مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية أن يساهم بشكل ملموس في تعزيز هوية المهرجان وتطويره على مختلف الأصعدة الفنية والتنظيمية.
بدأت علاقة سموءل بالمهرجان في عام 2017 عندما استقدمه مدير المهرجان محمد علي شعيب للعمل في ورشة «أساسيات الإخراج السينمائي»، ومنذ تلك اللحظة، بدأ سموءل في بناء علاقة وطيدة مع المهرجان الذي يشهد نموًا مستمرًا في كافة دوراته. رحلة سموءل مع المهرجان تواصلت في مختلف الدورات، حيث كانت الدورة 18 محطة هامة في مسيرته مع المهرجان، إذ تم استقدامه من قبل مدير المهرجان السيد خالد الجابري ليكون عضوًا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، ما أتاح له فرصة أكبر للتفاعل مع صناع الأفلام المحليين والدوليين ولتعزيز دور السينما في التصدي لقضايا المنطقة من خلال الفن.
أما في الدورة 19 التي حملت شعار: «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد» في فقد تولى سموءل سخية مهمة المدير الفني للمهرجان، حيث قام بصياغة الهوية البصرية واختيار الأفلام وتنظيم المسابقات، محققًا رؤية فنية جديدة تبعث رسائل قوية حول علاقة السينما بالبيئة والمجتمع.
الشعار الذي أطلقه «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد» لم يكن مجرد كلمات، بل كان تعبيرًا عن التزام المهرجان بقضايا البيئة والمقاومة الثقافية. كانت هذه الكلمات بمثابة وعد للمستقبل: أن الفن سيكون دائمًا الأداة التي تساند الأرض وتحارب التدهور البيئي.
وفي اطار الحرص على الهوية البصرية والمحتوى الفني بالتعاون مع الفنان البصري السوري علاء ناصر، قام سموءل بتأليف الهوية البصرية للمهرجان، مستعينًا بالألوان والتصاميم التي تعكس الانسجام بين الإنسان والطبيعة، وفي الوقت ذاته، تُبرز التحديات التي يواجهها العالم في مواجهة التغيرات البيئية. من خلال هذه الهوية، كانت الرسالة واضحة: السينما ليست مجرد صورة على الشاشة، بل هي وسيلة للتعبير عن الصراع الوجودي بين الإنسان وبيئته. كما كان لمساعد المدير الفني ومدير التصوير والمصور الفوتوغرافي جيلاني بالشيخ دورٌ بارز في تطوير الجوانب الفنية للمهرجان. فقد اقترح جيلاني مسابقة «أفضل صورة» التي تم تنظيمها للمرة الأولى في الدورة الـ19، حيث كان يشرف على المسابقة ويعمل على ضمان اختيار أفضل الأعمال الفوتوغرافية التي تعكس العلاقة بين الإنسان والطبيعة. كما كان له دور كبير في التصميم والإشراف على سينوغرافيا حفل الافتتاح والاختتام، حيث قدم رؤية بصرية متكاملة أضافت عمقًا جماليًا للمهرجان. بالإضافة إلى ذلك، تولى جيلاني بالشيخ مهمة إدارة تصوير الفيلم الترويجي للمهرجان، الذي حمل عنوان «بين الواقع والخيال، أنت دائمًا البطل». كان الفيلم بمثابة دعوة للجمهور لاستكشاف المهرجان، حيث جمع بين عناصر الواقع والخيال ليبرز التأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه الفن في تغيير الواقع وتوجيه الرسائل للمجتمعات.
اختيار الأفلام وتنظيم المسابقات أحد أبرز إنجازات سموءل في الدورة الـ19 حيث استقدم 9 أفلام قصيرة للمسابقة الرسمية، وتم اختيار أفلام تحمل رسائل فنية قوية تتعلق بقضايا البيئة والهوية الاجتماعية. كما عمل على استقدام أفلام العروض الخاصة مثل «آخر واحد فينا» من إخراج علاء الدين سليم و«ريش» من إخراج عمر الزهيري، لتعزيز دور المهرجان في تسليط الضوء على قضايا مستجدّة في السينما العربية والعالمية. كما قام سموءل باختيار لجنة التحكيم، حيث تواصل مع أعضائها وناقش رؤيته الفنية معهم، مؤكدًا على أهمية تقييم الأفلام وفق الرسائل البيئية والإنسانية التي تحملها. هذا التواصل كان له دور في توجيه اللجنة لمعاينة الأفلام من منظورٍ يتماشى مع رؤية المهرجان وأهدافه.
الفيلم الترويجي للمهرجان تم اقتراحه وتأليفه وإخراجه وتنفيذه ويحمل عنوان «بين الواقع والخيال، أنت دائماً البطل»، بواسطة سموءل سخية، حيث قدم فيه فكرة مبتكرة تعبر عن روح المهرجان وأهدافه. الفيلم كان بمثابة دعوة للمشاركة في المهرجان واكتشاف قصصٍ فنية تعكس تحديات الواقع وأحلام الخيال. ولإضافة بعد عالمي للأحداث، تم استقدام فيلم الافتتاح «تجار الجليد»، المرشح لجائزة الأوسكار لعام 2022 عن فئة أفضل فيلم قصير، ما أضفى قيمةً فنية وجذب اهتمام جمهور أكبر.
حفل الاختتام كان بمثابة تتويج لكل الجهود التي بذلها سموءل وفريقه الفني. حيث تم استقدام أوركسترا المعهد العالي للفنون والحرف بقابس وأكاديمية زرياب، بقيادة المايسترو فداء الوحيشي، لتقديم العروض الموسيقية المميزة التي أضفت طابعًا فنيًا رائعًا على الحفل. من بين المبادرات المهمة التي قام بها سموءل في الدورة الـ19 هي تنظيم ورش عمل سينمائية حيوية، مثل ورشة «فن التمثيل بين المسرح والسينما» تحت إشراف الدكتور فتحي العكاري، وورشة «الديكور السينمائي»، التي ساهمت في تطوير مهارات الشباب السينمائيين وتحفيزهم على الإبداع في مجالات متنوعة من صناعة الأفلام.
وبناءً على رؤيته الفنية، اقترح سموءل تكريم الفنان القدير عيسى حراث في هذه الدورة، تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في مجال الفن السابع، ليكون التكريم بمثابة لفتة تقدير لجميع المبدعين الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ السينما.
ومن خلال عمله في الدورة الـ19، أظهر سموءل سخية قدرته على تحويل المهرجان إلى حدث سينمائي فني يتجاوز مجرد العروض، بل يعكس معركة مستمرة للحفاظ على البيئة، احترام التراث الثقافي، وتقدير الفن كأداة للتغيير. وعمله كان بمثابة مقاومة ضد التفكك الاجتماعي والبيئي، مع التأكيد على أن السينما تبقى دائمًا وسيلة قوية لتوجيه المجتمع نحو مستقبل أفضل.
لا يمكن التعويل على الذات دون دعم الفلاحة وزيادة الاستثمارات : مـــتـــى يـــعـــي الــتـونــســيــون أن أمــانـهــم فـي أرضهم؟
في آخر تقرير صادر عنه الاسبوع الفارط، حذّر المرصد الوطني للفلاحة من تراجع في قيمة الاستثما…