2024-10-26

وفاة امرأة مسنّة بعد سقوطها من عربة المترو : الاكتظاظ والاستهتار وغياب الحذر…من أسباب حوادث النقل

أعلنت شركة النقل بتونس وقوع حادث على مسلك خط المترو رقم 4 في مستوى محطة باب سعدون في اتجاه تونس الخميس 24 أكتوبر 2024 على الساعة الرابعة والنصف، أسفر عن وفاة امرأة مسنّة إثر سقوطها على رصيف المحطة.

وتتمثل صورة الحادث حسب المعطيات الأوّلية في سقوط الهالكة عند محاولتها النزول من العربة عند التفطن إلى بلوغ المحطة المقصودة ومحاولتها إنزال عربة التسوّق الخاصة بها مع بداية مغادرة العربة للمحطة وتعمّد شابين منع غلق الأبواب دون أن تعير الانتباه إلى الإنذار الصوتي الخاص بغلق الأبواب وذلك بالرغم من محاولة أحد المسافرين مساعدتها من خلال محاولة الإمساك بها ومنعها من السقوط.وجددت الشركة دعوتها إلى ضرورة توخّي الحذر والامتناع عن الصعود إلى العربة أو النزول منها بعد سماع الإنذار الصوتي الخاص بغلق الأبواب.

ولم يكن الحادث الأليم الذي جدّ خلال الأسبوع الجاري والذي ذهبت ضحيته امرأة مسنة متأثرة بإصابتها بعد سقوطها من على متن المترو أو إصابة أشخاص آخرين  بجروح او كسور او اصابات ادت الى الوفاة في كثير من الحالات  أو الحوادث الناتجة عن وسائل النقل العمومي  ولن يكون الأخير في ظل ما يعانيه المواطن يوميا من مشاكل متاتية من معضلة  النقل العمومي بشتى أنواعه. حيث وفي نفس هذا الاطار   أكد المدير الجهوي للحماية المدنية بمنوبة  العميد حسان الاينوبلي في تصريح إعلامي أول أمس إصابة  أربعة أشخاص بكسور ورضوض جراء سقوطهم من عربة ميترو.وجاء في بلاغ للحماية المدنية أنّ فرق النجدة والإنقاذ التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بمنوبة «تولت التدخل إثر تعرض 4 أشخاص للسقوط من عربة المترو الخفيف من محطة خير الدين منوبة مما تسبب لهم في كسور و رضوض تم إسعافهم و نقلهم إلى مستشفى شارل نيكول.»

مشاهد أبواب عربات المترو المفتوحة بسبب الاكتظاظ واستهتار المواطن بسلامته ومخاطرة بعض  السائقين  بحياة الحرفاء أصبحت مألوفة فتعددت الحوادث التي أهدرت حياة الكثيرين ممن أجبرتهم الظروف على النقل العمومي.

الاكتظاظ وتقادم الأسطول تعتبر أهم مشاكل قطاع النقل العمومي في تونس، هذه المشاكل صارت ترهق المواطن والعاملين في القطاع على حد سواء، رغم مجهودات الدولة لتفادي الإشكال وتطوير القطاع. حيث أصبح النقل العمومي في العاصمة معضلة حقيقية يتجرّع مرارتها كل يوم عشرات الآلاف من المواطنين الذين يضطرون للتنقل عبر المترو والحافلات والقطارات وسيارات الأجرة الكبيرة.. وسائل نقل تنقل المواطنين إلى وجهاتهم المختلفة أقلّ ما يمكن أن يقال عن عدد منها، هو أنها لا تصلح لتأمين التنقل الكريم نظرا لكون حالتها الميكانيكية مهترئة.

وتُصنف شبكة المترو بأنها أفضل مشروع في قطاع النقل العام للحكومة التونسية في النصف الثاني من القرن الـ 20، ومنذ بدء تشغيل أول خط في عام 1985 توسعت الشبكة لتشمل 6 خطوط. حيث دخلت أولى العربات المصنعة في مدينة دوسلدورف الألمانية الخدمة على شبكة مترو العاصمة بتونس قبل نحو 40 عاما، وحتى اليوم ما تزال هذه العربات المميزة بألوانها الخضراء تؤدي واجباتها دون توقف، لكنها في حالة استنزاف شديد قد ينذر بكارثة إن لم تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة والخطوات العاجلة لدعم منظومة النقل العمومي في تونس.

قطاع النقل واحد من الميادين المتعددة التي مازال التونسيون يأملون أن تتحقق فيها مطالبهم الثورية بالعدالة والحرية والكرامة، فبعد عقود من السياسات الحكومية التي تفضل حيازة السيارات الخاصة إضافة إلى مشاكل هيكلية وإدارية في قطاع النقل العام،  وصلت تونس إلى وضعٍ تعانـي فيه الفئات الأكثر حرمانا أشد المعاناة.

ومثّل عدم تكافؤ وسائل التنقل تحديا رئيسيا للعدالة الاجتماعية في تونس، ويبدو أن هناك وعيا متزايدا لدى المسؤولين الحكوميين بضرورة معالجة مسألة التنقل، ولا سيما إصلاح قطاع النقل العمومي في البلاد مع إدراكهم لعجز أنظمة التنقل الحضري الحالية عن العمل على النحو المنشود في ظل غياب استراتيجية متماسكة للنقل والتنقل حتى الآن.

لا شك أن حل أزمة التنقل في تونس الكبرى اليوم والنقل العمومي بشكل عام أصبح أمرا ضروريا ويتطلب إجراءات ملموسة لأن الخطط المتتالية لقطاع النقل في تونس لم تسفر عن تغيير حقيقي يذكر، وهذا يعني أن الجمع بين خطة عمل شاملة وطويلة الأجل ومكاسب سريعة تدعم الحرية والعدالة والكرامة في التنقل للمواطنين بات أمرا مستعجلا وضروريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

سدّ الشغورات في المؤسسات التربوية : حجر الأساس وخطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي

لا شك أن تصريح وزير التربية نور الدين النوري خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لأشغال مجلس ا…