جدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد دعوته إلى مواصلة العمل المكثف على مدار الساعة لتفكيك شبكات ترويج المخدرات وتسيير دوريات مستمرة في كل مناطق البلاد حتى يشعر المواطن بأنه آمن في كل وقت وفي كل مكان وذلك لدى اجتماعه أول أمس بكاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني سفيان بالصادق بقصر قرطاج.

ويأتي هذا اللقاء على إثر اجتماعات سابقة مع وزير الداخلية حول ضرورة العمل على التصدي لظاهرة ترويج المخدرات والإطاحة بأباطرة الترويج لهذه السموم وقد استتبعت هذه اللقاءات نجاحات أمنية  كبرى على إثر عمليات نوعية قادت للإطاحة بكبار مروّجي المخدرات ولعل آخر هذه العميات ما نفذته الفرق الجهوية لمكافحة المخدرات بقفصة والكاف والقصرين فجر السبت الفارط في إطار استمرار الحملة على تجار المخدرات وإجراء مداهمات لملاحقة أشخاص مشبوهين معروفين بضلوعهم في جرائم المخدرات.

وقد أسفرت المداهمات عن حجز كميات من المخدرات وإيقاف 4 تجّار أعمارهم بين 24 و35 سنة وحجز مبالغ مالية هامة متأتية من نشاط الاتجار في المخدرات.

وعلى الرغم من هذا النجاح وهذه الإرادة السياسية المتشبثة بضرورة تطويق انتشار هذه الآفات في مجتمعنا يؤكد عدد من المتابعين أن مكافحة ظاهرة مثل ظاهرة تفشي المخدرات في تونس  لا بد أن لا تقتصر على المقاربة الأمنية فحسب وإنما لابد لها أن تشمل مقاربات أخرى وفي مقدمتها المقاربة الاجتماعية والثقافية.

وهو ما يؤكده ويجمع من حوله علماء الاجتماع في تونس ويرون أن هناك أسبقية للرد الاجتماعي على النص القانوني على أي فعل مستنكر أو مجرّم أي أن معالجة أي ظاهرة مجتمعية لابد أن يؤسس لها عن طريق المقاربة الاجتماعية وهذه المعالجة تتم عن طريق الرفض المجتمعي لأي ظاهرة قد تمسّ من السلامة الجسدية أو النفسية لأي مجتمع.

أما بالنسبة إلى تفشي المخدرات في أغلب الأوساط بما في ذلك الأوساط التلمذية فهناك حالة من التطبيع مع هذه الآفات وهذه الحالة لم تكن تلقائية وإنما كانت ممنهجة من قبل لوبيات ترويج المخدرات حيث أصبحت تراهن على الجانب التشريعي في خلق تشريعات تتساهل مع استهلاك وترويج المواد المخدرة إضافة إلى وجود بعض من مكونات المجتمع المدني مدفوعة من هؤلاء المروّجين لإصدار دراسات وأرقام من شأنها الترويج لفكرة تعاطي هذه السموم على مستوى واسع ما يعطي انطباعا أن الجميع قادر على الوصول لهذه المواد كما أكد لنا المختص في علم الاجتماع الدكتور سامي نصر والذي أشار إلى وجود بعض المحاولات من بعض الأطراف التي تشجع على فكرة زرع بعض أنواع المخدرات كالقنب الهندي على سبيل المثال على أساس إمكانية استغلالها في استعمالات طبية…كل هذه الظروف مجتمعة أدت إلى خلق نوع من التساهل في التعامل مع الظاهرة مجتمعيا ما كرّس نظرية تسمى في علم الاجتماع بنظرية الفرص المتاحة أي أن المخدرات أصبحت متاحة وأصبحت على مرمى حجر من جميع الفئات بما في ذلك التلاميذ الذين كانوا في وقت ما محصنين من هذه الآفات بفعل الرفض الاجتماعي وصعوبة  الوصول إليها واقتنائها.

وهنا تتأكد أهمية المقاربة الأمنية كونها تؤسس لذلك البعد الردعي وتخلق نوعا من الحواجز أمام الوصول والحصول على المواد المخدرة مهما كان نوعها ولكن لا يجب الاكتفاء بهذه المقاربة بل علينا التفكير بصفة جماعية في بلوغ هدف مشترك وهو القضاء على هذه الظاهرة وتطويقها وعلى الأولياء والمربين ومؤسسات القرب استعادة حالة الرفض المجتمعي للمخدرات خاصة لدى الشباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

شفيق الزعفوري رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي بالبرلمان لـ«الصحافة اليوم»: التنقيحات الجديدة المتعلقة بالشركات الأهلية تتطلب التسريع وحسن التطبيق

ماتزال الشركات الأهلية بحاجة إلى مزيد من الدعم المادي والنصوص التشريعية التي تؤمّن لها الت…