تنتظر تونس دفعا استثماريا قويا لتحقيق نقلة اقتصادية تنشط على إثرها كل محرّكات التنمية والنمو وقد انطلقت تونس في وضع خارطة عمل لتنشيط الاستثمار الخاص والعمومي الداخلي والخارجي خاصة في المجالات الإستراتيجية التي تتطلب اعتمادات كبرى.
وتبحث الدولة من خلال شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف على مستثمرين يساهمون إلى جانبها في تنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى في ميادين عديدة بما في ذلك المشاريع الواعدة وذات القيمة المضافة العالية في المجالات الطاقية والصحية وغيرها ويدرس مجلس نواب الشعب في هذا السياق كيفية مراجعة مجلة الاستثمار بما يسمح بخلق مناخ استثماري جاذب ومرن ومتطور.
وفي متابعة هذا التمشي أشرف رئيس الحكومة كمال المدّوري، أول أمس بقصر الحكومة بالقصبة، على الاجتماع السادس للمجلس الأعلى للاستثمار لسنة 2024، في إطار متابعة تنفيذ المشاريع الاستثماريّة ذات البعد الاستراتيجيّ.
وأكّد المدّوري في مستهلّ المجلس على «مواصلة كلّ الجهود لرفع العراقيل وتذليل الإشكاليّات التي تعترض المشاريع الاستثماريّة وتعزيز قدرات المؤسسّات الاقتصاديّة من أجل تحقيق تنمية مستدامة دامجة وعادلة».
كما نظر المجلس في مشروع تطوير قطب مندمج للتنمية بمدينة طبرقة من ولاية جندوبة، بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بتذليل الصعوبات الإداريّة لفائدة مشروع في مجال تطوير البحث العلمي والتجديد في قطاع صناعة الأدوية منتصب بالقطب التكنولوجيّ بسيدي ثابت ومشروع لتطوير إنتاج البذور بولاية القيروان.
ومن جهة أخرى أقرّ المجلس سلّم مقاييس جديد لتقييم المشاريع ذات الأهمّية الوطنيّة، وذلك «بهدف إضفاء مزيد من الشفافيّة على المعايير المعتمدة وأخذا بعين الاعتبار لأولويّات السياسات العموميّة وخاصّة انخراط الشركات في مقتضيات المسؤوليّة المجتمعيّة للمؤسّسات وفي سلاسل القيمة العالميّة، وقدرتها التشغيليّة وتوجيه الدعم العموميّ للاستثمارات نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية».
ويرى متابعون أن تجسيد الأولويات الاستثمارية في تونس يتطلب معالجة المسائل الإستراتيجية المتعلقة خاصة بغياب خريطة استثمارية وكذلك إطار قانوني لضبط المشاريع الكبرى والاتفاقات الدولية مع المستثمرين إضافة إلى غياب منظومة موحدة للإجراءات الإدارية.
وعلى هذا الأساس ترتكز إستراتيجية تطوير المشاريع الكبرى على تسهيل انتصاب وبعث هذه المشاريع من خلال تهيئة المناطق المخصصة لها بالتنسيق مع المجالس الجهوية إلى جانب ترشيد الاستجابة لطلبات المستثمرين في ما يتعلق بتهيئة البنية التحتية والربط بالشبكات الخارجية بدمجها وذلك بهدف تجنب التكاليف الإضافية والمدرجة بميزانية الدولة وتسهيل عمل الهياكل المعنية بالإشراف على المشاريع الكبرى وذلك بحسن انتقاء التي تتماشى وخصوصيات الجهة ومواردها الطبيعية مع إعادة النظر في المنهجية المعتمدة من قبل الدولة للموافقة على بعث المشاريع الكبرى (مذكرات تفاهم، اتفاقيات الاستثمار، انشاء شركات الأبحاث المختلطة).
وفي إطار تأكيده على أهمية تدعيم الاستثمار وتشجيعه كان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد دعا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة مراجعة جميع النصوص القانونية والإجراءات التي تحول دون إنجاز المشاريع العمومية والخاصة مشدّدا على أنّ الصفقات العمومية هي قاطرة ورافعة إستراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى أنّ حفز الاستثمار العمومي، خاصّة عبر سرعة إنجاز المشاريع العمومية إلى جانب توفير كل التسهيلات للاستثمار الخاص، هي من شروط تحقيق الإقلاع الاقتصادي.
ومن هذا المنطلق فإن الحكومة بصدد دراسة اعتماد إجراءات وصيغ خصوصية لإنجاز المشاريع الكبرى ذات الطابع الاستراتيجي في قطاعات تمثّل أولويات تنموية وطنية وخاصة إجراءات القيادة والمتابعة والإنجاز وصيغ إبرام العقود بشأنها إلى جانب التدابير الكفيلة بتسريع نسق إنجاز المشاريع المعطّلة ضمن حزمة إصلاحات تقدّمت الحكومة في إنجازها، خاصة تلك المتعلقة بتعزيز مناخ الأعمال عبر استكمال تبسيط الإجراءات وتحديد آجال إسداء الخدمات في إطار قانوني محدّد ورقمنة تلك الإجراءات واعتماد مرافقة الشركات عبر الطرق الالكترونية ومراجعة منظومة الصفقات العمومية بما يستجيب لمتطلبات النجاعة والجدوى واحترام مبادئ المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص.
وترى عديد الأطراف الدولية أنه على الرغم من التحديات الحاليّة، فهناك فرص كبيرة أمام تونس لإحداث تحول وتقوية اقتصادها. كما إنه من خلال الاستثمارات الإستراتيجية، لاسيما في مجال الطاقة المتجددة، يمكن لتونس أن تعزز بشكل كبير قدرتها على الصمود والاستدامة الاقتصادية.
الديبلوماسي السابق عزالدين الزياني لـ«الصحافة اليوم»: علاقات تونس و الأمم المتحدة تاريخية ومتواصلة عبر التعاون والمشاريع الإنمائية
التقى رئيس الحكومة كمال المدّوري الخميس الفارط بقصر الحكومة بالقصبة آرنو بيرال المنسّق الم…