هل عجزت آليات الحوكمة الدولية عن مجابهة القضايا المتشعبة التي تعصف بعالم اليوم؟ وهل تستطيع هذه «الأدوات» التي مرّ عليها 80 عاما من التفاعل مع التحديات المطروحة راهنا؟ وهل نجازف اذا قلنا اننا نعيش مرحلة ما بعد الديمقراطية وما بعد الحداثة واننا في حاجة الى أساليب جديدة لحوكمة هذه المستجدات؟ والى أي مدى يمكن أن نحذر من انهيار النظام العالمي وتفككه في ظل تنامي الصراعات والأزمات المتعددة؟
هذه الأسئلة هي بمثابة إشكاليات عميقة يطرحها المفكرون والباحثون في الشأن السياسي والاستراتيجي والذين يشخّصون الوضع العالمي الراهن ويحاولون استشراف ما يمكن ان يحدث. والآن هذه الأسئلة باتت مطروحة بإلحاح على الفاعلين السياسيين في مختلف دول العالم فمن الطبيعي ان تهتم بها مجموعة العشرين وذلك في إطار اجتماعها الوزاري والذي شاركت فيه تونس من خلال وزير الخارجية محمد علي النفطي.
إذن على هامش أشغال الجزء رفيع المستوى للدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة وبدعوة من جمهورية البرازيل الفيدرالية التي تترأس مجموعة العشرين شارك وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في الاجتماع الوزاري لهذه المجموعة والذي خصص للتداول بشأن إصلاح الحوكمة الدولية.
والحقيقة اننا في حاجة ماسة اليوم الى تطوير منظومة الحوكمة الدولية بل واصلاحها بشكل عميق خاصة مع تنامي الازمات العالمية وتشعبها بشكل ربما غير مسبوق في التاريخ المعاصر.
وفي هذا الصدد ألقى وزير الشؤون الخارجية كلمة باسم تونس أكد فيها على أن بلادنا تساند جميع المقترحات التي تم التداول بشأنها حول اصلاح الهيكل المالي الدولي. وذكّر السيد محمد علي النفطي بالنداء الذي تقدم به رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال قمة باريس العام الماضي من أجل إبرام ميثاق مالي عالمي جديد يقوم على قواعد شفافة وعادلة ومبادئ التضامن الدولي.
وفي السياق ذاته وفي هذه الكلمة تطرق الوزير الى إشكالية المديونية بالنسبة الى الدول النامية وضرورة معالجتها وهي التي بلغت مستويات مرتفعة جدا في أكثر من خمسين دولة من هذه البلدان. وهو ما يحتم التفكير بجدية في ابتكار آليات جديدة للتعاطي مع الديون السيادية وذلك درءا للطوارئ والأزمات التي قد تنتج عن العجز في التسديد وضرورة اعتماد المرونة والإنصاف في هذا الأمر.
كما جاء في كلمة تونس التي ألقاها وزير خارجيتها أن هناك عجزا واضحا على مستوى إدارة الأزمات الدولية وأن آليات الحوكمة الدولية ومؤسساتها تحتاج الى اصلاح جذري بعد مرور حوالي ثمانين عاما عليها حتى تكون قادرة على مجابهة التحديات المطروحة في عالم متغير وفي سياق أزمات متشعبة وبالغة التعقيد.
وكما أن في العلوم الإنسانية اقترح المفكرون والفلاسفة وعلماء الاجتماع براديغمات جديدة لتفكيك الظواهر الجديدة وتفهمها ومحاولة تفسيرها فإن آليات الحوكمة الدولية تحتاج قطعا الى مسايرة التحولات العميقة التي تعصف بالعالم سياسيا واقتصاديا وحضاريا وثقافيا ومناخيا …
وجاء في كلمة الوزير أيضا أنه لتفادي انهيار النظام العالمي وتفككه لابد من إيجاد إصلاحات عميقة في مجال الحوكمة الدولية.
وفي غيابها سيكون من الصعب إعادة بناء الثقة بين الدول والشعوب وإحياء العمل متعدد الأطراف في إطار المنظومة الأممية التي تبقى الملاذ الوحيد لمجابهة الازمات الماثلة والمستجدة.
وتتنزل هذه المشاركة في اطار الحراك الديبلوماسي الذي تعيشه تونس في الآونة الأخيرة وهي الحاضرة في كل المحافل الدولية والتي تعبر عن مواقفها السيادية بوضوح وجلاء في كل القضايا الراهنة.
النداء الأخير : أيها التونسيون ..إلى صناديق الاقتراع..!
يتوجّه التونسيون كما كان منتظرا اليوم الى مراكز الاقتراع ليختاروا من سيدير شؤون البلاد لم…