بعد نزول كميات مهمّة من الأمطار.. مؤشرات إيجابية للموسم الفلاحي
شهدت تونس خلال الأيام القليلة الماضية نزول كميات هامة من الأمطار في أغلب ربوع الوطن واستبشر التونسيون بهذا الغيث لأنهم كابدوا سنوات صعبة من الجفاف وأصبحت ندرة المياه مشكلة مؤرقة إلى أبعد الحدود.
ورغم جملة من المظاهر السلبية التي أصبحت للأسف معتادة في بلادنا جراء اهتراء البنية التحتية بشكل يجعل المياه تتسرّب في المدن خاصة الى البيوت والمحلات التجارية الى جانب إعاقة حركة السير في الشوارع والطرقات وتوقف الدروس وتعطل العمل في كثير من الجهات، فإن الأمطار الأخيرة ساهمت في تحسّن وضعية السدود وغذّت الأمل لدى الفلاحين في موسم فلاحي ينسينا المواسم الصعبة السابقة.
وبعيدا عن التنظير، فإننا نحتاج اليوم إلى جهد جماعي من أجل تأمين موسم فلاحي يبدو واعدا حتى الآن ومؤشّراته جدّ إيجابية، مثلما نحتاج أيضا الى دخول سلطة الإشراف، أي وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بجميع مؤسساتها ووكالاتها ودواوينها الى جانب الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ونقابة الفلاحين والمؤسّسات البنكية وشركات التأمين والمجمع الكيميائي وغيرها من الجهات المعنية بالموضوع، على خط التنسيق والاستباق واستخلاص الدروس حتى نضمّد جراح المواسم الفلاحية السابقة ونؤسّس لنجاح ضروري في المواسم القادمة.
وضروري هنا أن نذكّر بتوجّهات السياسة الفلاحية لبلادنا كما رسمها رئيس الجمهورية وضمّنتها وزارة الفلاحة ضمن مشروع ميزانياتها لسنة 2024، حيث نكتشف فيها جملة من البرامج على غرار الحد من تأثير التغيّرات المناخية وترشيد الموارد الطبيعية وتعصير المستغلات الفلاحية والرقمنة دون نسيان تعزيز مساهة القطاع الفلاحي في النمو الإقتصادي وهو ما يقتضي تشجيع النظم الزراعية والمحافظة على الموارد الطبيعية والتأقلم مع التغيرات المناخية.
وتتنزل برامج وزارة الفلاحة لسنة 2024 ضمن مخطط التنمية 2025-2023 الذي يتنزّل بدوره ضمن رؤية تونس 2035.
وحسنا فعلت وزارة الفلاحة حين كشفت مطلع الاسبوع الجاري ان الاستعدادات للموسم الفلاحي الجديد على مستوى البذور الممتازة والأسمدة انطلقت بعد وانه تمت برمجة كميات مهمه لوضعها على ذمة الفلاحين.
ومهم أيضا أن يقع تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية لعموم الفلاحين في ربوع الوطن من أجل ترشيد اختياراتهم الزراعية تماشيا مع الأوضاع المناخية ومع كميات المياه المتوفرة حاليا أو المتوقعة في المستقبل حتى نتجنب الأزمات ونؤمّن المحاصيل.
ويجب ان يقع تحديد شروط نجاح موسم الزراعات الكبرى وتوفير جميع الضمانات لذلك الى جانب التركيز على الاحتياجات اليومية للمواطنين.
وحريّ بنا أيضا أن نشجع هذا التوجه الذي أصبح لافتا في المجتمع التونسي نحو الاعتماد على الفلاحة والاستثمار فيها وأصبح جليا أن كثيرا من الشباب وحتى الكهول يقدمون على تخصيص مساحات مهمة من الأراضي التي كانت مهملة ومنسية لزراعة الزيتون مثلا أو الفستق أو غيره من الأشجار المثمرة لكنهم يصطدمون بمشكلة الري والمياه فيتجاوز بعضهم القانون بحفر الآبار العشوائية ويظل البعض الآخر رهين كميات محدودة وغير منتظمة من المياه من الجهات الرسمية كديوان وادي مجردة على سبيل المثال..
ان هذه التفاصيل هي التي يجب أن نوليها اهتمامنا وان نكرّس الجهود من أجل معالجتها دون التعسف في تطبيق الاجراءات وحتى القوانين التي يحتاج كثير منها للتعديل، فعلاوة على ضعف الميزانية المخصصة لوزارة الفلاحة وتضخم هذه الوزارة صراحة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر، هناك ضعف في الإرشاد الفلاحي وتراجع في عمل المنظمات المهنية للفلاحين الذين يشعرون في بعض المراحل بأنهم في عزلة ولا مخاطبا مباشرا معهم.
ان المقدمات واعدة كما أسلفنا، وما على الجميع سوى الانكباب على التخطيط والعمل والابتكار والتجديد على قاعدة ان النهوض بالفلاحة وتوفير الاكتفاء الذاتي لا يوفّر الأمن الغذائي فقط وإنما يحقق ويحصّن الأمن القومي.
في الذكرى الأولى لملحمة طوفان الأقصى «7 أكتوبر..»: نصف الطريق إلى.. القدس عاصمة فلسطين
بكثير من الألم والحزن لفقدان آلاف الأشقاء، لكن أيضا بكثير من الاعتزاز والثقة والتفاؤل نحيي…