مجلس الغرف المختلطة : المطالبة بضرورة استخلاص بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة
قدم وفد من مجلس الغرف المختلطة برئاسة رئيسه ناصف بالخير للجنة المالية والموازنة في مجلس نواب الشعب سلسلة من التوصيات والاقتراحات لمشروع قانون المالية 2025، تهدف إلى تعزيز جاذبية تونس للمستثمرين ودعم الديناميكية الاقتصادية في البلاد.
وتمحورت أغلبية هذه التوصيات حول النظام الجبائي حيث حذر هذا الأخير (مجلس الغرف المختلطة ) من زيادة الضرائب على الأفراد، معتبرًا أن ذلك قد يؤثر بشكل غير مباشر على الموظفين وأصحاب المهن الحرة عن طريق زيادة الأعباء المالية عليهم الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص فرص خلق الوظائف في سوق الشغل والمساس بالقدرة التنافسية للشركات التونسية.
وجاء في بيان إدارة هذا المجلس « يعد الاستقرار الضريبي عنصرا حاسما بالنسبة للمستثمرين الأجانب، الذين بلغ حجم استثماراتهم في تونس 2.5 مليار دينار في 2024. ومن الهام المحافظة على نظام ضريبي محافظ على الاستقرار وجاذب لمزيد من الاستثمارات الأجنبية».
واعتراف مجلس الغرف المختلطة بدور شركات النقل واللوجستيك في تسريع وتيرة المشاريع الكبرى وأثرها الإيجابي على الاقتصاد الوطني، واقترح المجلس تخفيض نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 19% إلى 7% بالنسبة للشاحنات. ومن أجل تعزيز استخدام السيارات البيئية، اقترح المجلس أيضا إعفاء السيارات الهجينة 100% من رسوم الاستهلاك وتقليص الضريبة على القيمة المضافة إلى 7% للسيارات التي تستهلك وقودًا أقل بنسبة 40% مقارنة بالسيارات التقليدية موضحا ان هذا الإجراء سيساهم في تقليل استهلاك الوقود ودعم جهود تونس في مجال الانتقال الطاقي. كما أوصى بمنح عفو على المخالفات الجمركية، مما يسمح للمشغلين الاقتصاديين بتسوية وضعياتهم والبدء من جديد في أنشطتهم مشيرا الى ان هذه الخطوة ستكون مفيدة في تحفيز الاستثمارات والنمو الاقتصادي.
وجاء في بيان المجلس الصادر الخميس الماضي: «تعكس هذه الاقتراحات التزام مجلس الغرف المختلطة بدعم اقتصاد تونسي مرن وقادر على التنافس ومستدام، وخلق بيئة ملائمة للاستثمار. يأمل المجلس أن يتم أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار في إعداد مشروع قانون المالية 2025 بهدف تحفيز النمو وتعزيز الإيرادات الضريبية وتعزيز الاقتصاد الأخضر».
وفي إطار مقترحاته الخاصة بالنظام الجبائي، أوصى المجلس بتعزيز الفرق المكلفة بالرقابة الضريبية داخل وزارة المالية لتحصيل إيرادات ضريبية هامة من المكلفين المتخلفين والقطاع غير الرسمي، مما سيساهم في تحسين المالية العامة. هذه الموارد التي من شأنها أن توفر عائدات مالية هامة لخزينة الدولة في حال قامت إدارة الجباية باستخلاص مستحقّاتها الضريبيّة والتي (قيمة بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة، والتي تمثل مستحقات الدولة لدى المطالبين بالأداء) بلغت إلى حدود نهاية ديسمبر 2019 ما قيمته 10252 مليون دينار. فيما لم تتجاوز نسبة استخلاص هذه الديون 8.1% خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2013 و2019.
ويوضح ذات التقرير المذكور «أن 101 ألف مدين لدى الدولة، تتعلّق بهم ديون جبائية غير مستخلصة بقيمة تفوق 1418 مليون دينار، غير موجودين في العناوين المصرّح بها ولا تتوفّر حولهم أيّ معلومات تسمح بتعقبهم».
وأرجع تقرير محكمة المحاسبات تراكم هذه الديون والتي وصفها بالموارد «المهدورة» الى ضعف إدارة الجباية التي تشكو من محدوديّة الإمكانيات البشرية واللوجستية ومحدودية النظـام المعلوماتي المعتمد بحكم افتقاره إلى آليّات الرقابة العامّة عند إدراج تواريخ غير منطقيّة وافتقار إدارة الجباية إلى آليّة تربط أعمال التتبّع بطبيعة الديون المثقلة.
وبالعودة الى قيمة بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة والبالغ قيمتها 10252 مليون دينار موفى سنة 2019 والأكيد أنها ارتفعت طيلة الخمس سنوات الفارطة بمثل هذه النقائص الفادحة، والتي لم يتم بعد استخلاصها، تخسر خزينة الدولة موارد مالية هامة كانت قد تغنيها عن الاقتراض الخارجي من جهة وتكريس فكرة نجاح سياسة تونس في تعويلها على مواردها الذاتية دون المس من النظام الضريبي لأن إثقال كاهل الأشخاص والمؤسسات بإجراءات «ضرورية لتغطية عجز الميزانية» هي في الأصل إجراءات من شأنها ان تزيد من الضغط الجبائي على الأسر والمؤسسات باعتبارها إجراءات ستؤدي إلى تعميق حالة عدم المساواة وفق شق من الاقتصاديين بينما يصفها شق آخر بإصلاحات «جبائية هامّة» ستخفف الضغط المتزايد على الميزانية خاصة إذا عمدت الحكومة بالتوازي على مكافحة التهرب الجبائي ومقاومة الاقتصاد الموازي باعتباره المصدر الأول لتنامي ظاهرة التهرب الجبائي.
وعموما مثل «التهرب الضريبي» في السنوات الأخيرة معضلة الاقتصاد التونسي (بحكم انه يقدر بحوالي 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ويمثل نحو 50 بالمائة من قيمة الموارد الضريبية وأن الإغفال عن التصريح الجبائي يصل إلى 50 و60 بالمائة كما يتهرب قرابة 40 بالمائة من المتمتعين بالنظام التقديري من خلاص متخلداتهم الجبائية). ولئن عجزت الحكومات السابقة على مقاومته وإيجاد حلولا جذرية لمقاومته فقد آن الأوان للحد منه من أجل تحصيل عائدات مالية توفر لخزينة تونس موارد مالية هامة قد تغنيها عن سياسة الاقتراض الخارجي.
الإصلاحات الاقتصادية : الحكومة التونسية تكشف عن خطتها الخاصة بالشركات الصغرى في 2025
تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 جملة من الإجراءات الهادفة إلى دعم الاقتصاد الوطني سواء …