رئيس الجمهورية يدعو إلى إزالة العقبات القانونية : بارقة أمل إذا تُرجمت إلى إجراءات عملية..!
في لقائه برئيس الحكومة كمال المدّوري ، دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ضرورة ازالة كل العقبات القانونية التي تقف حائلا أمام إنجاز عدد من المشاريع وهو ما يمكن اعتباره بارقة أمل إذا ما تُرجمت هذه التصريحات إلى إجراءات عملية اذ يجب أن يتم التركيز على وضع خطة إصلاح شاملة تنطلق من واقع المشكلة وليس مجرد معالجة سطحية.
وتبرز مشكلة البيروقراطية القانونية والإجراءات المعقدة وطويلة الآجال كأحد أهم التحديات التي تواجه تنفيذ المشاريع اذ تتعدد القوانين التي كان يُراد بها تحسين الحوكمة وضمان الشفافية لكنها اليوم أصبحت عقبة أمام تحقيق التنمية والتقدم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك نذكر قانون الصفقات العمومية الذي يعد إحدى الركائز التي تهدف إلى ضمان النزاهة والمنافسة في إدارة المال العام. ورغم ذلك تحول هذا القانون بفعل تعقيداته الإجرائية إلى عامل يثقل كاهل المشاريع ما يتسبب في عديد التعطيلات ويتطلب الالتزام ببنود القانون المرور بعديد المراحل التي تتطلب عدة اشهر بل تصل إلى سنوات.
هذه الإجراءات التي قد تبدو منطقية لضمان الشفافية، غالبا ما تتحول إلى عملية مرهقة تستنزف الوقت والموارد. في بعض الحالات، يستغرق إعداد وإتمام صفقة عمومية سنوات، ما يؤدي إلى تأجيل تنفيذ المشاريع أو حتى إلغائها. هذا الواقع يمثل بيئة غير مشجعة للمستثمرين الذين يبحثون عن السرعة والمرونة في اتخاذ القرارات.
ولا يمكن فصل تأثير القوانين المعقدة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام في تونس. وتتسبب البيروقراطية الإدارية في تعطيل المشاريع الكبرى سواء كانت في مجال البنية التحتية أو في مجالات اخرى . هذه المشاريع، التي يُفترض أن تكون قاطرة للتنمية وخلق فرص العمل تتحول إلى رهينة لمتاهة الإجراءات القانونية التي كان يمكن تغييرها منذ سنوات.
إضافة إلى ذلك تؤثر هذه العقبات على تصنيف تونس كوجهة استثمارية. وحسب بعض التقارير الدولية فان تعقيد الإجراءات القانونية يمثل أحد اهم الأسباب التي تجعل المستثمرين يترددون في دخول السوق التونسية ويفضلون أسواقا اخرى في المنطقة تكون اكثر مرونة.
ضرورة وليس خيارا
تحتاج بلادنا اليوم إلى وقفة جدية لمراجعة قوانينها وإجراءاتها، بما في ذلك قانون الصفقات العمومية. فالإصلاح لا يعني التخلي عن مبادئ الشفافية والحوكمة بل تبسيط الإجراءات وتحديث القوانين لتكون متوافقة مع المتغيرات الحديثة. و يجب أن يكون الهدف هو خلق بيئة قانونية تشجع على الابتكار والاستثمار وتنفيذ المشاريع عوض أن تكون عائقا أمامهم.
ومن بين الخطوات الممكنة للإصلاح يمكن تطوير المنظومة الرقمية لتسهيل وتسريع الإجراءات ما يقلل من التدخل البشري ويعزز الشفافية مع التركيز على الإجراءات الجوهرية التي تضمن النزاهة دون تعقيد، اضافة إلى مراجعة شاملة للقوانين القديمة لتكون أكثر توافقا مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي الراهن.
ولا شك ان التنمية في تونس لا يمكن ان تتحقق إلا ببناء منظومة قانونية مرنة وعصرية تدعم تنفيذ المشاريع بسرعة وبفعالية وفي اقل وقت ممكن.
القانون الجديد للشيكات : دعوة إلى اعتماد «الكمبيالة» في المعاملات التجارية بين الشركات والأشخاص
شهدت الدورة الـ38 من أيام المؤسسة التي انعقدت بسوسة نقاشات موسعة حول القانون الجديد للشيكا…