2024-11-16

التخزين في تونس: أزمة تتفاقم والحلول تنتظر التنفيذ

يواجه القطاع الفلاحي في تونس أزمة متواصلة في ما يتعلق بقدرة التخزين ما يؤدي إلى خسارة نسبة كبيرة من الإنتاج الفلاحي سنويا ، وقد لاحظنا ذلك منذ سنوات حيث طال تقريبا اغلب المنتجات الفلاحية.

وقد صرّح فتحي بن خليفة، المتحدث الرسمي باسم اتحاد الفلاحين بأن 30 بالمائة من المنتجات الفلاحية تتعرض للإتلاف بسبب عدم استيعاب مساحات التخزين الملائمة وعدم استغلالها بطرق تضمن الحفاظ على المحصول. وتتطلب  هذه الأزمة  من الدولة  بشكل عاجل إعادة النظر في استراتيجية التخزين سواء عبر تطوير الصناعات التحويلية أو زيادة طاقة التخزين المتاحة من اجل المساهمة في الحد من الهدر والإتلاف  ودعم استقرار أسعار المنتجات.

ويعد فقدان مادة  البطاطا وارتفاع سعرها مثالا على انعكاسات أزمة التخزين في بلادنا  حيث تتزايد أسعار هذه المادة الأساسية خارج موسم الإنتاج بسبب ضعف قدرة الدولة والأفراد على تخزين المحصول  وحسب بن خليفة فان التخزين المحدود لهذا المحصول الحيوي ينتج عنه فراغ في السوق وارتفاع مفاجئ في الأسعار ما  يثقل حتما كاهل المستهلك التونسي.  ويعود  هذا النقص إلى تراجع دور الدولة في توفير مساحات كافية للتخزين البارد أو دعم جهود الفلاحين لاقتناء مستودعات خاصة بالتخزين.

ولا يقتصر هذا المشكل على البطاطا فقط بل يشمل عديد المنتجات الفلاحية التي ينتهي بها المطاف بالإتلاف عوض الاستفادة منها في الصناعات التحويلية أو تخزينها للمواسم التي تشهد نقصا  أو شحاّ فعليا وعلى سبيل المثال، الطماطم والفراولة التي تُعد منتجات موسمية تنتج بكميات كبيرة في فترة قصيرة ما يجعل من الصعب على الفلاحين بيعها أو تخزينها كلها في الوقت المناسب.

وبسبب نقص إمكانيات التخزين تتلف  كميات كبيرة من هذه المنتجات في حين يمكن استخدامها لإنتاج المربى أو العصائر أو منتجات غذائية أخرى ذات قيمة مضافة، مما يساهم في تحقيق إيرادات إضافية للقطاع وتوفير فرص عمل جديدة.

ومن بين التحديات التي تعيق زيادة طاقة التخزين، هناك تخوف من بعض الفلاحين والتجار من تخزين المنتجات بسبب قانون مكافحة المضاربة والاحتكار، حيث يخشى هؤلاء من أن يتم تصنيفهم كمضاربين إذا قاموا بتخزين كميات كبيرة من المنتجات. ويبدو أن هذا القانون رغم أهميته في ضبط السوق، إلا أنه يحتاج إلى مراجعة تضمن التوازن بين تنظيم التخزين ومنع الاحتكار دون أن يؤدي إلى إرباك القطاع الفلاحي وتعطيل النشاطات الفلاحية والتجارية التي تحتاج إلى مساحات تخزين فعّالة .

نؤكد ان تطوير منظومة التخزين في تونس اليوم ضرورة ملحة للحد من إتلاف المنتجات  الغذائية وتقليل التذبذب في الأسعار. ويمكن تحقيق ذلك من خلال بناء مستودعات حكومية خاصة بالتخزين وتقديم حوافز للفلاحين للاستثمار في التخزين الخاص إضافة إلى دعم الصناعات التحويلية لاستيعاب فائض الإنتاج وتحويله إلى منتجات ذات قيمة أعلى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

القانون الجديد للشيكات : دعوة  إلى  اعتماد «الكمبيالة» في المعاملات التجارية بين الشركات والأشخاص

شهدت الدورة الـ38 من أيام المؤسسة التي انعقدت بسوسة نقاشات موسعة حول القانون الجديد للشيكا…