2024-09-28

مرسوم نظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات : تشريع جديد يضمن حقوقهن في انتظار حسن التطبيق

وافق المجلس الوزاري المنعقد أول أمس الخميس على مشروع مرسوم يتعلق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات الذي سيمكّن العاملات الفلاحيات من آليات التحرّر الاقتصادي قصد تحسين دخلهن وضمان مقوّمات الحياة الكريمة لهن، فضلا عن تعزيز مساهمتنّ في الدورة الاقتصادية كفاعل اقتصادي رئيسي في تطوير القطاع الفلاحي وتحسين مردوديّته.

كما سيمكّن هذا الصندوق من ضمان التغطية الصحية للعاملات الفلاحيات وتأمينهنّ ضد حوادث الشغل والأمراض المهنيّة مع تمكينهنّ من جراية تقاعد، وضمان شروط النقل الآمن لهنّ ، وتأتي هذه الخطوة التشريعية في وقت تمثل فيه النساء العاملات في القطاع الفلاحي نسبة كبيرة من اليد العاملة، ويمتد تأثيرهن على الاقتصاد التونسي وعلى الأمن الغذائي حيث وبالرغم من هذا الدور الحيوي، إلا أن العاملات الفلاحيات يعانين من ضعف الحماية الاجتماعية والاقتصادية.

الواقع الاجتماعي والاقتصادي للعاملات الفلاحيات

تشير التقديرات إلى أن حوالي 70 % من النساء العاملات في القطاع الفلاحي في تونس ينحدرن من المناطق الريفية الفقيرة. يشتغلن عادة في ظروف غير مستقرة وغير منظمة، مما يحرمهن من الحماية القانونية والاجتماعية التي تتوفر للعاملين في قطاعات أخرى.  وعلى الرغم من أنهن يعملن في وظائف شاقة تشمل الزراعة وجني المحاصيل والريّ، إلا أن أجورهن غالبًا ما تكون متدنية، ولا يستفدن من الضمان الاجتماعي أو الرعاية الصحية .فغالبية العاملات الفلاحيات في تونس لا يتمتعن بنظام حماية اجتماعية يوفر لهن التقاعد أو التأمين الصحي. هذا الوضع يؤدي إلى تهميش اجتماعي واقتصادي، خاصة عند التقدم في السن أو في حال الإصابة بالأمراض أو الحوادث المهنية . كما أن إحدى أبرز المشكلات التي تواجه العاملات الفلاحيات هي وسائل النقل غير الآمنة التي يعتمدن عليها للوصول إلى مواقع العمل. فقد شهدت تونس في السنوات الأخيرة حوادث سير مميتة أثناء نقل العاملات الفلاحيات، وهو ما يبرز الحاجة إلى توفير وسائل نقل آمنة ومنظمة . هذا فضلا عن أجور العاملات الفلاحيات التي  عادة ما تكون أقل بكثير من الحد الأدنى القانوني للأجور ، وهو ما يساهم في تفاقم الفقر في المناطق الريفية كما يعكس هذا التفاوت في الأجور ، التمييز الذي يواجهنه، سواء من حيث النوع الاجتماعي أو المنطقة الجغرافية .

الإصلاحات والتشريعات

تم احداث بعض الآليات والبرامج في هذا الغرض في إطار السعي لتحسين وضعية العاملات الفلاحيات، حيث أطلقت الحكومة التونسية في سنة 2019 برنامج «أحميني»، الذي يهدف إلى دمج العاملات الفلاحيات في نظام الضمان الاجتماعي. هذا البرنامج يعتمد على نظام اشتراكات مبسطة يُمكّن العاملات من الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي بتكاليف منخفضة، مع توفير تغطية تشمل التقاعد والرعاية الصحية. ورغم هذه الجهود، إلا أن التنفيذ على الأرض مازال يعاني من عوائق، خاصة في ما يتعلق بنشر الوعي بالبرنامج وتبسيط الإجراءات. وعلى غرار ذلك تم سن القانون رقم 51 لسنة 2019 المتعلق بتنظيم نقل العاملات الفلاحيات وتوفير وسائل نقل آمنة ومحمية ويفرض القانون على أصحاب العمل توفير وسائل نقل تتوافق مع معايير السلامة، ولكن التطبيق الفعلي لهذا القانون مزال ضعيفًا في العديد من المناطق الريفية .

سن القانون الجديد المتعلق بالحماية الاجتماعية للعاملات في القطاع الفلاحي من شأنه أن يؤسس لحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية شريطة الاسراع بتنفيذه والحرص على تطبيقه وهو خطوة ايجابية في هذا الملف الذي شهد عديد التجاذبات في السنوات الأخيرة بالرغم ما يشهده القطاع الفلاحي من تطور ونمو في الانتاج والانتاجية، ويستدعي الأمر من الحكومة الجديدة خلق آليات رقابة ومراقبة في التطبيق على المستوى الجهوي والمحلي حتى يحقق الأهداف المرجوة منه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عن إجراءات شراء زيت الزيتون من قبل الديوان الوطني للزيت : بالرغم  من بعض الاجراءات الايجابية…. تحدّيات  لا تتماشى وانتظارات الفلاحين

أعلن الديوان الوطني للزيت،أنه في إطار تجسيم القرار المتعلق بمواصلة برنامج تدخل الديوان لشر…