2018-04-22

يعرف‭ ‬تهافتا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق: الانتصاب‭ ‬الفوضوي سيّد‭ ‬الأرصفة‭ ‬والشوارع‭ !‬

يواصل‭ ‬العديد‭ ‬من‭  ‬التجار‭ ‬العرضيين‭ ‬احتلال‭ ‬الأنهج‭ ‬والأرصفة‭ ‬لعرض‭ ‬سلعهم‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بساحة‭ ‬برشلونة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الانهج‭  ‬الأخرى‭ ‬،‭ ‬مثل‭  ‬شارع‭ ‬فرنسا‭ ‬ونهج‭ ‬شارل‭ ‬ديغول‭ ‬ونهج‭ ‬إسبانيا‭ ‬وشارع‭ ‬باريس‭ ‬حيث‭ ‬تغزوها‭ ‬البضاعة‭ ‬المقلدة‭ ‬والمهربة‭ ‬أو‭ ‬المصنعة‭ ‬محليا،تكدست‭ ‬فوق‭ ‬عربات‭ ‬وصناديق‭ ‬وحتى‭ ‬مفترشة‭ ‬أرض‭ ‬الرصيف‭ ‬بمحاذاة‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬القانونية،‭ ‬أين‭ ‬يتجول‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المارة‭. ‬

ظاهرة‭ ‬الانتصاب‭ ‬الفوضوي‭ ‬تمثل‭ ‬معضلة‭ ‬حقيقية‭ ‬تهدّد‭ ‬جمالية‭ ‬البلاد‭  ‬وتعطّل‭ ‬حركة‭ ‬السير‭  ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تعرف‭ ‬تهافتا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لأسعارها‭ ‬الزهيدة‭ ‬التي‭ ‬تتماشى‭ ‬وإمكانيات‭ ‬المواطنين‭.‬

آلاف‭ ‬الناس‭ ‬يعبرون‭ ‬الشوارع‭ ‬والأنهج‭ ‬بصعوبة،‭ ‬بسبب‭ ‬استحواذ‭ ‬الباعة‭ ‬المتجولين‭ ‬على‭ ‬ممرات‭ ‬المترجلين‭ ‬والأرصفة‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬مداخل‭ ‬المغازات‭ ‬والمحلات‭ ‬التجاريّة‭ ‬القانونية‭ . ‬الفوضى‭  ‬تهدّد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬بالإفلاس‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭  ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬المحلات‭ ‬يطلقون‭ ‬صيحة‭ ‬فزع‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لزحف‭ ‬الانتصاب‭ ‬العشوائي‭ ‬للباعة‭  ‬وتحرير‭ ‬الشوارع‭  ‬،‭  ‬حيث‭  ‬عبّر‭  ‬العديد‭ ‬منهم‭   ‬عن‭ ‬استيائها‭  ‬من‭ ‬تعطل‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية‭ ‬والمنافسة‭ ‬المفروضة‭ ‬عليهم،‭ ‬وهم‭ ‬المعروفون‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعارهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الفئات‭ ‬الشعبية‭ ‬والوسطى،‭ ‬مقارنة‭ ‬بأسعار‭ ‬الباعة‭ ‬المنتصبين‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق،‭ ‬ورغم‭  ‬احتجاجاتهم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭  ‬معاناتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬مازالت‭ ‬متواصلة‭ .‬

‭ ‬ولعل‭ ‬الملاحظ‭ ‬لحجم‭ ‬الفوضى‭  ‬يتساءل‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭  ‬هذا‭ ‬الانخرام‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭   ‬وحول‭ ‬نتائج‭ ‬الجهود‭ ‬المكثفة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬مصالح‭ ‬الشرطة‭ ‬البلدية‭ ‬ووحدات‭ ‬التدخل‭ ‬الأمنية‭ ‬بحملاتها‭ ‬شبه‭ ‬اليومية،‭ ‬لتفكيك‭ ‬نسيج‭ ‬الانتصاب‭ ‬التجاري‭ ‬العشوائي‭ ‬عبر‭ ‬تنفيذها‭ ‬لآلاف‭ ‬التدخلات‭ ‬الميدانية‭ .‬

ملابس‭ ‬جديدة‭ ‬وأخرى‭ ‬قديمة‭ ‬،‭ ‬إكسسوارات‭ ‬،أحذية‭ ‬تتكدس‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬وأمام‭ ‬المحلات‭ ‬،‭ ‬يسترزق‭ ‬منها‭ ‬شباب‭ ‬وكهول‭ ‬لعدة‭ ‬اعتبارات‭ ‬،‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭  ‬بانعدام‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل‭ ‬والفقر‭ ‬وقلة‭ ‬ذات‭ ‬اليد‭ ‬،‭ ‬فسيفساء‭ ‬من‭ ‬البضاعة‭ ‬المعروضة‭ ‬تمازجت‭ ‬فيها‭ ‬الألوان‭  ‬وتشابكت‭ ‬لتشد‭ ‬انتباه‭ ‬المارة‭ ‬وهؤلاء‭ ‬بدورهم‭ ‬تكدسوا‭ ‬حول‭ ‬المعروضات‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬ملاذا‭ ‬لهم‭ ‬بعد‭ ‬اهتراء‭ ‬المقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬والارتفاع‭ ‬الصاروخي‭ ‬للأسعار‭…‬صخب‭ ‬وصياح‭ ‬الباعة‭ ‬في‭ ‬استعراض‭ ‬الأسعار‭ ‬الزهيدة‭ ‬لبضاعتهم‭  ‬التي‭ ‬تجذب‭ ‬المارة‭ ‬وتدافع‭  ‬المواطنين‭ ‬للاطلاع‭ ‬على‭ ‬المعروضات‭  ‬ومنهم‭ ‬كثيرون‭ ‬يتوقفون‭ ‬لشراء‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬المتراكمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن،‭ ‬وحتى‭ ‬لفرز‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬هنا‭ ‬بساحة‭ ‬برشلونة‭ ‬وهناك،‭ ‬بنهج‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭  ‬لمروان‭ ‬كسوس‭ (‬عامل‭ ‬بمقهى‭  ) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقلب‭ ‬بعض‭ ‬الثياب‭ ‬المستعملة‭ ‬حيث‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬مئات‭ ‬الباعة‭ ‬يسترزقون‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭  ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬حريا‭ ‬بالدولة‭ ‬التي‭ ‬وعدت‭ ‬بإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬أن‭  ‬تخصص‭ ‬لهم‭ ‬مكانا‭ ‬معلوما‭ ‬للتنظّم‭ ‬لتجنب‭ ‬الإساءة‭ ‬لجمالية‭  ‬البلاد‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة‭ ‬وضعف‭ ‬الإمكانيات‭ ‬جعل‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬تهافت‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬الباعة‭ ‬لشراء‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬بأسعار‭ ‬زهيدة‭ ‬تتماشى‭ ‬وإمكانياتهم‭ ‬المادية‭ ‬الضعيفة‭  ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬ودعا‭ ‬السلط‭ ‬إلى‭ ‬تعديل‭ ‬الكفة‭ ‬بما‭ ‬ينفع‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ايجاد‭ ‬حل‭ ‬للتجار‭ ‬العرضيين‭ ‬فهم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬مورد‭ ‬رزق‭ ‬لإعالة‭ ‬عائلاتهم‭ ‬ويرغبون‭  ‬في‭ ‬تقنين‭ ‬وضعياتهم‭ ‬وحاجة‭ ‬التونسي‭ ‬لبضاعة‭ ‬منخفضة‭ ‬الأسعار‭  ‬زائد‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬جمالية‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭  ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬حلما‭ ‬يراود‭ ‬كل‭ ‬التونسيين‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬الفوضى‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬من‭ ‬فضلات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأماكن‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الزحف‭ ‬الغريب‭ ‬للانتصاب‭ ‬الفوضوي‭ ‬للباعة‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭.‬

‭ ‬أنيس‭ ‬غماض‭ ‬عامل‭ ‬بشركة‭ ‬أيّد‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭  ‬الفوضى‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬تعطل‭ ‬حركة‭ ‬سير‭ ‬عربات‭ ‬المترو‭ ‬والسيارات‭  ‬وأصبحت‭ ‬محل‭ ‬إزعاج‭ ‬للجميع‭  ‬من‭ ‬مواطنين‭ ‬وأصحاب‭ ‬المحلات‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬الانتصاب‭ ‬العشوائي‭ ‬يحيل‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬طرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬الملحة‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬أين‭ ‬الرقابة‭ ‬؟‭ ‬خاصة‭ ‬وأننا‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭  ‬من‭ ‬الارتياح‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬الباعة‭ ‬وزحف‭ ‬المعروضات‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬لتغطي‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬الأرصفة‭ ‬ولتمتد‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬يبدو‭ ‬شاغرا‭ ‬لتغطيه‭ ‬وربما‭ ‬أصبحنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬ضعاف‭ ‬الحال‭  ‬وكل‭ ‬مكان‭ ‬شاغر‭ ‬يجد‭ ‬له‭ ‬مريدا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬المهمشة‭ ‬والذي‭ ‬يصبح‭ ‬ملكية‭ ‬خاصة‭ ‬له‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعدي‭ ‬عليها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬ويرى‭ ‬محدثنا‭ ‬في‭ ‬الان‭ ‬ذاته‭ ‬انه‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬للباعة‭ ‬العشوائيين‭ ‬وإدخالهم‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬التجارية‭ ‬القانونية‭ ‬واعتبر‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬البضائع‭ ‬المعروضة‭ ‬تمثل‭ ‬ملاذا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬لأسعارها‭ ‬المنخفضة‭ ‬وتماشيها‭ ‬مع‭ ‬إمكانياتهم‭.‬

رغم‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة‭  ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬الشرطة‭ ‬البلدية‭ ‬ووحدات‭ ‬التدخل‭ ‬الأمنية،‭ ‬لتفكيك‭ ‬نسيج‭ ‬الانتصاب‭ ‬التجاري‭ ‬العشوائي‭ ‬عبر‭ ‬تنفيذها‭ ‬لآلاف‭ ‬التدخلات‭ ‬الميدانية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الانتصاب‭ ‬الفوضوي‭ ‬للتجار‭ ‬العشوائيين‭ ‬يتمدّد‭ ‬ويجد‭ ‬تهافتا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭  ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المواطنين‭  …‬بما‭ ‬جعل‭  ‬الانتصاب‭ ‬الفوضوي‭ ‬اسيد‭ ‬الشوارعب‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المؤسسات التربوية حاضنة العلم وحصن المعرفة تتربّص بها المخاطر و لم تعد آمنة..!

لم تعد  المؤسسات التربوية حاضنة العلم وحصن المعرفة في مأمن فقد  بات محيطها حاضنا لجملة من …