لقد انتظر التونسيون أكثر مما يجب وآن الأوان لوضع نقطة النهاية لكل مظاهر العطالة في المجال الاقتصادي والاجتماعي.

هذه الجملة هي اختصار مكثف لكل الملفات الحارقة الموضوعة الآن على مكاتب الفاعلين السياسيين وهي المحفز والمحرّك الأساسي للزيارات الماراطونية للجهات التي يقوم بها رئيس الجمهورية قيس سعيّد والتي من خلالها أماط اللثام عن كل مظاهر الخراب والدمار التي لحقت بأملاك المجموعة الوطنية وهو ما جعل أوكار المفسدين تتهاوى ويتسرب الرعب الى قلوبهم بعد أن أدركوا ان الدولة استعادت هيبتها وقدرتها على انفاذ القانون.

ولأن الجهات هي القاطرة التي تقود مسألة التنمية الشاملة فبالتأكيد لابد ان ينطلق الإصلاح منها وكذلك الإنجاز. وهو ما بدأنا نلمسه بشكل تدريجي وقد بدا واضحا منذ حمّل رئيس الجمهورية قيس سعيّد المسؤولية لأصحابها من الذين يتولّون مناصب  مهمة في الجهات بدءا بالولاة والمهام الموكولة اليهم والادوار المركزية التي عليهم القيام بها على الوجه الاكمل لاسيما وانهم يمثلون رئيس الدولة في الولايات وهذا بمنطوق الدستور التونسي.

وفي السياق ذاته تجلى هذا التوجه على مستوى رئاسة الحكومة التي ما فتئت تضع المسؤولين المحليين والجهويين امام مسؤولياتهم الجسيمة وذلك في اطار متابعة مخرجات الزيارات الميدانية التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى أكثر من منطقة داخل البلاد.

ويأتي هذا في إطار السهر على  تنفيذ التعليمات والقرارات الصادرة عن رئيس الدولة من قبل رئاسة الحكومة عبر الوزارات المعنية التي تعمل كلها في اطار التناغم والانسجام وهو الأمر الضروري والحتمي من أجل إنجاح المسار برمّته بعيدا عن منطق الجزر المستقلة الذي ساد الدولة فترة طويلة وساهم بشكل مباشر في حالة العطالة التي عرفتها كل المرافق العمومية بالإضافة الى شبه توقف للعجلة الاقتصادية.

ولعله في هذا الإطار يمكن تنزيل المنشور الصادر مؤخرا والذي دعا فيه رئيس الحكومة الولاة الى مزيد مضاعفة المجهود من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين. وهذا ما يعكس التوجه العام اليوم في بلادنا المتمثل في دفع نسق العمل  التنموي في الجهات وذلك من اجل خلق ديناميكية في الدواخل التي عانت كثيرا من التهميش وهي تحتاج الى انطلاقة فعلية نحو آفاق أرحب.

هنا نحن أمام مرحلة جديدة انطلقت منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي دارت يوم 6 أكتوبر المنقضي وشعارها  الرئيسي هو البناء والتشييد. وهذا لا يمكن ان يتم إلا إذا تضافرت كل الجهود من أجل استحثاث المسألة التنموية في الجهات بالأساس باعتبار ان قطار التنمية ينبغي ان ينطلق من هناك.

والواضح اليوم انه على كل مسؤول جهوي ان ينتبه لهذا المعطى المهم والخطير فتراكم الإشكاليات في عديد المناطق وفي مختلف القطاعات الفلاحية والصناعية والخدماتية في كثير من الجهات ألقى بظلاله على حياة المواطنين وأثّر بشكل سلبي على معيشهم اليومي ومقدرتهم الشرائية ومستوى عيشهم إجماليا. والأكيد أنهم ينتظرون منذ أمد بعيد تحسن الأحوال ولكنه انتظار الذي لا يأتي والأسباب معلومة وغير خافية  لا عليهم ولا على المسؤولين. فتعطّل التنمية في الجهات كان نتاجا طبيعيا لتراجع الدولة عن دورها المحوري  في متابعة الإشكاليات الحارقة في المجال الجهوي والاستعاضة عنها بانغماس شبه كلي في منطق الغنيمة وتوزيع «الهبات» على أصحاب الولاء. وهي ظاهرة الزبونية التي بمقتضاها كان يتم تعيين الولاة والمعتمدين وتمكينهم من هذه المناصب خدمة للمتنفذين  في سياق عام قام على المحاباة والمحاصصة.

أما الآن وقد تم القطع مع كل هذه المظاهر فمن الطبيعي أن يضطلع كل مسؤول جهوي بدوره على الوجه الأكمل وان يعي تمام الوعي بأنّ وجوده في هذا المنصب هو محدد بأهداف واضحة ومطلوب منه ان يؤدي هذه المهمة على الوجه الاكمل وان يكون متواجدا بين المواطنين ملتصقا بمشاغلهم  ومصغيا الى كل  معاناتهم  حتى يتسنى له ان يفهم كل تفاصيل الإشكاليات القائمة وأن يتسلّح بأكبر قدر ممكن من الشجاعة لمجابهة المفسدين الذين انتشروا في جسد هذا الوطن وعطّلوا كل مسيرة التنمية الشاملة والعادلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟

سقط نظام بشار الأسد في سوريا  وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…