من بن قردان و لطمأنة التونسيين و للتأكيد على وحدة الجبهة الداخلية .. رسائل رئاسية في كل الاتجاهات..
بن قردان اسم يكتظ بالمعاني والدلالات فتلك المدينة التي شكلت ملحمة لا تنسى سطّر حروفها مواطنون يتماهون مع وطنهم ورموزهم التفوا حول القوات المسلحة الباسلة وواجهوا طيور الظلام الذين أرادوا ان يجعلوا من هذه المدينة الوادعة الطيبة امارة تلتحف بالسواد كما فعل «أترابهم» في مدينة الموصل بالعراق أرادوها إذن شوكة في خاصرة البلد لكن إرادة الشعب وعقيدة قواته المسلحة وصلابتها دحرتهم ولقّنتهم درسا لا ينسى.
لهذا وغيره اختار رئيس الجمهورية قيس سعيّد ان يحي ذكرى ثورة 17 ديسمبر 2011 انطلاقا من هذه المدينة ومنها توجه بكلمة الى التونسيين.
وفيها ذكّر بالشعار الأبرز الذي صدحت به الحناجر بصوت واحد في تلك الفترة «شغل حرية كرامة وطنية». كما بيّن أسباب إيثاره ان يكون الاحتفال بذكرى اندلاع الثورة من هذه المدينة تذكيرا بملحمتها الأشهر.
هذا الشعار الذي سيسقط لاحقا من حسابات السياسيين الذين تداولوا على الحكم ونسوا في غمرة تلذذهم للسلطة انتظارات التونسيين وأحلامهم وذلك كان المسمار الأكبر الذي دق في نعش الثورة وقاد الشعب الى النفور من الفعل السياسي والعزوف عن الشأن العام وأيضا فقدان الثقة في الأحزاب والتنظيمات بأكملها تقريبا.
والحقيقة ان اختيار بن قردان وفحوى الكلمة التي توجه بها رئيس الدولة الى التونسيين تتضمن الكثير من الرسائل في كل الاتجاهات.أولها الدرس التونسي الذي تم تلقينه للإرهابيين وكل من يقف وراءهم تمويلا وتخطيطا وأدلجة. وثانيهما درجة الانصهار واللحمة التي تميز التونسيين بكل فئاتهم وشرائحهم وجهاتهم والتي تبرز وتتأكد في الأزمات والمحن. فكما خبرنا المعدن الطيب المتمثل في الإيثار والتضحية في الأيام الأولى للثورة جربنا أيضا قيم التضامن والوطنية والفداء التي برزت في ملحمة بن قردان الخالدة.
وإذا كان الذين يقفون وراء تلك المؤامرة قد توهموا في مخيلتهم المريضة إمكانية «النصر» فهم واهمون سواء في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل فلاحاضنة شعبية لهم ولن يتسربوا «كالسوس» من الاختلافات الطبيعية الموجودة في صلب كل مجتمع ولكن عند الضرورة تذوب كل التناقضات ويتوحد الجميع تحت الراية الوطنية الخفاقة.
فالأكيد ان وحدة التونسيين ملمح أساسي من ملامح هذه البلاد ولن يفلح الصائدون في المياه العكرة في إيجاد ضالّتهم في مجتمع تأسس على الانصهار منذ فجر التاريخ رغم ثرائه وتنوعه لكنه يمتلك كل إمكانيات الصلابة والمتانة لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية كما علّمنا التاريخ.
وفي هذه الكلمة المكتظة بالرسائل التي وجّهها الرئيس الى أكثر من طرف لم ينف فترات الارتباك الأمني التي عرفتها تونس والتي كانت طبيعية في مسار انتقالي متعثر لكنه مرّ بأخف الأضرار وهذا يشهد به الجميع الخصوم قبل الأصدقاء فقد تجنبت البلاد بفضل لحمة شعبها الكثير من الانزلاقات وأحبط التونسيون الكثير من المؤامرات والدسائس التي أحيكت لبلادهم واظهروا حكمة وفطنة نادرتين في سياق إقليمي مشتعل شاهدنا وقائعه ومازلنا نتابع ارتداداته الخطيرة على غرار كل الزلازل الخطيرة التي شهدتها منطقتنا العربية والافريقية.
والأكيد ان هذه الرسائل المتعددة هي بمثابة طمأنة للتونسيين في المقام الأول وتأكيد على الإرادة السياسية الثابتة في المضي قدما من أجل مستقبل افضل لتونس وابنائها وهي أيضا إبراز للثقة بالنفس لكل الأطراف الخارجية التي تريد سوءا بتونس وتسعى جاهدة الى إرباك مسارها والعمل على زعزعة استقرارها واستغلال كل حدث يجدّ هنا أو هناك لإسقاطه على الواقع التونسي مهما اختلفت الملابسات والسياقات.
علاقات قوامها الاحترام والنّدية مع الاتحاد الأوروبي : تونس قلب المتوسط والشريك الاستراتيجي للأوروبيين..!
ريادة الأمم والشعوب في بعد من أبعادها تعود الى مشيئة التاريخ والجغرافيا حتى وإن أغفل البعض…