2024-09-25

استيراد السيارات في تونس: بين جشع المورّدين وإثقال كاهل الحريف بالضرائب

يشكل قطاع توريد السيارات في تونس جزءاً مهماً من الاقتصاد الوطني، حيث يسهم في توفير وسائل النقل الضرورية وتلبية احتياجات السوق المحلية المتزايدة. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع تحديات متعددة تشمل الضرائب المرتفعة، والإجراءات الديوانية المعقدة، ما يؤثر سلباً على نموه وتطوره من جهة، ومن جهة ثانية وضع حواجز تعيق تمتع المواطن بالسيارة التي يريد وبالسعر الذي يتلاءم مع ميزانيته المالية.

قطاع توريد السيارات في تونس من الأنشطة الحيوية التي تساهم في تنمية القطاع التجاري، إذ تعتمد تونس على استيراد السيارات لتلبية الطلب المحلي. وتنقسم السيارات المستوردة في تونس إلى نوعين رئيسيين: السيارات المخصصة للاستخدام الشخصي، والسيارات المخصصة للاستعمال المهني أوالتجاري، بما في ذلك الحافلات والشاحنات .

ومع تزايد الطلب على السيارات المستوردة، أصبحت مسألة استيراد السيارات مرتبطة بتحديات اقتصادية ومالية.وتعتمد الحكومة على هذا القطاع كمصدر رئيسي للإيرادات، من خلال فرض الرسوم الجمركية والضرائب المختلفة التي تزيد من تكاليف الاستيراد، وتؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعار السيارات على المستهلكين .

من بين أكبر التحديات التي يواجهها قطاع توريد السيارات في تونس العبء الضريبي المرتفع، والذي يتضمن عدة أنواع من الضرائب على غرار الرسوم الجمركية التي تختلف قيمتها حسب نوع السيارة وسعة محركها. فكلما زادت سعة المحرك زادت قيمة الرسوم، وتعد هذه الرسوم واحدة من أهم مصادر الدخل للميزانية. ثم الضريبة على القيمة المضافة التي تُفرض بنسبة تتراوح بين 19 % و29 %، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول المجاورة.

وعلى الرغم من أن هذه الضرائب تعتبر مصدر دخل هام للدولة، فإنها تشكل عائقاً كبيراً أمام المستهلكين الذين يواجهون صعوبات في تحمل تكاليف السيارات بسبب ارتفاع أسعارها، وتعد بلادنا الاستثناء الوحيد في المنطقة العربية وشمال إفريقيا التي تعمل بهذه القوانين والتشريعات منذ عشرات السنين بفعل تداخل عوامل سياسية وعائلية فترة حكم الرئيس الراحل بن علي لتبقى هذه الحزمة من التشريعات سارية المفعول إلى اليوم دون النظر في إعادة تطويعها حتى تتماشى مع الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن التونسي .

الإجراءات الديوانية

بدورها تعتبر الإجراءات الديوانية المتعلقة بتوريد السيارات من أبرز التحديات التي تواجه المواطن بما أنها تنطوي على سلسلة طويلة من الخطوات الادارية التي تزيد من مدة وتكلفة الاستيراد، ما يؤخر وصول السيارات إلى السوق المحلية .

تأثير السياسات الحكومية على قطاع السيارات

سعت مختلف الحكومات التونسية إلى محاولة تحقيق توازن بين توفير الإيرادات المالية وحماية وكلاء توريد السيارات لتصبح المنافسة على أشدها من حيث الأسعار المتعالية على القدرة الشرائية. ومع ذلك، فإن السياسات الحكومية في مجال توريد السيارات تثير انتقادات واسعة، حيث يعتبر العديد من الخبراء أن الضرائب المرتفعة والإجراءات الديوانية المعقدة قد تؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين وأن زيادة الضرائب تؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات، مما يجعلها بعيدة عن متناول فئات واسعة من المواطنين.

ولمواجهة التحديات التي يمر بها قطاع توريد السيارات في تونس، من الضروري اتخاذ مجموعة من التدابير على غرار تخفيف العبء الضريبي وإعادة النظر في هيكلة الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات، وتقديم حوافز للمستهلكين من ذوي الدخل المحدود إلى جانب تبسيط الإجراءات الإدارية والتقليص من الوثائق المطلوبة ثم فتح الباب أمام توريد السيارات المستعملة ويتولى الحريف في تونس اقتناءها وشحنها مباشرة من الخارج على تكلفته الخاصة مع تحمل جزء من الأعباء الضريبية على غرار ماهو معمول به في أغلب بلدان المنطقة.

جدير بالذكر أن وكلاء البيع يستوردون بين 60 و70 ألف سيارة سنويا بأسعار خيالية مقارنة بأسعارها الحقيقية من المصانع ويتم توزيعها في السوق المحلية فيما تستأثر أسواق السيارات المستعملة داخليا بنحو20 ألف سيارة  أسعارها لا تتماشى والقدرة الشرائية للتونسي اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لجنة قيادة برنامج التنمية المندمجة: تخصيص 10.1 مليون دينار إضافية لتسريع إحداث  المشاريع بعدة ولايات

صادقت لجنة قيادة برنامج التنمية المندمجة في جلستها المنعقدة مؤخرا  بمقر وزارة الاقتصاد وال…