رئيس الجمهورية يدعو إلى معركة شاملة ضد الفساد في كافة القطاعات : التأكيد على اعتماد مقاربات شاملة لمكافحة الظاهرة
تتواصل الجهود الوطنية لمحاربة الفساد في مختلف القطاعات وفي عدد من الهياكل والمؤسسات، حيث أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال سلسلة من الاجتماعات واللقاءات بقصر قرطاج، على ضرورة تبني نهج شامل ومستدام للقضاء على هذه الآفة التي نخرت مفاصل الدولة وقطاعاتها الحيوية والمجتمع ككل.
ولدى استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أول أمس الاثنين ،خالد النوري، وزير الداخلية، وسفيان بالصادق، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني، تم التأكيد على الدور الموكول للسلط الجهوية والمحلية في العمل على حلّ مشاكل المواطنين وتذليل الصعوبات أمامهم ومراقبة الأسواق، فضلا عن ضرورة تنقّلهم بصفة يومية كل في نطاق دائرة اختصاصه لإنفاذ القانون على الجميع على قدم المساواة.
وفي اجتماع عقده في وقت سابق مع وزير الداخلية خالد النوري ووزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد وكاتب الدولة المكلف بالأمن الوطني، جدّد رئيس الجمهورية تأكيده على ضرورة أن تكون محاربة المضاربة والاحتكار سياسة مستمرة على مدار العام وليست مجرد حملات عابرة. وأشار إلى أهمية استهداف الشبكات الإجرامية المنظمة التي تعمل في الخفاء، مشددًا على أن القضاء عليها يتطلب استراتيجيات مبتكرة تتجاوز الأساليب التقليدية.
وفي ذات السياق، نوّه بالتفاعل الإيجابي للعديد من تجار التفصيل الذين أظهروا وعيًا وطنيًا بعد تعامل مختلف معهم من قبل أعوان المراقبة والأمن. وأشاد بروح التضامن التي أبدتها بعض الشرائح، حيث بادرت إلى خفض الأسعار وإعادة المنتجات المخفية إلى الأسواق، في خطوة تعكس استجابة إيجابية لنداء الواجب الوطني.
وتنفيذا لحملة مراقبة الأسعار وضمان استقرار الأسواق، تمكنت الفرق الرقابية المشتركة في عدد من الولايات على غرار باجة وبنزرت وتونس العاصمة من حجز كميات من مادة البطاطا بالمخازن العشوائية. وتأتي هذه العمليات إثر عمل أمني واستخباراتي دقيق، وعمل جماعي بين مصالح الأمن الوطني بالتعاون مع الفرقة الجهوية للشرطة البلدية والرقابة الاقتصادية التابعة للإدارات الجهوية للتجارة.
وقد تبين أن المخازن العشوائية تستخدم لتخزين البطاطا المبشورة والمعدة للقلي بطريقة غير قانونية، وهي إحدى العمليات التي تأتي ضمن حملة واسعة تشهدها ولاية بنزرت، شملت الأسواق البلدية والمحلات التجارية وأسواق الجملة، واستهدفت ضبط الأسعار ومحاربة الاحتكار والتجاوزات.
وتسعى حملات المراقبة الى تحسين نسق التزود بمختلف المواد الاستهلاكية، استقرار الأسعار، والحد من ظاهرة الانتصاب العشوائي، مما يعزز من قدرة الدولة على حماية المستهلك وتنظيم الأسواق بفعالية.
وكان تحدث وزير الداخلية في جلسة عامة بالبرلمان خالد النوري، خلال مناقشة مهمّة وزارة الداخليّة ضمن ميزانية الدولة لسنة 2025، في الجلسة العامة المشتركة المنعقدة الاسبوع الفارط بقصر باردو، عن الخطة الامنية التي وضعت لمقاومة ظواهر الاحتكار والمضاربة واخفاء المواد الاساسية.
وأفاد بخصوص مقاومة ظاهرة الاحتكار والتجارة الموازية، بأن الوحدات الأمنية تعمل على تكثيف الرقابة بالتنسيق مع مختلف الهياكل المتدخلة، مع رقمنة منظومة التزوّد والتزويد ليتسنى التعرّف على المزودين والكميات التي تم بيعها في سوق الجملة وتحديد هويات تجار التفصيل والكميات التي تم اقتناؤها، بما من شأنه أن يسهّل عملية المراقبة.
كما أبرز الحرص على إصلاح المنظومة الجبائيّة والتصدي للتهرّب الجبائي ومكافحة التهريب ومراقبة مسالك التوزيع واتخاذ الإجراءات الردعية في شأن المحتكرين، مشيرا الى أن الوزارة تعمل على التصدي لظاهرة الاحتكار والمضاربة عبر إجراء رقابات ميدانية مشتركة مع فرق من وزارة التجارة ضمن خطة عمل مشتركة بين الوزارتين.
الرياضة… منبع آخر للفساد
من جهة اخرى يشهد قطاع الرياضة أزمة وصعوبات سببها سوء التصرف والفساد، حسب تقدير رئيس الجمهورية، إذ وصفه بـ«المخترق بالفساد والتخريب». وفي لقاء مع وزير الشباب والرياضة الصادق المورالي، انتقد قيس سعيّد الوضع «الهجين» للهياكل الرياضية، التي وصفها بأنها ليست احترافية بالكامل ولا هواية واضحة المعالم. كما كشف عن انتشار ظاهرة «السمسرة المقنعة»، حيث تُبرم عقود قصيرة الأجل لا يستفيد منها سوى الوسطاء.
ودعا رئيس الدولة إلى مراجعة جذرية لهذه الهياكل، مع التأكيد على أهمية إعادة إحياء الفضاءات الرياضية في الأحياء كجزء من التنمية العمرانية، مُذكّرًا بأن تونس التاريخية أنجبت أبطالًا في ظروف أكثر تواضعًا مما هي عليه اليوم.
رئيس الجمهورية شدّد مرارًا على ضرورة أن يكون القانون هو الفيصل بين الجميع، دون تمييز أو استثناء. وأشار إلى أن إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين يمكن أن تغير سلوكياتهم نحو الأفضل، داعيًا إلى تعزيز روح الانتماء الوطني والتكاتف المجتمعي.
تصريحات رئيس الجمهورية تأتي في سياق وطني حساس، حيث يشهد المواطنون موجة من الاحتكار والمضاربة التي أثرت بشكل كبير على قدرتهم الشرائية. وبالتوازي، تعاني بعض القطاعات الحيوية من غياب الشفافية وتفشي الممارسات غير القانونية، وهو ما يستدعي حلولًا جذرية وإرادة سياسية قوية.
ولا تعد معركة محاربة الفساد مجرد خطوة نحو الإصلاح الاقتصادي فقط، بل هي استثمار في بناء تونس جديدة، قائمة على العدالة وسيادة القانون. وفي ظل هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على وعي مجتمعي وسياسي مشترك لإنجاح هذه المعركة المصيرية.
ختم قانون المالية لسنة 2025 في الآجال المحددة : تناغم جليّ بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لمواجهة التحديات الراهنة
ختم رئيس الجمهورية قيس سعيّد، مساء الاثنين 9 ديسمبر 2024، قانون المالية لسنة 2025 في الآجا…