وثيقة التوجهات الكبرى للتنمية أمام مجلس النواب و مجلس الجهات والأقاليم: في اتجاه القطع مع الخيارات التي رسّخت التفاوت الاجتماعي والاقتصادي..
من المنتظر ان يتداول مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الفترة القادمة في مشروع وثيقة التوجهات العامة للتنمية والمنوال التنموي إلى جانب مشروع الميزانية، وسيتم العمل بصفة تشاركية.
وتعمل الحكومة على إعداد هذه التوجهات التي ستصادق عليها الغرفة التشريعية الأولى والثانية، حيث شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللقاء الذي جمعه، الاثنين الماضي، برئيس الحكومة كمال المدّوري، على ضرورة أن تكون الوثيقة المتعلقة بالتوجهات الكبرى للتنمية وثيقة تقطع مع الماضي لا في مستوى تسميتها فحسب بل في محتواها على وجه الخصوص.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الكثيرين منذ عقود يتحدثون عن منوال تنموي ولم يتوصلوا إليه لأنهم لا يريدون في الحقيقة التوصل إليه بل يريدون تأبيد عدد من الخيارات التي أدت إلى مزيد من التفاوت الاقتصادي والاجتماعي.
كما أكد رئيس الجمهورية على أن تونس في حاجة إلى أفكار ومفاهيم جديدة تحلّ محلّ شعارات ومصطلحات انتهت مدة صلاحيتها.
وتم التطرق أيضا في هذا الاجتماع إلى مشروع النص المتعلق بالصفقات العمومية في المشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية حيث أكد رئيس الدولة على أن « التشريع الحالي تجاوزه التاريخ وتضررت منه المجموعة الوطنية، فعشرات الآلاف من المليارات مرصودة والمشاريع التي رُصدت إمّا أنها لم تنطلق وإما أنها توقفت بعد مدّة وجيزة من بداية أشغالها».
وكان مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، عقد مؤخرا، اجتماعا تم الإعلان خلاله عن انطلاق لجان المجلس الست في الإعداد لمناقشة ميزانية الدولة لسنة 2025 ومنوال التنمية كما صدر مؤخرا المرسوم المنظم للعلاقات بين المجلسين.
ويتكون المجلس الوطني للجهات والأقاليم من 77 عضوا، ويمارس وفق الفصل 85 من الدستور «صلاحيّات الرّقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلّقة بتنفيذ الميزانيّة ومخطّطات التّنمية». كما تعرض وجوبا على هذه الغرفة التشريعية الثانية، حسب الفصل 84، المشاريع المتعلّقة بميزانيّة الدّولة ومخطّطات التّنمية الجهويّة والإقليميّة والوطنيّة لضمان التّوازن بين الجهات والأقاليم.
ويصادق هذا المجلس مع مجلس نواب الشعب، على قانون الماليّة ومخطّطات التّنمية بأغلبيّة الأعضاء الحاضرين على ألاّ تقلّ هذه الأغلبيّة عن الثلث.
في هذا السياق، أفاد الخبير الاقتصادي مراد الحطاب في تصريح لـ«الصحافة اليوم» بان منوال التنمية يسعى إلى استحداث تجربة تقوم على بناء أفق اقتصادي واجتماعي.
وبين مراد الحطاب أن المحور الأول يتعلق بإعطاء الجهات حق المبادرة على المستوى التنموي في سياق التكامل المركزي لضرورات تنسيق تنفيذ المشاريع خاصة منها ذات الأولوية التنموية. والمحور الثاني يتمثل في تكريس البعد الاجتماعي للدولة وهي مسألة تتجلى من خلال دعم التدخلات الاجتماعية للدولة المقدرة بـ20 مليار دينار سنويا. وأيضا الحفاظ على المؤسسات العمومية وهيكلتها بما يعزز الاستثمار العمومي على نحو خاص، وهو حاليا يقدر ما بين 3 و5 مليار دينار في العام.
وأضاف مراد الحطاب انه من الناحية العملية منهجية منوال التنمية تقوم على مبدإ رسم سيناريوهات تتعلق بتشخيص مستوى النمو ومؤشر التنمية، ولكن أيّ سيناريو يتم في إطار تحديد معوقات دفع الاستثمار ودراسة السبل الكفيلة بتجاوزها خاصة من ناحية الإجراءات والإصلاحات اللازمة.
وفي سياق متصل يقول الحطاب أن السلطة تؤكد على أن منوال التنمية يستمد مضامينه من الدستور التونسي ولكن على مستوى التنفيذ سيكون الاعتماد على أهداف تقوم على تشخيص واضح للأوضاع الحالية في سياق مصفوفة تحدد مكامن القوة والضعف للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وفي نفس الوقت ترصد الآفاق والتطلعات على مستوى الفرص والمخاطر لهذه الآفاق.
وبخصوص التحول الهيكلي المنتظر الذي ينبني على الرؤية التنموية والسياسيات العمومية المعتمدة، فان شروطه هي إعادة تجسيم المشاريع العمومية وفق إجراءات تحسين مناخ الأعمال والتشجيع على بعث الشركات الأهلية…
ويعتبر الخبير الاقتصادي أن الحكومة تسعى في مخطط 2026-2023 إلى التقليص التدريجي للعجز والتقليص من التداين الخارجي، والتعويل على الذات من خلال دعم الموارد الذاتية للميزانية التي تشمل الجباية والاقتراض والخزينة.
وشدد الحطاب على أن هناك حاجة ملحة لمنوال تنموي جديد في ظل الأزمات العالمية وتأثيراتها، مع ضرورة استقطاب الاستثمار الخاص ومواجهة التفاوت في التنمية بين الجهات.
رئيس الجمهورية يدعو إلى معركة شاملة ضد الفساد في كافة القطاعات : التأكيد على اعتماد مقاربات شاملة لمكافحة الظاهرة
تتواصل الجهود الوطنية لمحاربة الفساد في مختلف القطاعات وفي عدد من الهياكل والمؤسسات، حيث أ…