الرهان على الفلاحة : عماد الاقتصاد وضمان للسيادة الغذائية
مما لا شك فيه ان الاقتصاد الأخضر هو أماننا الغذائي الذي ينبغي الحفاظ عليه بكل ما أوتينا من قوة. ففي ظل التغيرات المناخية القاسية التي يعرفها العالم اليوم وفي سياق تحولات جيوسياسية صعبة وبالغة التعقيد يكون الرهان الأكبر لكل بلد هو سيادتها الغذائية التي لا تتوفر إلا بتطوير الفلاحة وتعصيرها.
ونحن في تونس معنيون بشكل جدي بهذه المسألة فبلادنا تعيش حالة من الشح المائي منذ فترة مع توالي سنوات الجفاف. وإذا كان هذا الأمر طبيعيا ولا دخل لنا فيه فإن هناك عوامل أخرى بشرية أثرت على وضعية فلاحتنا بشكل مباشر واهمها الإهمال والتقصير وعدم الاكتراث بالقطاع الفلاحي وتهميشه منذ سنوات على حساب مسائل أخرى وهو ما أدى الى تدهور أحوال الفلاحين وتراجع المنتوج الفلاحي مع تزايد الطلب وهو ما خلق أزمات متكررة في عديد المنتوجات الفلاحية الأساسية مثل الحليب والخضروات والغلال مع ارتفاع مشط في الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية لعموم التونسيين.
هنا نحن أمام تحدّ حقيقي مطروح اليوم على الدولة التونسية وهذا ما أدركه الفاعل السياسي وتجلى هذا في الآونة الأخيرة في الاهتمام المكثف بالقطاع الفلاحي من خلال القرارات الرئاسية التي تم اتخاذها لفائدة الفلاحة أو من خلال الزيارات التي أداها رئيس الجمهورية إلى بعض الضيعات الفلاحية أو من خلال لقاءاته بالمسؤولين وحثهم بشكل متواصل على إعادة الاعتبار للزراعة باعتبارها الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتحقيق أمننا الغذائي. ومعلوم أنه لا يمكن الحديث عن السيادة لشعب لا يأكل من خيرات بلاده.
وفي هذا الإطار تتنزل بالتأكيد جلسة العمل التي انعقدت بقصر قرطاج تحت اشراف رئيس الجمهورية قيس سعيّد وحضرها كل من رئيس الحكومة السيد كمال المدوري ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري السيد عز الدين بن الشيخ والرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت السيد حامد الدالي والمدير العام المساعد لديوان الحبوب السيد نبيل زروق.
وباعتبار أننا في بداية موسم فلاحي جديد نأمل ان يحمل بشائر واعدة فقد أكد رئيس الجمهورية على ضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة من أجل تأمين موسم جني الزيتون بما يحفظ حقوق الفلاحين وكذلك ضمان توفير أحسن الظروف ودعا أيضا الى وضع خطة استراتيجية واضحة تقوم على استشراف المستقبل تحسبا لأي طارئ يمكن ان يستجد.
كما أسدى رئيس الدولة تعليماته بهذه المناسبة بشأن ضرورة استعادة كل من الديوان الوطني للزيت وديوان الحبوب لدوريهما كاملين لتحقيق الأهداف التي بعثا من اجلها في ستينات القرن الماضي.
تجدر الإشارة هنا الى أن وضعية الهيكلين المذكورين كانت افضل في الماضي مما هي عليه الآن فقد كانت طاقة التخزين للديوان الوطني للزيت تبلغ اضعاف ما هي عليه الآن وعرفت تقلصا ملحوظا مؤخرا اما الديوان الوطني للحبوب فقد كان يوفر كل حاجيات الفلاحين من البذور التونسية على عكس الآن. وهذه من المفارقات العجيبة التي تدل على حجم التدهور والتراجع في القطاع الفلاحي وهو ما يفسر حالات الندرة والشح في الأسواق في عديد المنتوجات الفلاحية وفي بلد يوسم بالخضرة منذ مرحلة ما قبل التاريخ.
وفي هذا السياق أيضا شدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على ان محاولات الإرباك التي تحدث هذه الأيام غير طبيعية وان الدولة لن تبقى مكتوفة الايدي امام من يتوهم انه قادر على ادخال الاضطراب في أي مجال من المجالات.
وفي كل الحالات من المهم التأكيد على ضرورة إعادة الاعتبار للفلاحة على أساس أنها عماد الاقتصاد الوطني ولابد من القيام بالمراجعات اللازمة في هذا القطاع.
العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟
سقط نظام بشار الأسد في سوريا وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…