قنبلة مدوية يطلقها الجويني وبقية أعضاء الإدارة الوطنية للتحكيم : استقالة جماعية كشفت العيوب.. والجامعة في موقف لا يحسد عليه
بعد البداية الصعبة التي عاش على وقعها قطاع التحكيم في بلادنا وخاصة في ما يتعلق بمنافسات الرابطة الأولى حيث كثرت الأخطاء التحكيمية والتي أدّت إلى معاقبة حكمين وحكم مساعد وتجميدهم مؤقتا عن النشاط، يبدو أن هذه القرارات التي وقع اتخاذها من قبل الإدارة الوطنية للتحكيم لم تكن سوى بعض المحاولات «الخجولة» من أجل إصلاح واقع هذا القطاع والنهوض به، والسبب في ذلك أن الإدارة الوطنية للتحكيم التي شهدت منتصف الموسم الماضي تغييرات جمة شملت بدرجة أولى المشرف الأول عليها بعد تعيين الحكم الدولي السابق ناجي الجويني على رأسها رمت المنديل وقرر كل أعضائها تقديم استقالاتهم في خطوة فاجأت البعض وكانت بمثابة «القنبلة» المدوية التي من شأنها أن تزيد من حدة المشاكل التي يعاني منها قطاع التحكيم في بلادنا.
إعلان عن الفشل أم إعلان صريح عن تردي الأوضاع المالية؟
في هذا السياق أصدرت الإدارة الوطنية للتحكيم بإشراف ناجي الجويني بلاغا تضمن تقديم إيضاحات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الاستقالة، حيث وقع التأكيد على أن المشاكل المالية والصعوبات الكبيرة التي يعاني منها قطاع التحكيم كانت الدافع الأول والأساسي لاتخاذ قرار الاستقالة، حيث أن الحكام لم يحصلوا على مستحقاتهم منذ أشهر عديدة، كما أن الظروف التي يتدرب فيها الحكام كانت سيئة للغاية، كما تضمن نص البلاغ إشارة واضحة إلى أن «الوعود» التي قدّمــــها المكتب الجامعي السابق كانت غير جدّية ولم يتم تنفيذها بالمرة، وإزاء ذلك فقد عانت الإدارة الوطنية الأمرّين رغم أن اعضاءها تطوعوا من أجل خدمة قطاع التحكيم والسهر على تجاوز كل المشاكل ومعالجة النقائص والعمل على النهوض بقطاع التحكيم في بلادنا.
لكن حسب قناعة المشرفين على قطاع التحكيم فإن هذه الصعوبات استمرت في بداية الموسم الحالي ولا يوجد أي مؤشر إيجابي يوحي بأن الوضع يمكن أن يتغير نحو الأفضل في ظل غياب الدعم المالي المطلوب وعدم تمكين الحكام من مستحقاتهم، وتبعا لذلك لا يمكن انتظار حصول نتائج إيجابية أو نجاح هذه الإدارة في تحقيق أهدافها الأساسية المتمثلة في «تنظيف» قطاع التحكيم وتأهيل الحكم التونسي لاستعادة توهجه وقدرته على التألق والبروز وتطوير مستواه. بل على العكس من ذلك فإن حملات التشكيك و»التخوين» استمرت بشكل واضح منذ بداية الموسم، وبالتالي فإنه لم يكن أمام القائمين على الإدارة الوطنية للتحـــكيم أي حل ســـوى رمي المنـديل وتــقديم اســتقالة جماعية يعتقدون أنها يمكن أن تكون قرارا مفيدا وحكيما قد يساعد على التغيير وإصلاح الواقع المتردي الذي يعيش على وقعه قطاع التحكيم في تونس.
في هذا السياق من المهم للغاية التأكيد على أن واقع التحكيم التونســـي لم يتحسن كــــثيرا مقارنة بما كان عليه في الماضي القريب، بل على العكس من ذلك فإن حملات التشكيك والانتقادات اللاذعة سواء كانت بريئة أو غير ذلك، انطلقت بشكل مبكر هذا الموسم، والسبب في ذلك كثرة الأخطاء التي حصلت في عدة مقابلات ودفع ثمنها غاليا عدد من الحكام الذين وقع تجميد نشاطهم لأجل غير مسمى، ولعل البعض يعتقد أن تكرر الأخطاء التحكيمية الفادحة لا يعدو أن يكون سوى مرآة تعكس فشل القائمين على الإدارة الوطنية للتحكيم في إصلاح واقع هذا القطاع والنهوض به، رغم أنهم تمتعوا بالوقت الكافي لمعالجة النقائص وبدء عملية الإصلاح منذ الموسم الماضي، بل ذهب البعض إلى حد «تخوين» القائمين على قطاع التحكيم والتشكيك في نزاهتهم وكذلك جدارتهم بتحمل المسؤولية.
وفي هذا الخضم من حملات التشكيك والضغوط القوية وقع اتخاذ هذا القرار الذي يبدو في باطنه متعلقا بغياب الدعم واستمرار الوضع المزري من الناحية المالية وغياب أدنى ظروف العمل المريح، لكنه يمكن أن تكون أسبابه أكبر من ذلك وقد تتعلق بحصول قناعة تامة بأنه من غير الممكن بالمرة تحقيق النجاح المنشود في بيئة غير ملائمة بالمرة لتنفيذ مشروع الإصلاح والتطوير، وكذلك في ظل وجود حالة من التوتر بين القائمين على قطاع التحكيم والقائمين على إدارة شؤون كرة القدم في بلادنا.
التجربة التونسية ليست كما في قطر
من المهم للغاية الحديث عن تجربة ناجي الجويني خلال السنوات الماضية في قطر، فهذا الحكم الدولي السابق الذي أدار عديد المقابلات الدولية الهامة استأنس القائمون على القطاع الرياضي بخبرته وتجربته الطويلة ليتم تعيينه مشرفا عاما على قطاع التحكيم في قطر، وعلى امتداد سنوات طويلــــة استطاع الجويني أن يستجيب لتطلعات المسؤولين على الحقل الرياضي هناك ويسهم في تطوير منظومة التحكيم في قطر، وبعد أن انتهت تجربته القطرية أرتأى البعض تكليفه بمهمة «تطهير» قطاع التحكيم في بلادنا ليتم تكليفه الموسم الماضي بمهمة الإشراف على إدارة التحكيم بيد أن الواقع هنا في تونس لا يبدو مماثلا لما وجده هناك في قطر حيث تتوفر كل الإمكانات اللوجيستية والمادية اللازمة من أجل تجسيد مشروع التطوير على أرض الواقع، ولذلك كان من الصعب للغاية على الجويني أن ينجح في هذه المهمة الدقيقة خاصة وأنه لم يكن محل إجماع من كل الأطراف سواء المؤثرة في المشهد الرياضي أو الأطراف المحيطة بقطاع التحكيم التي تعتقد أن الجويني لا يبدو مؤهلا للتعامل مع الواقع الراهن بشكل مثالي وناجع، وفي نهاية المطاف لم يطل مقامه على رأس الإدارة الوطنية للتحكيم رغم أن كل الاحتمالات تظل واردة في انتظار التأكد من موقف المكتب المسيّر للجامعة الذي سيكون أمام امتحان عسير وصعب للغاية من أجل تجاوز هذا الإشكال والعمل على إيجاد الحلول المجدية لإنجاح هذا الموسم الرياضي وخاصة في ما يتعلق بقطاع التحكيم.
والثابت في هذا السياق أن المكتب الجامعي الحالي بقيادة كمال إيدير الذي يوجد حاليا في موقف يحسد عليه، سيكون مطالبا أكثر من أي وقت مضى باتخاذ التدابير اللازمة والضرورية من أجل سد الفراغ خاصة إذا أصر الجويني وبقية الأعضاء المستقيلين على قرارهم بالإنسحاب، والأمر المؤكد أيضا أن هذه الخطوات الضرورية قد تكون بدأت فعلا بما أن الجامعة تسعى إلى توفير تقنية «الفار» واعتمادها في بقية مباريات البطولة حيث تواصلت مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من أجل مساعدتها على توفير المستلزمات الضرورية لاعتماد هذه التقنية، وبالتوازي مع ذلك من المهم للغاية استغلال الفترة المتبقية من فترة توقف نشاط البطولة من أجل إيجاد حل مجدي وجذري لتجاوز حالة الفراغ السائدة حاليا في قطاع التحكيم سواء بإثناء المستقيلين عن قرارهم أو تعيين «كفاءات» جديدة تكون مؤهلة حقا للنهوض بهذا القطاع والعمل على تطويره وتجنب كل المشاكل، لكن في كل الأحوال فإن من أهم شروط النجاح هو توفير الدعم المالي وتغيير واقع الحكام الذين لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية لأشهر عديدة.
الإعداد للتحديات يبدأ الآن : المكشر يسعى لخوض أكبر عدد من الودّيات.. وعودة مرتقبة لعبيد
بعد طي صفحة الفوز الثمين للغاية خارج الديار على حساب النادي البنزرتي والذي أعاد بعض الثقة …