2024-10-01

رغم تراجع نسبة الاقتراض الأسري : القروض الاستهلاكية ما تزال في صدارة الاقتراض من البنوك

كشف البنك المركزي التونسي مؤخرا عن تراجع نسبة اقتراض الأسر التونسية بنسبة 58 بالمائة باحتساب الانزلاق السنوي فيما بين المصدر ذاته توجه التونسيين بشكل مكثف للقروض الإستهلاكية  لتغطية النفقات المختلفة وقد تقدم هذا الصنف من القروض على بقية الأصناف الأخرى على غرار قروض السكن حيث أستأثر بنسبة 72 بالمائة من إجمالي القروض التي تحصلت عليها الأسر التونسية بقيمة تناهز 147 مليون دينار تليها في المرتبة الثانية القروض المخصصة لتحسين المسكن بقيمة بلغت 54 مليون دينار ثم قروض إقتناء مسكن و شراء سيارة . وحسب الأرقام التي نشرها البنك المركزي التونسي  فإن قيمة القروض التي تحصلت عليها الأسر التونسية خلال النصف الأول من السنة الجارية بلغت 203 ملايين دينار مقابل 483 مليون دينار في الفترة ذاتها من السنة الماضية .

ولئن يعتبر تراجع  مؤشر التداين الأسري للقروض الإستهلاكية بأكثر من النصف مؤشرا إيجابيا إلا أنه لا يعكس في الواقع تحسن الوضع المعيشي للمواطن ذلك أن نسبة الفائدة بقيت على حالها للمرة الخامسة على التوالي منذ 2022 و هي نسبة تعتبر مرتفعة ولا تحفز التونسي للاقتراض من البنوك لاسيما أن نسبة الإدخار العائلي التي يمكن أن تمثل بديلا عن اللجوء للقروض لتغطية نفقات الأسرة سجلت تراجعا في السنوات الأخيرة فقد كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبر تقرير أصدره السنة الماضية حول أزمة التمويل العام وانعكاس ذلك على تراجع الاستثمار والقدرة الشرائية للمواطن, عن تراجع معدل الادخار العائلي بأكثر من 10 في المائة خلال العشرية الأخيرة ، بسبب انخفاض مستوى الدخل للمواطنين وارتفاع معدل الضرائب ذلك أن هذه المدخرات تمثل 25 في المائة من المدخرات الوطنية وتقلصها يساهم في تراجع الاستثمار المالي في البنوك التونسية كما  شهدت ودائع الادخار لدى البنوك نمواً ضعيفاً من 29.2 في المائة عام 2019 إلى 30.7 في المائة في 2020، بينما زادت الودائع تحت الطلب من 35.4 في المئة في 2019 إلى 38.1 في المائة في 2020، فيما انخفض مستوى الودائع لأجل من 31.4 في المائة إلى 27.7 في المائة خلال فترة المقارنة نفسها.

كما أشار التقرير ذاته  إلى أن المواطن أصبح يستهلك أكثر من 80 في المائة من دخله الشهري مقابل 70 بالمائة سنة 2011 و ذلك نتيجة تفاقم غلاء المعيشة و تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل كبير.

و تبرز مختلف هذه المعطيات تأثير الوضع الاقتصادي العام وعدم تحسن نسبة النمو السنوية بالقدر المطلوب على الأوضاع المعيشية للتونسي  الذي لم يعد دخله كافيا لتغطية نفقاته ومجابهة ضغوطات المصاريف المتتالية خاصة مع تواتر المناسبات الموسمية التي تفرض عليه نفقات إضافية لا يمكنه تغطيتها إلا باللجوء للإقتراض وقد أبرزت إحصاءات للمعهد الوطني للإحصاء ارتفاع معدل دين الأسر من أكثر من 41 بالمائة من الدخل الوطني المتاح في المتوسط خلال الفترة الفاصلة بين 2015 و 2019 إلى أكثر من 52 بالمائة  سنة 2020 محققا تراجعا طفيفا سنة 2022 إلى 49.5 بالمائة .و مهما يكن من أمر ,ما تزال مديونية الأسر التونسية مرتفعة حتى إن سجلت بعض التراجع الذي قد لا يعكس تخليها عن هذا الخيار بقدر مساهمة عوامل أخرى في ذلك ومنها عدم توفر السيولة اللازمة لدى البنوك نظرا لإقراضها المتواصل للدولة حتى توفر السيولة اللازمة لتغطية نفقاتها و تجنب لجوئها للتداين الخارجي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد تراجع انتاجه وفقدان أهم الحرفاء الدوليين : توقعات بعودة ارتفاع إنتاج ثلاثي الفسفاط إلى 400 ألف طن سنويا

تمثل عودة  إنتاج الفسفاط  إلى نسق ما قبل سنة 2010 من الأهداف الإستراتيجية التي من المهم أن…