2024-12-12

منحة شهرية بقيمة 30  دينارا  لمرضى الأبطن : خطوة إيجابية لكنها غير كافية

صادق مؤخرا مجلس نواب الشعب على منح مرضى الأبطن «حساسية الغلوتين»  من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل المسجلة ببرنامج الأمان الاجتماعي منحة شهرية بقيمة 30 دينارا و تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود التي تهدف الى التخفيف من معاناة هذه الفئة التي تواجه تحديات صحية واقتصادية بشكل يومي في ظل غلاء مستوى المعيشة .

ومع ذلك لسائل ان يسأل  مدى تغطية هذه المنحة لاحتياجات المرضى الذين يعانون من تكاليف كبيرة  للحصول على غذاء خال من الغلوتين.

وتجدر الإشارة إلى أن حساسية الغلوتين ليست مجرد حالة صحية بسيطة بل هي تحدٍّ يومي يفرض على المرضى الابتعاد كليا عن  الأطعمة التي تحتوي على القمح والشعير . وباعتبار ان القمح  عنصر أساسي في الغذاء في تونس  تصبح الحساسية عبءا إضافيا  على الأسر التي تكافح لتوفير بدائل خالية من الغلوتين.

وبتواصلنا مع بعض العائلات أكدت ان تكاليف الغذاء البديل مرتفعة جدا، حيث يصل سعر كيلوغرام واحد من الدقيق الخالي من الغلوتين إلى 20 دينارا أو أكثر مقارنة بسعر الدقيق العادي الذي لا يتجاوز  دينارا واحدا . كما أن المنتجات الأخرى مثل الخبز و العجين والبسكويت الخالية من الغلوتين تُعتبر من الكماليات لارتفاع أسعارها بشكل كبيرما يجعل توفيرها بشكل يومي شبه مستحيل للعائلات ذات الدخل المحدود.

وتجعل هذه التكاليف العديد من المرضىوخاصة الأطفال عرضةلمضاعفات صحية خطيرة بسبب عدم الالتزام بنظام غذائي صارم وهو ما يؤدي إلى ضعف النمو وأمراض الجهاز الهضمي وحتى مضاعفات مناعية مزمنة.

القرار الجديد

و تُعد المنحة الشهرية التي تعادل 30  دينارا خطوة أولى نحو الاعتراف بمعاناة مرضى حساسية القمح لكن قيمة المنحة أثارت انتقادات من قبل المرضى وعائلاتهم الذين وصفوها بأنها غير كافية بالنظر إلى التكاليف الحقيقية.

وكانت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية قد أشارت إلى أن المخصصات المقترحة سابقًا قبل التعديل كانت ستثقل كاهل ميزانية الدولة بنفقة تُقدر بـ150 مليون دينار، وهو ما دفع إلى تقليص المبلغ إلى 30 دينارًا. وأكدت أن الدولة تواجه تحديات اقتصادية كبيرة تجعل من الصعب توفير دعم أكبر.

وبحسابات بسيطة لا تغطي المنحة الشهرية حتى الحد الأدنى من احتياجات المريض من الغذاء الخالي من الغلوتين. إذا علمنا أن مريض حساسية القمح يحتاج إلى نحو 3 كيلوغرامات من الدقيق الخالي من الغلوتين شهريًا، فإن هذه المنحة تكاد تكفي لتغطية ثلث احتياجاته من الدقيق فقط، دون احتساب بقية المواد الغذائية الضرورية مثل الخبز والعجين وغيرها.

كما أن العائلات التي تضم أكثر من مريض تجد نفسها أمام أعباء مضاعفة في حين أن الدعم الحكومي يظل محدودًا وغير موجه بما يكفي لمعالجة جذور المشكلة، مثل ارتفاع أسعار المنتجات الخالية من الغلوتين وندرتها في السوق المحلية.

بينما يُعتبر إقرار منحة شهرية لمرضى  الأبطن في تونس بادرة إيجابية تُظهر اعتراف الدولة بمعاناة هذه الفئة إلا ان هذا الإجراء يظل عاجزا عن تلبية احتياجاتهم الحقيقية ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وزيادة الضغوط الاجتماعية، يبدو أن الطريق نحو تحسين حياة هؤلاء المرضى ما تزال طويلة وتتطلب سياسات  أكثر شمولًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

للتّصدي الى ممارسات  شركة «تي أل أس»: دعوة إلى حماية حقوق طالبي التأشيرة

في خطوة تعكس القلق من استغلال الشركات الخاصة لخدمات ذات صلة بسيادة الدول وحقوق المواطنين، …