2024-11-28

إيقافات للحدّ من ظاهرتي الاحتكار والمضاربة : حتى لا تتحول أزمة البطاطا إلى الشجرة التي تخفي الغابة..!

في الوقت الذي تواجه فيه معظم الأسواق التونسية شحا في مادة البطاطا منذ أسابيع حيث فقدت تماما في عدة مدن في نوفمبر الجاري، ما تسبب في حالة اضطراب في البيوت والمطاعم، تقوم أجهزة المراقبة التابعة لوزارتي التجارة والداخلية بحجز كميات كبيرة من هذه المادة وإحالة محتكريها على أنظار القانون.

حيث أصدرت المحكمة الابتدائية سوسة 2 خلال الأيّام القليلة الماضية بطاقات إيداع بالسجن في حقّ 3 أشخاص من بينهم مهندس عام بوزارة الفلاحة وذلك على خلفية تخزينهم لأكثر من 45 طنّا من البطاطا منذ ماي الفارط بأحد مخازن التبريد بالقلعة الكبرى تمّ ترويجها على دفعات.كما تمّت عمليّة الإيقاف من أجل التلاعب بطبيعة المنتوج دون التنصيص عليه في الدفاتر المعدّة للمراقبة على أنّه بذور بطاطا.

وفي وقت سابق أذنت النيابة العمومية بالمنستير بالاحتفاظ بصاحب مخزن عشوائي من «أجل المضاربة والاحتكار» وذلك بعد أن توفّرت معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لمنطقة الأمن الوطني بالمكنين مفادها استغلال المعني لمخزن عشوائي في تخزين كمية مهمة من البطاطا ويعتزم احتكارها وترويجها خارج مسالك التوزيع القانونية.

هذه الخطوات التي شملت عدة جهات جاءت استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي أكد على ضرورة القضاء على ما وصفه بـ«شبكات إجرامية» تتحكم في مسالك التوزيع، متسببة في أضرار للفلاح والمستهلك على حد سواء.

من جانبه أكد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني عماد مماشة في تصريحات إعلامية على أنه تم تركيز دوريات أمنية قارة في الأسواق لمراقبة الممارسات الاحتكارية بخصوص بيع مادة البطاطا ومدى احترام الأسعار، معتبرا أن هذا الإجراء يأتي في إطار مكافحة الاحتكار والممارسات الضارة بالمستهلك.

وشدد على فعالية هذه الدوريات في فرض احترام التسعيرة التي حدّدتها وزارة التجارة، حيث التزم التجار المخالفون باعتماد التسعيرة القانونية بعد أن بلغت الأسعار 3 دنانير في بعض الأحيان. لكن المنتجين والتجار لا يرون أن الأمر يتعلق فقط بالمحتكرين، ويشيرون إلى وجود أزمة حقيقية.

وأثارت أزمة نقص مادة البطاطا ضجة في الشارع التونسي بسبب ما تقول الحكومة إنه احتكار من التجار وإنّ الأزمة مفتعلة كما حصل في أوقات سابقة مع مواد أخرى، فيما يعتبر التجار أن الإنتاج محدود ما يجعل الأسعار مرتفعة بالإضافة إلى أن اللجوء إلى الاستيراد لم يحل المشكلة إلى حد الآن. حيث صرحت وزارة التجارة بأنها قامت بتوريد نحو ثلاثة آلاف طن من البطاطا لسد الفجوة بسبب تقاطع مواسم الإنتاج في المقابل رافقت هذه الصفقة عديد الانتقادات بوجود مشكل في هذه الكمية الموردة من تركيا على غرار ما صرح به النائب في البرلمان بدر الدين القمودي حيث قال «إن ميناء سوسة شهد يوم 18 نوفمبر محاولة توريد 2780 طنا من البطاطا الفاسدة» وإن الأجهزة المتخصصة كشفت أن كمية البطاطا مصابة بنوعين من البكتيريا.

أزمة البطاطا تدفع العديد من المتابعين للشأن العام في تونس إلى طرح عديد التساؤلات حول استراتيجية الدولة في توفير الاكتفاء الذاتي لعديد المواد الغذائية خاصة المتعلقة بالزراعات وتونس تملك آلاف الهكتارات من المساحات الصالحة للزراعة.

لا شك أن الدولة تقوم منذ مدة بمجهودات جبارة في مراقبة مسالك التوزيع وتضرب أجهزتها بقوة في محاولة للحد من ظاهرتي المضاربة والاحتكار اللتين أضرّتا بالمنتج والمستهلك، ولكن يبدو أن هذه المساعي من الضروري دعمها بوضع استراتيجية واضحة حول سبل توفير كل المواد خاصة في فترة نقص الإنتاج من خلال تخزين الكميات المطلوبة في مخازن تابعة للدولة أو بالشراكة مع الخواص حتى لا يستغل المضاربون والمحتكرون فرص النقص أو الاضطراب في أي من المواد الاستهلاكية  والترفيع في أسعارها إلى مستويات خيالية خاصة منها التي لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها.

يشار إلى أن تونس تعد من الدول المستهلكة للبطاطا بمعدل يفوق 30 كيلوغراما في العام للفرد الواحد وفق بيانات وزارة الفلاحة، وهي تحتل المركز 13 في افريقيا من حيث حجم الإنتاج السنوي. ويبلغ معدل الإنتاج حوالي 370 ألف طن على مساحة تقدر بحوالي 25 ألف هكتار، وفق المجمع المهني المشترك للخضر الذي يتبع وزارة الفلاحة. وعانت تونس من فترات جفاف طويلة متواترة خلال السنوات الخمس الأخيرة وأدى ذلك إلى تقلص الإنتاج الزراعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أزمة بين الصيادلة و «الكنام» : قرارات حاسمة في تحديد الشراكة خلال الأيام المقبلة

أصدرت النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة بلاغا وجهته إلى الصيادلة  بخصوص الإشكاليات …