تمثل جملة الإجراءات  العاجلة لفائدة ديوان الأراضي الدولية التي تم اتخاذها خلال مجلس وزاري مضيّق التأم، مساء أول أمس الثلاثاء، بإشراف رئيس الحكومة، كمال المدّوري بقصر الحكومة بالقصبة، خطوة إلى الأمام لضمان ديمومة واستمرارية الديوان  وضمان إيفائه بالتزاماته المالية وتأمين جاهزيّته للموسم الفلاحي 2024 ـ 2025.

وفي اطار سعي الدولة الى ضمان ديمومة ديوان الأراضي الدولية والرفع من مردوديته كمرفق عام له دور اقتصادي واجتماعي تمت الدعوة خلال المجلس الوزاري إلى استكمال إعداد مخطط أعمال في موفّى الشهر الحالي وفق رؤية استراتيجية طموحة بما من شأنه تطوير الأنشطة الاقتصادية للديوان وأثره المجتمعي وتعصير أساليب وآليات إنتاجه،كما تم النظر في الإجراءات المالية والهيكلية الكفيلة بالنهوض بأداء ديوان الأراضي الدوليّة وذلك في إطار المحافظة على دوره الاقتصادي والاجتماعي والنهوض بأدائه وتطوير مردوديته.

كما تأتي هذه الإجراءات في إطار تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية القاضية بالتمسك بالدور الاجتماعي للدولة، وأنه لا مجال للتفريط في المؤسسات والمنشآت العمومية بل يجب تطهيرها والقضاء على الأسباب التي أدّت إلى الوضع الذي آلت إليه معظمها وجميعنا نتذكر أغلب تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيّد الأخيرة بخصوص عدد من المؤسسات والمنشآت العمومية وموقفه الثابت من المحافظة عليها وتطويرها واصلاحها وإعادة هيكلتها.

ونتفق تقريبا جميعا أن تراجع مردودية أغلب المؤسسات والمنشآت العمومية في مختلف القطاعات والمجالات والأزمة المالية والهيكلية التي يمر بها بعضها راجع أساسا الى سياسة «التخريب» والإهمال التي انتهجتها منذ عقود «الحيتان الكبرى» و«لوبيات» المال والأعمال والعائلات النافذة في تونس من أجل إفلاس مؤسسات الدولة خدمة لمصالحهم ومصالح شركائهم من مختلف الجنسيات.

وكما هو معلوم تتمثّل مهمّة الدّيوان في التصرّف في الأراضي الدّوليّة ذات الصّبغة الفلاحيّة. وتتوفّر لديه حوالي 156 ألف هكتار من الأراضي موزّعة على مختلف ولايات الجمهوريّة مستغلّة أساسا في غراسة الزّياتين والأشجار المثمرة الأخرى وفي الزراعات الكبرى والمراعي. ويعتمد نشاط الدّيوان أيضا على تربية الماشية وعلى تربية الدواجن.

ولئن اضطلع الديوان منذ تأسيسه بدور هام في إرساء مقوّمات الفلاحة العصريّة بالبلاد إذ مثّل خلال فترة السبعينات والثمانينات مركز إشعاع على الفلاحين الخواص إلاّ أنّ هذا الدور تراجع منذ التسعينات بحكم ثقل حجم مديونيّته وتقادم وسائل الإنتاج لديه.

وتعتبر الإجراءات التي تم اتخاذها خلال المجلس الوزاري المضيّق خطوة إلى الأمام للنهوض بأداء ديوان الأراضي الدوليّة وتطوير أنشطته وتحسين مردوديته في اتجاه استكمال بقية مراحل دعم وتطوير أداء الديوان وضمان استمراريته بالنجاعة اللازمة،حيث شدد رئيس الحكومة في هذا الإطار على ضرورة بلورة إستراتيجية شاملة لتثمين الرصيد العقاري الفلاحي للدولة للعب دوره كقاطرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان الأمن الغذائي الوطني وللتعديل الاستراتيجي للسوق من خلال توفير العرض وتحديد الأسعار المرجعية للمنتجات، وعلى الدور الاستراتيجي لديوان الأراضي الدوليّة كمنشأة عمومية.

ونرى أن التركيز أيضا خلال المجلس الوزاري المضيّق على أهمية تذليل كل العقبات وملاءمة التشريعات بما يمكّن من التوظيف الأمثل لهذا الرصيد العقاري الفلاحي لديوان الأراضي وتحقيق القيمة المضافة المرجوّة من شأنه أن يقطع مع البيروقراطية الادارية ومع التشريعات التي مرّ عليها الزمن والتي يمكن أن تكبّل تطوير أداء الديوان والرفع من مردوديته.

وجملة هذه الإجراءات المتخذة لم تقف عند ذلك الحد بل شملت أيضا ـ ونحن على أبواب موسم فلاحي جديد تشير كل المعطيات الأولية بأنه سيكون موسما واعدا ـ الرفع من نجاعة طرق التصرف على مستوى الديوان والضيعات الفلاحية التابعة له وإيجاد معالجة جذرية لاستغلال الأراضي الفلاحية المسترجعة خاصّة حتى تكون قاطرة للتنمية بالنسبة لمختلف أشكال الاستثمار المخوّلة قانونا لفائدة المستغلّين وكذلك للشركات الأهلية.

وتعد دراسة مجلس الوزراء لكافة المعطيات المتعلقة بالوضعيّة الحالية لديوان الأراضي الدوليّة وسبل تطوير حوكمته والرفع من مردوديّته وتثمين الرصيد العقاري الفلاحي المستغلّ من طرفه نقطة رئيسية وانطلاقة جادة من أجل الحفاظ على هذا المرفق العام (منشأة عمومية) ودوره الاستراتيجي لكي يلعب دوره الطبيعي كقاطرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان الأمن الغذائي الوطني وللتعديل الاستراتيجي للسوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إثر زيارة رئيس الجمهورية لهنشيري الشعّال والنفيضة : الشعب التونسي في حالة صدمة من هول ما رأى من فساد…

كشفت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيّد غير المعلنة  الأخيرة الى كل من هنشير الشعّال بولاية صف…