يعتبر‭ ‬سداد‭ ‬القروض‭ ‬جزءا‭ ‬ضروريا‭ ‬من‭ ‬التزامات‭ ‬البلاد،‭ ‬يعكس‭ ‬وفاءها‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬ويعزز‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سمعتها‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الخارجية‭ ‬ويجنّب‭ ‬حدوث‭ ‬مشكلات‭ ‬مع‭ ‬الدائنين‭ ‬الدوليين‭.‬

كما‭ ‬يمثل‭ ‬إرتفاع‭ ‬مخزون‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬مؤشرا‭ ‬هاما‭ ‬أيضا‭ ‬لأنه‭ ‬يمكّن‭ ‬من‭ ‬تسديد‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬بأريحية‭ ‬بالنظر‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬يتم‭ ‬خلاصها‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭.‬وبحسب‭ ‬المقاييس‭ ‬الدولية‭ ‬المعروفة‭ ‬فإن‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬المطلوب‭ ‬دوليا‭ ‬للإحتياطات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ينزل‭ ‬تحت‭ ‬مستوى‭ ‬3‭ ‬أشهر‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يغطي‭ ‬واردات‭ ‬90‭ ‬يوما‭.‬

غير‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬قد‭ ‬يضع‭ ‬تراجع‭ ‬الاحتياطات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬وضغوطات‭ ‬مالية‭ ‬تتطلب‭ ‬وفق‭ ‬الخبراء‭ ‬تحسين‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وتعزيز‭ ‬تدفقات‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬نسق‭ ‬التصدير‭ ‬وتحفيز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬وتشجيع‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬وزيادة‭ ‬مداخيل‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬كلها‭ ‬قطاعات‭ ‬جالبة‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬للبلاد‭.‬

هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تبعية‭ ‬البلاد‭ ‬الى‭ ‬المنتجات‭ ‬الاجنبية‭ ‬والكماليات‭ ‬التي‭ ‬تستنزف‭ ‬الاحتياطات،دون‭ ‬أن‭ ‬يمس‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الواردات‭ ‬الضرورية‭ ‬والحيوية‭ ‬والأدوية‭ ‬أو‭ ‬كذلك‭ ‬واردات‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬أو‭ ‬نصف‭ ‬المصنعة‭ ‬المطلوبة‭ ‬للقطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وتحريك‭ ‬عجلة‭ ‬الانتاج‭ ‬عامة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬سجلت‭ ‬الموجودات‭ ‬الصافية‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الاجنبية‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬اكتوبر‭ ‬2024‭ ‬تراجعا‭ ‬إلى‭ ‬24576‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يغطي‭ ‬111‭ ‬يوم‭ ‬توريد‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬25,5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بتأمين‭ ‬116‭ ‬يوم‭ ‬توريد‭.‬

‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬يبقى‭ ‬بلوغ‭ ‬الاحتياطات‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬العموم‭ ‬مؤشرا‭ ‬مريحا‭ ‬ولا‭ ‬يمثل‭ ‬أي‭ ‬خطورة‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬مثاليا‭.‬‭ ‬وذلك‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬خلاص‭ ‬قرض‭ ‬ياباني‭ ‬حل‭ ‬أجله‭ ‬بقيمة1,032مليار‭ ‬دينار‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬تونس‭ ‬سنة‭ ‬2014‭ ‬وقامت‭ ‬بتسديده‭ ‬وهذا‭ ‬مهم‭  ‬بحسب‭ ‬الخبراء‭..‬والبلاد‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬اآمنب‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬احتياطي‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭  ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬موارد‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬الإضرار‭ ‬بالصناعة‭ ‬التونسية‭ ‬وبالقطاعات‭ ‬التي‭ ‬تخلق‭ ‬الثروة‭ ‬والتي‭ ‬تضمن‭ ‬ديمومة‭ ‬الموارد‭ ‬الجبائية‭.‬

وفي‭ ‬العموم‭ ‬تمثل‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬سداد‭ ‬الديون‭ ‬مؤشرا‭ ‬ماليا‭ ‬هاما‭ ‬يتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬مؤشرات‭ ‬اخرى‭ ‬لتقييم‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬لتونس‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬تحسنا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬وكالة‭ ‬فيتش‭ ‬رايتينغ‭ ‬من‭ ‬ccc‭ ‬سلبي‭ ‬الى‭ ‬ccc‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬يوجّه‭ ‬بالأساس‭ ‬إلى‭ ‬المقرضين‭ ‬وإلى‭ ‬المستثمرين‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬مرتبط‭ ‬شديد‭ ‬الارتباط‭ ‬بمستوى‭ ‬المخزونات‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬انخفاض‭ ‬هذه‭ ‬المخزونات‭ ‬أو‭ ‬ارتفاعها‭ ‬يعتبر‭ ‬عاملا‭ ‬اساسيا‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬أو‭ ‬التخفيض‭ ‬فيه‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الصالون الدولي للاستثمار الفلاحي والتكنولوجيا «سيات 2024» : تعزيز ريادة تونس في إنتاج وتصدير التمور في القيمة والجودة

انطلقت أول أمس الأربعاء 30 اكتوبر فعاليات الدورة الخامسة عشرة للصالون الدولي للاستثمار الف…