القسطين‭ ‬الاول‭ ‬والثاني‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬افتتاح‭ ‬الاكتتاب‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬سبتمبر‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬12‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023‭ ‬مع‭ ‬امكانية‭ ‬غلقه‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬التمديد‭ ‬فيه‭.‬

وفي‭ ‬قراءة‭ ‬لهذا‭ ‬الخيار‭ ‬الذي‭ ‬اعتمدته‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لإيجاد‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬تمول‭ ‬بها‭ ‬نفقاتها‭ ‬أوضح‭ ‬أستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬حسين‭ ‬الديماسي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـاالصحافة‭ ‬اليومب‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬ملاحظة‭ ‬يمكن‭ ‬أخذها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬القرض‭ ‬الرقاعي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالاكتتاب‭ ‬هو‭ ‬حل‭ ‬استثنائي‭ ‬اعتمدته‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬القصوى‭ ‬أو‭ ‬الضرورة‭ ‬القصوى‭ ‬التي‭ ‬إنتفت‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬الحلول‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬وقع‭ ‬اللجوء‭  ‬للقرض‭ ‬الرقاعي‭  ‬بصفة‭ ‬متواصلة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معمول‭ ‬به‭ ‬اليوم‭ ‬ملاحظا‭ ‬أن‭ ‬اللجوء‭ ‬لهذا‭ ‬الحل‭ ‬الاستثنائي‭ ‬يؤشر‭ ‬لصعوبة‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬للدولة‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتمويل‭ ‬ميزانيتها‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬تعثر‭ ‬مسار‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬القرض‭ ‬المقدر‭ ‬بـ1.9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬والذي‭ ‬عولت‭ ‬عليه‭ ‬الحكومة‭ ‬لتمويل‭ ‬ميزانية‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭.‬

وأضاف‭ ‬محدثنا‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬الاكتتاب‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الجزئية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬معالجة‭ ‬الخلل‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لكن‭ ‬يظل‭ ‬حلا‭ ‬مؤقتا‭ ‬لا‭ ‬يعالج‭ ‬الإشكال‭ ‬أو‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬يتخبط‭ ‬فيها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬الذي‭  ‬يحتاج‭ ‬إصلاحات‭ ‬استراتيجية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬مردوديته‭ ‬ويخرج‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬مأزقها‭ ‬المالي‭.‬

وبين‭ ‬الأستاذ‭ ‬الديماسي‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تلجأ‭ ‬عادة‭ ‬إما‭ ‬للقروض‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬الخارجية‭ ‬لتوفير‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬لتمويل‭ ‬ميزانيتها‭ ‬أو‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مواردها‭ ‬المالية‭ ‬الذاتية‭ ‬المتأتية‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬الأداءات‭ ‬وفي‭ ‬تعثر‭ ‬مسار‭ ‬الاقتراض‭ ‬الخارجي‭ ‬وعدم‭ ‬نجاح‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الظفر‭ ‬به‭ ‬أصبحت‭ ‬الحلول‭ ‬المتاحة‭ ‬أمامها‭ ‬اللجوء‭ ‬للاقتراض‭ ‬الداخلي‭ ‬رغم‭ ‬تداعيات‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬الاستثنائي‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬مترددا‭ ‬في‭ ‬منحه‭ ‬للقروض‭ ‬الداخلية‭ ‬عبر‭ ‬منح‭ ‬البنوك‭ ‬سيولة‭ ‬مالية‭ ‬اعتبارا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬توجيهها‭ ‬للاستثمار‭ ‬وخلق‭ ‬الثروة‭ ‬بما‭ ‬ينعش‭ ‬الإقتصاد‭ ‬ويحسن‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭ ‬بل‭ ‬يقع‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬لنفقات‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬تزايدا‭ ‬مطردا‭ ‬نتيجة‭ ‬المستجدات‭ ‬الطارئة‭ ‬والتي‭ ‬تهم‭ ‬بالخصوص‭ ‬ميزانية‭ ‬الدعم‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬إرتفاعا‭ ‬غير‭ ‬منتظر‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نفقات‭ ‬الأجور‭ ‬التي‭ ‬بقيت‭ ‬تطرح‭ ‬كإشكال‭ ‬كبير‭ ‬يهم‭ ‬نفقات‭ ‬الدولة‭.‬

ودعا‭ ‬الديماسي‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تحسين‭ ‬موارد‭ ‬الدولة‭ ‬عبر‭ ‬المرور‭ ‬إلى‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتغيير‭ ‬السياسات‭ ‬الفاشلة‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عبر‭ ‬خلق‭ ‬الثروة‭ ‬وإحداث‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬ذات‭ ‬مردودية‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬ناجعة‭ ‬وواضحة‭ ‬وهذا‭ ‬يستوجب‭ ‬تخطيطا‭ ‬محكما‭ ‬وتوفير‭ ‬أموال‭ ‬توجه‭ ‬للتنمية‭ ‬لا‭ ‬للنفقات‭ ‬فقط‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الدولة‭ ‬تدير‭ ‬ميزانيتها‭ ‬بما‭ ‬يشبه‭ ‬إدارة‭ ‬محل‭ ‬االعطارةب‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬إنهائه‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬مصارحة‭ ‬المواطن‭ ‬بحقيقة‭ ‬الأوضاع‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بملف‭ ‬دعم‭ ‬المواد‭ ‬الاساسية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تشهد‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬احتقانا‭ ‬أو‭ ‬تشنجات‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬القرض‭ ‬الرقاعي‭ ‬الوطني‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬أمر‭ ‬حكومي‭ ‬استعرض‭ ‬خطوطه‭ ‬العريضة‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬أن‭ ‬الاكتتاب‭ ‬فيه‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬4‭ ‬اقساط‭.‬

وتتطلع‭ ‬الحكومة‭ ‬لتعبئة‭ ‬2.8‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬4‭ ‬اقساط‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬القرض‭ ‬الرقاعي‭ ‬الوطني‭ ‬لسنة‭ ‬2022‭ ‬نسبة‭ ‬استجابة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬212‭ ‬بالمائة‭ ‬ونجاح‭ ‬4‭ ‬أقساط‭ ‬في‭ ‬تعبئة‭ ‬مبلغ‭ ‬2.9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬المبلغ‭ ‬الاولي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬1.4‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

استغلال الطاقات التقليدية في تراجع متواصل: الطاقات المتجددة سبيل تونس لتعديل الميزان الطاقي

سجل عجز الميزان التجاري الطاقي ارتفاعا بنسبة ٪9 الى موفى شهر مارس 2024 بالمقارنة بنفس الفت…