2024-11-15

مع تخصيص جزء منها لفائدة العاطلين عن العمل : استغلال الأراضي الفلاحية الدولية للإسهام في خلق الثروة

تعدّ البطالة بين أصحاب الشهائد  العليا من الظواهر المتزايدة في العديد من الدول، لا سيما في الاقتصاديات النامية حيث تواجه تحديات في استيعاب خريجي التعليم العالي ضمن سوق العمل. ومع تزايد نسبة البطالة بين هذه الفئة، تبرز الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تمكنهم من الانخراط في الدورة الاقتصادية.

أحد المقترحات التي لاقت اهتماماً كبيراً تخصيص جزء من أراضي الدولة لاستثمارها من قبل العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا، واستغلال هذه الأراضي في مشاريع إنتاجية متنوعة تدعم الاقتصاد المحلي.

السياق الاقتصادي والاجتماعي للمبادرة

يأتي هذا التوجه في إطار تصاعد التحديات الاقتصادية وازدياد ضغط الطلب على الوظائف في القطاعات التقليدية التي تعجز عن توفير فرص عمل كافية. ويمثل أصحاب الشهادات العليا شريحة تمتلك المهارات والمعرفة التي يمكن أن تستثمر في مشاريع مبتكرة، خصوصاً في القطاعات الفلاحية والصناعات التحويلية والمشاريع البيئية المستدامة .

ومع انطلاقة هذه الفكرة في التطبيق منذ سنة 2018 إلا أن نتائجها وفق أصحاب الطلبات ،ضعيفة مقارنة بحجم المعاناة والأتعاب الإدارية والإجرائية التي تعترض طالب هذه الخدمة ومن شأن تخصيص جزء من الأراضي الدولية لهؤلاء الشباب تلبية حاجة مزدوجة، حيث يوفر لهم فرصة للإنتاج والمشاركة في الاقتصاد، كما يساعد على تحريك القطاع الاقتصادي في المناطق الريفية، وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.

دور الدولة في تمكين المبادرة

لتنجح هذه المبادرة، ينبغي أن تتخذ الدولة خطوات ملموسة تسهّل تنفيذها، مثل توفير الأراضي الصالحة للاستغلال الفلاحي وتهيئة البنية التحتية اللازمة . ويعد توفير التمويل والتدريب ضروريين لضمان نجاح هذه المشاريع، إضافة إلى تسهيل الإجراءات القانونية والتراخيص وتسهيل عمليات الكراء .كما يمكن تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم هذه المشاريع، بما يضمن الاستدامة والقدرة على التوسع. وبدت هذه المطالب ملحة اليوم خاصة مع كشف ملفات فساد كبيرة في عديد الضيعات الفلاحية التي هي على ملك الدولة مثل الشعال والنفيضة وغيرها .

أمثلة وتجارب ناجحة

نجحت بعض الدول في تنفيذ مشاريع مشابهة، حيث خصصت الأراضي غير المستغلة للشبان العاطلين، مما ساهم في تحسين الاقتصاد المحلي، كما هو الحال في تجارب بالمغرب، وجنوب إفريقيا. وفي تونس، على سبيل المثال، تم إطلاق بعض المبادرات التعاونية التي شملت إنشاء مشاريع فلاحية مستدامة بالشراكة مع الشباب العاطلين، مما حقق نتائج ملموسة على مستوى الإنتاج الفلاحي وخلق فرص عمل محلية.

وعلى الرغم من أهمية هذه المبادرة، إلا أن هناك تحديات عديدة يجب أخذها بعين الاعتبار. تشمل هذه التحديات صعوبة الوصول إلى التمويل اللازم، ونقص الدعم الفني والإداري. وقد تواجه المشاريع أيضاً عقبات بيروقراطية تعيق تسريع تنفيذ المبادرة. علاوة على ذلك، فإن التزام الشباب بالعمل في مشاريع إنتاجية يحتاج إلى دعم مستمر وإشراف لضمان استمراريتها وتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.

إذا تم تنفيذ هذه التوجهات بنجاح، يمكن أن تسهم في تخفيف الضغط على سوق العمل التقليدي وتخفيف مستويات البطالة بين أصحاب الشهادات العليا. علاوة على ذلك، يمكن لهذه المشاريع أن تسهم في تحسين معدلات الإنتاج الوطني، وزيادة نسب الصادرات، وتقليص الاعتماد على الاستيراد، مما يعزز من صلابة الاقتصاد الوطني ويحقق التنمية المستدامة. فمثل هذه الخطوات فرصة حقيقية لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متكاملة. وإذا تم تنفيذها بدقة، فإنها قد تشكل نموذجاً يحتذى به لدول أخرى. ويظل الدور الحكومي في هذا الصدد محورياً لضمان نجاح المبادرة، من خلال تسهيل الإجراءات، وتوفير الدعم المالي والتقني، وتشجيع الشراكات المحلية، بما يضمن استدامة المشاريع وتأثيرها الإيجابي على الاقتصاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مرّة أخرى الرئيس يتوقف عند « التخريب الممنهج» لقطاع النقل.. نحو مقاربة جديدة لإعادة بناء منظومة منهكة..!

يواجه قطاع النقل في تونس، منذ سنوات، تحديات متزايدة ألقت بظلالها على حياة المواطن اليومية …