لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة الصادرة عن المرصد الوطني للفلاحة يمكن أن يكون نقطة قوة للقطاع الفلاحي وللاقتصاد التونسي عموما،وذلك من خلال تشجيع الإنتاج وتقليص العجز التجاري التونسي وتعزيز مداخيل العملة الصعبة التي تمكّن بدورها الدولة من استيراد المواد الحيوية مثل الأدوية والمنتجات الغذائية التي لا تنتجها تونس محليًا أو التي تعاني من نقص فيها مثل الحبوب والزيوت والقهوة والسكر.لكن ارتفاع هذه الصادرات لا يعني أن تونس حققت اكتفاءها الذاتي أو يضمن وحده الأمن الغذائي للتونسيين.إذ أن تركيز الإنتاج على التصدير قد يؤدي إلى تراجع بعض المنتجات في السوق الداخلية، وارتفاع أسعارها، مما يؤثر سلبًا على المستهلك التونسي.كما أن استيراد تونس لعدد من السلع الغذائية الأساسية، مثل الحبوب والزيوت يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية ولارتفاع الاسعار وزيادة الكلفة دون الحديث عن التغيرات المناخية وشح التساقطات التي أثرت على الإنتاج الوطني الفلاحي وزادت هشاشة الأمن الغذائي.
في هذا السياق وبخصوص تقييمنا لتحسّن الميزان التجاري الغذائي خلال الـ10 أشهر الأولى من سنة 2024 والذي حقق فائضا بـ1386.4 مليون دينار سنة 2024 بعد عجز بـ915.7 مليون دينار خلال الفترة نفسها من سنة 2023 فإن هذا التحسّن في الميزان الغذائي استنادا إلى تصريح أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي هو مؤشّر إيجابي من المفروض أن يتقدّم بنا نحو هدف أسمى هو الأمن الغذائي الذي يعني تأمين غذاء التونسيين من خلال صادرات المواد الغذائية، وهو ما حصل بالفعل بما أن نسبة تغطية الواردات الغذائية بالصادرات الغذائية تحسّنت الى ٪124.7. لكن السؤال المطروح في هذا الصدد هو حول الأمن الغذائي للتونسيين وهل تم توفير ما يلزم التونسيين من غذاء من خلال العملة الصعبة المتأتية من صادرات المواد الغذائية والتي تحسّنت بـ ٪27.3؟ إن الإجابة عن هذا التساؤل هي قطعا بالنفي استنادا دائما إلى رأي الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي وذلك بالاعتماد على قراءته للتراجع الحاصل بصورة واضحة في مستوى واردات المواد الغذائية الحياتية، على غرار واردات الحبوب التي تراجعت بـ٪22 وواردات السكر التي تراجعت بـ٪34.3 وواردات الزيوت النباتية التي تراجعت بـ٪11.3، وبالتالي فإن مشكلة تزويد السوق المحلية بالمواد الغذائية قائمة الذات وحتى التحسن الملحوظ في صادرات المواد الغذائية فإنه كان ناتجا عن تحسّن صادرات زيت الزيتون بـ٪47.7.
كما أن هذا التحسّن كان نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية لزيت الزيتون نظرا للأزمة التي شهدتها إسبانيا والتي أدت الى انخفاض كبير في انتاجها حوّل وجهة السوق العالمية الى تونس.
وفي هذا السياق فإن أزمة إسبانيا لن تتواصل وأي تحسن في مؤشرات انتاج زيت الزيتون في هذا البلد لن يؤمّن تواصل هذه النتيجة التي حققتها تونس وبالتالي ولكي يكون هذا الفائض التجاري الغذائي مفيدا لتحقيق الأمن الغذائي التونسي لا بد أن يصاحبه أولا تحسّن كبير في الانتاج الفلاحي وثانيا عدم حرمان التونسيين من الغذاء اللازم لهم أي دون تراجع على مستوى واردات المواد الغذائية.
اللجنة التجارية المشتركة التونسية الليبية : تحقيق الاندماج الاقتصادي يتطلب إطلاق الاستثمارات المشتركة وتحيين الاتفاقيات الثنائية
تمثل اللجنة التجارية المشتركة التونسية الليبية التي اختتمت أشغالها مساء أول أمس الأحد 7 دي…