2024-12-26

ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج لفائدة احتياطي العملة الصعبة: مؤشرات إيجابية ..في انتظار تحقيق التوازن التام

سجّل الحجم الاجمالي لإعادة تمويل البنك المركزي التونسي للسوق النقدية تراجعا بنسبة 23 بالمائة ليستقر في حدود 12011,8 مليون دينار يوم 20 ديسمبر 2024، مقابل 15679,28 قبل سنة، وفق أحدث المؤشرات النقدية والمالية المحينة والمنشورة في الموقع الرسمي للبنك.
من جهة أخرى، كشفت بيانات البنك المركزي أن مجموع المعاملات بين البنوك في السوق النقدية، بلغ نهاية هذا الاسبوع 3464,4 مليون دينار مقابل 1928,4 مليون دينار يوم 20 ديسمبر 2023، مما يعني تسجيل زيادة بقيمة 1536 مليون دينار.
وفي نفس السياق، كشفت المؤشرات النقدية والمالية للبنك المركزي التونسي أن تحويلات التونسيين بالخارج زادت بـ4,6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية وذلك الى حدود 10 ديسمبر 2024.
وبلغت قيمة هذه التحويلات الـ 7607,8 مليون دينار لتفوق بذلك مداخيل السياحة التي زادت بدورها بنسبة 7,2 بالمائة لتبلغ 7050 مليون دينار وذلك إلى حدود العاشر من الشهر الجاري.
وساهمت تحويلات التونسيين بالخارج ومداخيل السياحة في تغطية خدمة الدين الخارجي للسنة الحالية والتي تقدر بنحو 13483,1 مليون دينار. كما دعمت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية التي تقدر حاليا بـ25171,1 مليون دينار أي ما يعادل 113 يوم توريد، وفق المصدر ذاته.
كما تحسن سعر صرف الدينار أمام اليورو الى حدود يوم 19 ديسمبر بنسبة 1,94 بالمائة اذ تراجعت قيمة العملة الأوروبية الموحدة من 3,83 دينار الى 3,31 دينار في حين سجلت العملة الوطنية تراجعا طفيفا أمام الدولار الذي زادت قيمته من 3,093 دينار الى 3,182 دينار حاليا.
وقد أبرز الخبير الاقتصادي معز حديدان في تصريح لـ «الصحافة اليوم» أن احتياطي تونس من العملة الصعبة يغطي حاليًا حوالي 113 يوم توريد، وهو رقم يتراجع في ظل عدم تحقيق توازن بين عجز الميزان التجاري وارتفاع كلفة خدمة الدين. وبينما تؤدي تحويلات التونسيين والسياحة دورًا إيجابيًا، تقابلهما العناصر السلبية المتمثلة في تزايد عجز الميزان التجاري والعجز الطاقي، ما يستنزف الاقتصاد بشكل متواصل.
وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة تعزيز التصدير والعمل على تحسين التوازن التجاري عبر تقليل الاعتماد على الواردات، خاصة في القطاعات الحيوية كالحبوب والطاقة. وأكد أن التعويل على الإنتاج المحلي وتحقيق توازن صفري في العجز الطاقي ومجال الحبوب، يُعدّ أمرًا حاسمًا لتحسين الأوضاع الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي يدفع تونس نحو خيار الاقتراض الخارجي، إلا إذا جرى تحقيق خطوات جذرية في الصادرات وتقليل الواردات.
ويدعو حديدان الى أهمية تبني استراتيجيات وطنية طويلة المدى تعتمد على تعزيز الإنتاجية المحلية ودعم الصادرات كبديل مستدام عن الاقتراض الخارجي، خاصة وان تونس اعتمدت سياسة التعويل على الموارد الذاتية.
استقرار مالي يفتقد إلى محفزات النمو
وأوضح من جانبه المحلل المالي بسام النيفر في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن الاقتصاد التونسي يعاني من تحديات هيكلية مستمرة تمنعه من تحقيق نمو مستدام. وأشار إلى أن البنوك التونسية تركز بشكل أساسي على تمويل الدولة بدلاً من دعم المؤسسات الاقتصادية، وذلك نظرًا للطلب الكبير على التمويل الحكومي الذي يتميز بانعدام المخاطر وعوائد مرتفعة، ما يجعله خيارًا مفضلًا للقطاع البنكي.
وأضاف النيفر أن الاقتصاد التونسي مرّ بفترة تضخم مرتفع خاصة في عام 2022، ولم يُسجَّل انخفاض ملموس في هذا المعدل، مما أثر سلبًا على الإنتاج والاستثمار والاستهلاك في مختلف القطاعات. وبيّن وجود فجوة بين احتياجات البنوك من التمويل ومواردها، وهو ما يزيد تعقيد الوضع خاصة في ما يتعلق بالعملة الصعبة، التي لا تكفي مواردها الحالية لتغطية التزامات القطاع.
وأشار النيفر إلى أن تحويلات التونسيين بالخارج والعائدات السياحية التي بلغت 14.6 مليار دينار تعتبر دعامة أساسية للبنوك، إلا أن الإشكال الأساسي يكمن في شح موارد الدينار ، ما يحول دون تحقيق نمو إنتاجي وخلق ثروة جديدة.
وفي ما يتعلق بالنمو الاقتصادي، أكد النيفر أن الاستقرار الحالي لا يُترجم إلى ديناميكيات نمو فعلي أو بيئة جاذبة للاستثمار. وتوقع أن يتراوح معدل النمو بين 1 و2% في عام 2025، مع احتمال تحسن طفيف إذا شهد القطاع الفلاحي أداءً إيجابيًا.
ويعتقد الخبير المالي انه من الضروري إيجاد حلول عملية لدعم المؤسسات من خلال توفير تمويل بنسب فائدة معقولة لتحفيز الإنتاجية وزيادة العرض، مؤكدًا أهمية وضع استراتيجيات هيكلية شاملة لتعزيز الاستثمار وخلق الثروة، بما يسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تفعيل الدبلوماسية التونسية في سنة 2025: تعزيز السيادة والتوسع الاقتصادي في مواجهة التّحديات العالمية

تواجه الدبلوماسية التونسية في سنة 2025 تحديات كبيرة تعكس التحولات الإقليمية والدولية السري…