حرب جديدة يشنّها الكيان الصهيوني على لبنان تحت عناوين مضلّلة تخفي «النوايا الكبرى» والتي من أجلها تخوض دولة الاحتلال وعلى امتداد عقود سلسلة من الحروب المتفاوتة في مستوى القوّة والتحشيد على الأراضي اللبنانية وعلى جنوبها المهدور…
الاعلام العسكري الصهيوني يقول بأن الحرب على لبنان ـ في هذا التوقيت ـ بالذات إنما هي ردّة فعل تجاه «جرائم» حزب الله ولانهاء «عملياته الارهابية» ضدّ الكيان وبالتالي هي حرب انتقامية بحسب ادعاءات جيش الاحتلال لردع المقاومة ولاجتثاث حزب الله الى غاية الوصول الى تنفيذ قرار أممي بنزع سلاح المقاومة…
هذا ما تقوله دولة الاحتلال لتبرير هجمتها الشرسة على لبنان وعلى جنوبه والذي خلف مئات الشهداء والجرحى وهي نفس السردية التي تطلقها كلّما تحركت ضد لبنان وهي سردية كاذبة لاخفاء المخططات الاجرامية الحقيقية أو ما يسمى باستراتيجيا الاطماع الصهيونية التاريخية في المنطقة وتحديدا في لبنان وله «مكانة متقدمة» وذات أهمية قصوى ضمن هذه الاستراتيجيا ما يفسّر سلسلة الحروب التاريخية وسلسلة الاجتياحات والعمليات العسكرية التي نفذتها دولة الاحتلال على امتداد عقود دمويّة ولم تهدأ ـ أبدا ـ وحربها التي أطلقتها منذ أيام إنما هي حلقة جديدة من تاريخ الاجتياحات والعمليات العسكرية ضد لبنان وهي ليست الحرب الأولى ولن تكون الأخيرة خاصة أمام هذا الصمت العربي المُخجل وهو بمثابة التواطؤ مع الجريمة وتطبيعا معها زائد عجز المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته الاممية وبكل محاكمه الدولية على ردع هذا الكيان وعلى ايقاف جرائمه في المنطقة… والخوف كل الخوف من تمادي جيش الاحتلال في الأراضي اللبنانية بما يعيد المأساة المستمرة الى الآن منذ 7 أكتوبر 2023 في غزة.
العملية العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال في لبنان ليست ـ كما أشرنا ـ حربا انتقامية ردّا على «صواريخ حزب الله» وإنما هي حلقة من ضمن استراتيجيا الاطماع الصهيونية في المنطقة وفي لبنان تحديدا وتؤكد أدبيات الاحتلال بأن الهدف الاستراتيجي الأقصى هو تفكيك دول الدائرة العربية المحيطة بالكيان الصهيوني والاستحواذ على ثرواتها الطاقية والمائية خاصة والعمل على تفكيكها بالكامل أو تحييدها ـ كحدّ أدنى ـ وذلك عبر تطبيع العلاقات بما يحوّل «الدائرة العربية» الى «حزام أمان» يحيط بالكيان وهو ما تحقق ـ فعليا ـ بالمنطقة حيث توسعت دائرة الدول العربية المطبّعة مع الاحتلال وامتدّت في كامل الخليج العربي وبالشرق الاوسط ووصلت الى منطقة المغرب العربي بعدما أعلن المغرب تطبيعا كاملا مع الكيان الصهيوني تم بمقتضاه تبادل السفراء والهيئات الديبلوماسية…
ومن الأهداف الاستراتيجية القصوى للكيان تبديل جغرافيا منطقة الشرق الأوسط وإعادة تركيبها سياسيا وهذا مشروع تدعمه أمريكا بقوّة بل هي التي صاغته مع الكيان يدها الممدودة في المنطقة وقد نجحت في ذلك ـ بالفعل ـ بإضعاف سوريا وتفكيكها واضعاف العراق وتفكيكه مع تحييد مصر والأردن والدفع بايران الى حالة من الاختناق بحيث لا يمكن لها الردّ أو التحرك عسكريا ثم العمل على توسيع دائرة التطبيع في منطقة الخليج وهي «الدائرة العربية»التي تحولت الى «حزام أمان» حقيقي كما أشرنا لهذا الكيان أما «لبنان» البلد الشقيق المغدور والذي عرف وشهد وما يزال تاريخا دمويّا لسلسلة امتدت على عقود من العمليات العسكرية والاجتياحات العسكرية والحروب المباشرة مع الكيان فإن استهداف أراضيه إنما يجيء ضمن أولويات وضعها الكيان الصهيوني وصاغها ضمن «خارطة طريق» تؤكد على الأهمية الاستراتيجية للاراضي اللبنانية ولمصادر المياه في الجغرافيا اللبنانية والتي تعتبرها دولة الاحتلال ثروة لا تضاهى وبالتالي فإن السيطرة عليها تعتبر عملا استراتيجيا أولويا وعملا استباقيا لما يسمى «بحرب المياه» التي يتوقع الاستراتيجيون قيامها في المنطقة…
لقد وضع الكيان الصهيوني لبنان انطلاقا من جنوبها على مرمى النار لا من أجل اقتلاع حزب الله ونزع سلاحه ـ فحسب ـ وإنما أيضا من أجل تحقيق اطماعه التوسعية القديمة ومن أجل الاستحواذ على الجغرافيا اللبنانية وثرواتها المائية وستستمر اسرائيل في استهداف هذا البلد الشقيق بعمليات عسكرية متفاوتة في قوتها ولن تتراجع أبدا خاصة أمام هذا التواطؤ العربي المخجل وأمام عجز العالم بكل منتظماته عن ايقاف جيش الاحتلال الذي أباد وما يزال مستمرا في حرب الابادة في غزة وهو الآن في لبنان جنوبا في اتجاه اكتساح الاراضي اللبنانية ولا ندري على من سيكون الدور بعد ذلك…؟ من بعد لبنان…؟
نخشى على لبنان من تواطؤ الدول العربية المطبّعة والذي فتح الطريق بالكامل «للجريمة»..
* * * *
جلل مصابك يا بيروت فما يؤذيك يؤذينا..
الأخطر من الهزيمة «أوهام الانتصار»..!
لم تكن حرب الابادة في غزة سوى مقدمة أولى لحرب شاملة تعمل دولة الاحتلال على استدراج ايران …