مرفق القضاء حجر الأساس في بناء الدولة ومؤسساتها : ..والعدل أساس العمران..
هل نحتاج الى استحضار مقولة علاّمتنا الكبير عبد الرحمان بن خلدون: «العدل أساس العمران» للتأكيد على أهمية مرفق العدالة باعتباره حجر الأساس في بناء الدول وتطورها لاسيما في المنعطفات المهمة من تاريخ الشعوب والأمم ؟
الإجابة قطعا نعم فنحن في حاجة دائمة الى تذكير أنفسنا بالمقولات الخالدة لتنزيلها في السياقات الراهنة والاستفادة منها والاستلهام منها لفهم الواقع وتفكيك شيفرته.
نقول هذا وبلادنا تمضي بخطى حثيثة من أجل التأسيس لمرحلة تاريخية جديدة تقطع مع الماضي وعناوينها دالة عليها سواء من خلال الشعار الأبرز المرفوع حاليا وهو البناء والتشييد او من خلال الدينامية السياسية التي نرصدها بشكل يومي والتي يمكن اختزالها في مجموعة من المحاور أبرزها الحرب المعلنة على الفساد والمحاسبة العادلة وتطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة.
وهذا يتطلب قطعا عدالة ناجزة وناجعة وهو بالضبط ما تحدث فيه رئيس الجمهورية قيس سعيّد مع وزيرة العدل السيدة ليلى جفال وذلك لدى لقائهما بقصر قرطاج.
وفي هذا الإطار شدد رئيس الدولة على أنه لا يمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل. وهذا يعني أن مرفق العدالة هو اللبنة الأولى لخوض أيّ معركة من أجل تطوير الأوضاع في تونس انطلاقا من المحاسبة العادلة والشفافة لكل من أجرم في حق الشعب التونسي واقترف فسادا ماليا او سياسيا.
وهنا أيضا أكد رئيس الجمهورية على أهمية الزمن القضائي من أجل البت في عديد القضايا المنشورة. وعلى مكانة القضاء العادل الذي لا يظلم في رحابه احد وأيضا لا يمكن لأي فرد ان يأمن المحاسبة او يفلت من العقاب في ظله.
وهذه من الركائز الأساسية التي يقوم عليها مرفق العدالة وهو ما نسمّيه عادة القضاء المستقل الذي لا سلطان للقاضي فيه الا لسلطة القانون وضميره ويتساوى أمامه جميع المتقاضين بغض الطرف عن مكانتهم الاجتماعية او الوجاهة التي يحظون بها او المستوى المادي الذي يتحوزون عليه.
ومعلوم ان الديمقراطيات العريقة بنت أسسها على مجموعة من الأركان ومن أهمها القضاء المستقل الناجز الذي يتساوى امامه جميع المواطنين حتى لا يكون هناك قضاء للأثرياء وقضاء للفقراء وهو ما تمّ تكريسه في عديد البلدان حيث يسود الإفلات من العقاب ويتم الكيل بمكيالين في القضايا وفقا لوجاهة ومكانة المتقاضي.
وهذه الممارسة هي بالضبط ما يحرص الفاعل السياسي اليوم في بلادنا على قطع دابرها من الجذور في المسار الجديد.
ولعل أغلبنا يتذكر بدون ادنى شك الكثير من الملابسات التي حفّت بقضايا رأي عام مدوية حقا ولكن شابتها الكثير من الشوائب ومن بينها قضية الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي والقضايا الإرهابية الكثيرة الذي ظلت تراوح مكانها لسنوات طويلة وهي امثلة صارخة على التجاوزات التي حدثت في مرفق العدالة خلال عشرية من الزمن كانت بمثابة خراب ممنهج لكل المرافق دون استثناء.
وقد لمسنا جميعا التدهور الحاصل في كافة مناحي الحياة ومن الطبيعي ان يمسّ هذا مرفق العدالة لكن ما يعنينا الآن كمواطنين هو القطع مع هذه الممارسات والاعلان عن مرحلة جديدة يكون القضاء المستقل والناجز احد عناوينها البارزة خاصة مع وجود قضاة شرفاء كما أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في حديثه مع وزيرة العدل السيدة ليلى جفال على درجة الوعي التي يتحلى بها هؤلاء القضاة وادراكهم العميق لنبل وظيفتهم المتمثلة في إرساء دعائم العدل والمساواة بين كل المتقاضين. وهذا تأكيد لمقولة ابن خلدون التي بها تم استهلال هذه الورقة في التأكيد على أهمية العدل باعتباره أساس العمران وغيابه مؤذن بخرابه.
العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟
سقط نظام بشار الأسد في سوريا وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…