2024-10-09

في اطار الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية ايناس بن سليمة المتخصصة في علم النفس لـ«الصحافة اليوم» : هكذا نحمي أنفسنا من الضغوطات النفسية  في محيط العمل

يسلط الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، الموافق للعاشر من أكتوبر من كل سنة الضوء على أهمية تعزيز بيئات العمل الداعمة وذلك تحت شعار «حان الوقت لإعطاء الأولوية للصحة النفسية في مكان العمل» وهي بمثابة الدعوة  للعمل من أجل التوقف عن التعامل مع الصحة العقلية كفكرة لاحقة، ودمجها في نسيج ثقافة مكان العمل.

وتشير منظمة الصحة العالمية بالمناسبة إلى أنه ومع تزايد الإرهاق والقلق والتوتر المرتبط بالعمل اصبحت الصحة العقلية والعمل متشابكان أكثر من أي وقت مضى لاسيما بعد أن  بلغ التوتر في مكان العمل أعلى مستوياته على الإطلاق في السنوات الأخيرة،نتيجة الضغوط الاقتصادية المتزايدة، والوتيرة المستمرة للعمل الحديث، مؤكدة بان  الموظفين أصبحوا  في كل مكان يشعرون بالثقل. ولم يعد من الممكن أن تقتصر الصحة العقلية على الحياة الشخصية، فهي اصبحت  تؤثر على الأداء الوظيفي والإبداع والمشاركة والرضا عن الحياة بشكل عام.

وعلى الرغم من التحولات العميقة التي يمر بها مجتمعنا اليوم الا ان الوعي بضرورة النهوض بالصحة العقلية وثقافة الوقاية من الأمراض النفسية مازالا مغيبان تماما حيث لا يولي العديد من المواطنين العناية بصحتهم النفسية الا في حالة ظهور أعراض والتي اصبحت تتخذ اشكالا متعددة بحسب اختلاف الفضاءات سواء كان ذلك في الشارع او داخل البيت او في اماكن العمل التي باتت تتسم بمنسوب متزايد من التشنج والتوتر وانعدام الرضاء.

وتشير الدكتورة ايناس بن سليمة المتخصصة في علم النفس في تصريحات خاصة بـ«الصحافة اليوم» إلى أن الوعي بأهمية الصحة النفسية والعقلية بدأ يتحسن تدريجيا منذ ظهور الأزمة الصحية العالمية لفيروس كورونا مبينة بأن الصحة النفسية والعقلية هي ترجمة حقيقية لعلاقة الإنسان بذاته وبميولاته  وبارادته وباهدافه وبكل تفاعلاته ورغباته وسلوكياته وهي أيضا مرتبطة بعلاقته بالاخر سواء كان ذلك الاخر داخل الأسرة أوفي محيط الدراسة اوفي محيط العمل. وتشير الدكتورة ايناس بن سليمة إلى بأن نقص المعارف الاجتماعية التي يفتقدها الشخص ولا يمتلكها بحكم انتقاله مباشرة من المحيط الدراسي إلى الحياة المهنيةوالمتمثلة أساسا في تنظيم العمل واتقانه وتحديد الأولويات والقدرة على التوازن ما بين الحياة العملية والأسرية تجعله غير قادر على التأقلم مع قوانين وأسس ونظم العمل وتجعله بالتالي عاجزا عن التمكن من مواجهة الأعباء التي يفرضها العمل . وتضيف المتخصصة في علم النفس بأن بعض الأشخاص عادة ما يكون هدفهم الأساسي من العمل تحصيل الراتب فقط دون أن يدركوا واجبهم  والمطلوب منهم من وراء ذلك العمل وبمجرد تعرضهم للنقد فإنهم لا يتقبلون ذلك فتصيبهم حالة من التشنج والتوتر كردة فعل على ذلك والتي قد تتطور إلى درجة  رفض مواصلة  العمل وتركه في أحيان كثيرة  للبحث عن بديل آخر أفضل يتماشى وأهدافهم وفي مقابل ذلك يوجد أناس يعملون من أجل تحقيق هدف  وحيد مقابل ما يبذلونه من جهد في العمل وهو الحصول على دعم معنوي وعلى تحصيل صورة لامعة في مسارهم المهني .

وفي سؤال بخصوص مدى تأثير الأوضاع العامة والمعيشية الصعبة وضغوطات الحياة المتعددة  على قدرة تأقلم بعض الأشخاص مع الاخرين في محيطهم العملي اكدت محدثتنا بأن شخصية الإنسان هي واحدة لا تتجزأ وهي مرتبطة اساسا بمنظومة سياسية واقتصادية ومجتمعية واسرية لذلك فمن البديهي ان تؤثر هذه المنظومات على اتقانه لعمله وعلى أدائه المهني فإذا لم تكن ظروف العمل لائقة وتمكنه من توفير  احتياجاته الأساسية والحياتية  فهي سوف تصبح عائقا أمام طموحاته وأهدافه وبالتالي سيظطر للمغادرة وهو ما يفسر انقطاع الشباب عن العمل في العديد من المؤسسات .

لذلك تؤكد الدكتورة ايناس بن سليمة على ضرورة ان يكتسب  الفرد العديد من المعارف الاجتماعية التي تمكنه من التأقلم مع محيطه المهني ومع الآخرين ومن الوعي بالذات وبالقدرات وبضرورة احترام طبيعة العمل والالتزام بتراتيبه وأيضا ضرورة اكتساب القدرة على  إدارة الوقت وتحديد الأهداف وتحسين النقائص عن طريق التكوين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التمديد في البرنامج الخصوصي للتقاعد المبكر : أي تداعيات على المتقاعد؟

تضمّن مشروع قانون المالية لسنة 2025 المنتظر عرضه للنقاش على لجنة الشؤون المالية والجلسة ال…