لتخفيف العبء على الدولة وتحقيق الإنصاف الإجتماعي : تعديل منظومة الدعم في تونس ضروري
يظل ملف توجيه الدعم إلى مستحقيه من أبرز التحديات التي تواجه تونس اليوم، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والضغوط المالية الكبيرة.
في المقابل ثمة خطوات ايجابية في سبيل تحفيز الطبقة الاجتماعية الضعيفة على مجابهة المصاريف اليومية والمتمثلة في تعميم إسناد منحة شهرية لأصحاب دفاتر العلاج المجاني ونصف المجاني أو مايسمى بأصحاب الدفاتر الصفراء والبيضاء .
إن تبني الدولة سياسات دعم واسعة النطاق لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار مدعومة ، يبقى أمرا ملحا في ظل تواصل التلاعب بالمواد الأساسية ذلك أن الدعم يرتكز بشكل رئيسي على السلع الأساسية مثل الخبز، السكر، الزيت النباتي، الوقود، بالإضافة إلى دعم خدمات مثل الكهرباء والماء. والغرض من هذا الدعم كان، وما زال، تخفيف العبء المالي عن العائلات ذات الدخل المحدود وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية.
إلا أن هذه السياسة الشاملة للدعم، وعلى الرغم من أهدافها النبيلة، أدت إلى توزيع غير عادل للموارد. فقد استفاد منها جميع المواطنين بغض النظر عن دخلهم، مما جعلها عبءا ماليًا ثقيلًا على الدولة التونسية، في ظل عجز الموازنة المتفاقم ، وتواصل التهرب الضريبي واستفادة طبقة لابأس بها من ثروة المواد المدعمة على حساب باقي الطبقات الاجتماعية بما فيها الموظفون.
توجيه الدعم بشكل شامل لكل المواطنين، مما يعني أن الأغنياء والفئات ذات الدخل المرتفع تستفيد أيضًا من الدعم المخصص للفئات الأكثر هشاشة. على سبيل المثال، يدفع الأغنياء نفس السعر المدعوم للوقود، الذي كان من المفترض أن يخفف العبء المالي عن الطبقات المتوسطة والفقيرة ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن برنامج إعادة النظر في توزيع المواد المدعمة لا بد أن يراعي هذه النقاط وفي نفس الوقت يوفر الحد الأدنى المطلوب لفئة الموظفين من خلال تقديم منح مالية في شكل عنصر من عناصر الأجر الشهري ، وهو التوجه الذي دافع عنه الاتحاد العام التونسي للشغل والهدف من ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية ومراعاة الظروف الاقتصادية التي تمر بها أغلب الطبقات الاجتماعية في تونس .
تتسبب تكاليف الدعم المرتفعة في الضغط على الميزانية العامة للدولة بحسب تقرير للبنك الدولي، وتبلغ قيمة دعم الطاقة والغذاء في تونس نحو 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم مرتفع جدًا لدولة تعاني من عجز مالي وتسعى بكل إمكانياتها المادية والبشرية إلى التعويل على الذات ووضع حد للتبعية الخارجية للحد من الضغوطات المالية .
وفي هذا الجانب يتطلب الأمر وجود نظام دقيق لاستهداف الأسر الأكثر فقرًا يعني أن الدعم لا يصل بشكل فعّال إلى الفئات الأكثر هشاشة. والعديد من العائلات التونسية التي تعيش تحت خط الفقر لا تستفيد بالشكل المطلوب من السياسات الحالية للدعم . ولمواجهة هذه التحديات، بدأت الحكومة التونسية التفكير في إصلاحات جذرية لنظام الدعم ومن أبرز الإصلاحات المقترحة ، تحويل الدعم العيني (مثل تخفيض أسعار السلع) وكذلك دعم نقدي مباشر يُقدم للأسر الفقيرة. هذا النظام يهدف إلى ضمان وصول المساعدات المالية إلى الفئات المستحقة فقط، مع تقليل الهدر والفساد. كما يُتوقع أن يسهم في خفض تكاليف الدعم على الدولة.
وبالتوازي مع ذلك فإن تحسين آليات الاستهداف عبر إنشاء قاعدة بيانات وطنية دقيقة للفئات الأكثر هشاشة، يمكّنها من استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال لتحديد الأسر التي تحتاج فعلاً للدعم بناءً على معايير موضوعية مثل الدخل والحالة الاجتماعية.
ففي حال تقليل تكاليف الدعم وترشيده، يساهم ذلك في خفض العجز المالي ويتيح للحكومة توجيه المزيد من الموارد إلى قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم علاوة على أن توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر هشاشة ولكل الطبقات المستحقة من شأنه أن يعزز العدالة الاجتماعية ويقلل من الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
توجيه الدعم إلى مستحقيه يمثل خطوة ضرورية وحتمية لتحسين الوضع المالي والاجتماعي في تونس. إلا أن نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على مدى قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات بشكل عادل وشفاف، مع مراعاة التواصل الفعّال مع الشعب لضمان تفهمهم ودعمهم لهذه التغييرات التي قد تشكل نقطة تحول في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تونس.
في نقاط الضغط المروري بمداخل العاصمة : تفشي ظاهرة «خطف الهواتف» وإزعاج مستعملي الطريق
تزايدت في الآونة الأخيرة، ظاهرة السرقة والبراكاجات (الاعتداءات المسلحة أو السرقة بالإكراه…