يعتبر تسجيل فائض في الميزان التجاري الغذائي مؤشرا ايجابيا له تأثير طيب على الميزان التجاري وعلى الاقتصاد عموما سيما من خلال تقليصه للعجز التجاري الحالي، الى جانب التخفيف من الأعباء المالية على البلاد في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها. والواضح ان زيادة صادرات المنتجات الغذائية التونسية مثل زيت الزيتون والتمور وارتفاع عائداتهما قد ساهم بفعالية في تعزيز احتياطات البلاد من العملة الصعبة، وبإمكان هذه المؤشرات ايضا ان تعطي اشارة ايجابية الى الشركاء والمتعاملين الاقتصاديين بما من شأنه تعزيز الثقة في الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية.

ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار استدامة هذا الفائض ودعمه من خلال تعزيز الإنتاج الوطني وتحسين أداء القطاعات الفلاحية والتصدير عبر سياسات ترمي الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحيوية. وبحسب المعطيات الاخيرة التي أصدرها المرصد الوطني للفلاحة حول نتائج متابعة الميزان التجاري الغذائي إلى موفى شهر أوت 2024، فقد تم تسجيل فائض يقدر بـ 1606,2 مليون دينار مقابل عجز بقيمة 556,2 مليون دينار خلال شهر أوت 2023. وقد سجلت نسبة تغطية الواردات بالصادرات 135,5% مقابل 89,1% خلال نفس الفترة من سنة 2023.كما سجلت قيمة الصادرات الغذائية ارتفاعا بنسبة 35,4% مقابل تراجع الواردات بنسبة 11,1%. ويعزى هذا الفائض بشكل اساسي إلى ارتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون بنسبة 62% لتصل قيمتها الى 3818,9 مليون دينار محققة بذلك حصة بـ62,3% في الصادرات الغذائية ما يعني أكثر من نصف قيمة الصادرات الغذائية، والتمور بـ24,2% وبقيمة 566,7 مليون دينار ومنتوجات الصيد البحري بنسبة 5,2% وبقيمة425,1 مليون دينار مقابل تراجع قيمة واردات الحبوب بـ(-19,7%) وواردات السكر بـ(-39,6%).

ووفق المصدر ذاته فقد تراجع عجز الميزان التجاري العام الى موفى شهر أوت من سنة 2024 مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة حيث بلغ 11924,1 مليون دينار مقابل 12191,7مليون دينار خلال سنة 2023 ، وذلك نتيجة لارتفاع الصادرات بنسبة 2,1% بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الفارطة مقابل ارتفاع للواردات بنسبة 1,1%.كما بلغت قيمة المبادلات التجارية عموما 41512,1 مليون دينار عند التصدير و53436,2 مليون دينار عند التوريد.

وبحسب المعهد الوطني للإحصاء فإن التحسن المسجل على مستوى الصادرات بـ2,1% خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2024 راجع بالأساس إلى الارتفاع المسجل في قطاع المنتوجات الفلاحية والغذائية بنسبة 33% نتيجة الزيادة الملحوظة المسجلة في مبيعات زيت الزيتون (3818,9 م د مقابل 2356,7 مليون دينار) الى جانب مساهمة عديد القطاعات الاخرى. ووفق الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة فإن التقليل من العجز التجاري عموما يتطلب خطة شاملة تتضمن تعزيز الصادرات من خلال دعم القطاعات الواعدة، تطوير الصناعات المحلية، تنويع الأسواق التجارية والبحث عن أسواق جديدة لصادراتها، خصوصًا في إفريقيا وآسيا، حيث يمكن أن تجد فرصًا للنمو والاعتماد على مصادر طاقة محلية ومتجددة من خلال تعزيز الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتقليل تكاليف الاستيراد.

لا شك أن هذه النتائج هي نتيجة لعدة عوامل متظافرة ساعدت على تحقيقها لذلك من الضروري العمل على استدامتها ومزيد تعزيزها بداية من أجل تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد وخلق فرص العمل وتقليص الالتجاء الى التوريد وايضا لتحسين تموقع تونس في الاسواق الخارجية وتعزيز سمعتها ومكانتها كمنتج لعديد المواد الفلاحية ذات الجودة العالية مما يؤدي الى المزيد في الفرص التجارية والعائدات المالية وجعل الاقتصاد التونسي أكثر مرونة وقدرة في مواجهة التقلبات العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الخبير غازي معلى لـ«الصحافة اليوم»: التحدي المطروح أمام الرئيس في ولايته الثانية اقتصادي بامتياز

بعد الانتخابات الرئاسية في تونس من المتوقع ان تكون الاولويات الاقتصادية للفترة القادمة موج…