رغم تراجع نسبتها في تونس إلى 12.7 % : الأمّية مازالت تعتبر مرتفعة وتستدعي وضع مقاربة متكاملة لمحاربتها
بالرغم من تراجع نسبة الأمية في تونس من 19.1 % سنة 2014 إلى 17.7 % سنة 2019 ثم إلى 12.7 % سنة 2024 إلا أنها مازالت تعتبر نسبة مرتفعة وتستدعي الكثير من العمل لمحاربة هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها ووضع مقاربة متكاملة وهو ما عملت عليه وزارة الشؤون الاجتماعية التي انطلقت منذ فترة في مكافحة الأمية في البلاد عبر مدارس التعلم مدى الحياة التي ستعوّض برنامج تعليم الكبار.
يشار إلى أن تونس توجهت نحو اعتماد مقاربة جديدة في مكافحة الأمية في البلاد عبر مدارس التعلم مدى الحياة التي سوف تعوض برنامج تعليم الكبار، الذي اعتمدته السلطة منذ عام 2002 في إطار مكافحة الأمية لدى الذين حرموا من التعليم من أعمار مختلفة لكن بعد أكثر من عقدَين من تنفيذ البرنامج اتخذت مستويات الأمية في تونس منحى تصاعديا مدفوعة بارتفاع عدد المنقطعين عن التعليم في السنوات الأخيرة وارتدادهم إلى الأمية، حيث سجلت تونس في العقد الماضي انقطاع أكثر من مليون تونسي عن التعليم، ما تسبّب في ارتفاع نسبة الأميين في البلاد إلى نحو مليونين وهو مؤشر خطير وفق ما أكده خبراء في علم الاجتماع الذين اعتبروا أن مقاربات محو الأمية تعرف اضطرابا نتيجة ضعف الإمكانيات المالية المخصصة لها.
وتقدر نسبة الأمية في تونس بحسب المسح الوطني الذي أعدته وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع البنك الدولي في عام 2019 بـ 17.7 في المئة، غير أن هذه النسبة سجلت تراجعا لتبلغ 12.7 % حاليا وفق آخر الأرقام التي قدمها المعهد الوطني للإحصاء الى الوزارة في الأيام القليلة الماضية.
انتشار ظاهرة الأمية وخضوعها لمفاهيم جديدة تطورت عبر الزمن لتتجاوز القدرة على القراءة والكتابة، إلى التمكن من التقنيات الحديثة والرقمنة ما بات يتطلب إلى جانب البرامج الحكومية لمكافحتها مجهودات المنظمات المدنية من خلال سعيها إلى تطوير برامج موازية لمنح المنقطعين عن التعليم أو الذين لم يلتحقوا بالمدارس كليا فرص تعلم وعلى سبيل الذكر لا الحصر فتح المعهد العربي لحقوق الإنسان فضاء للتعلم مدى الحياة لسكان حي السيدة أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة التونسية.
من جانبها تواصل الحكومة التونسية عملها في تطوير استراتيجية التصدي لظاهرة الأمية والحد منها حيث كشف وزير الشؤون الاجتماعية عصام الاحمر على هامش افتتاحه ندوة وطنية بعنوان «التكامل بين التعليم النظامي والتعليم غير النظامي» التي ينظمها المركز الوطني لتعليم الكبار في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمحو الامية أن وزارته ستطلق قريبا مشروع المدرسة الشعبية للتعلم مدى الحياة في تونس، مؤكدا أنه سيتم نشر هذه التجربة بكل الجهات تدريجيا تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية. وأوضح في نفس الإطار أن وزارته ستكون احدى المكونات الرئيسية للمجلس الاعلى للتربية، مبينا أن مفهوم محو الأمية قد تغير ليشمل مضامين وظيفية مهارية لها علاقة بالإنتاج والدورة الاقتصادية وأخرى حضارية وثقافية لها صلة بأنماط الحياة وتطوّر التكنولوجيات لتبرز مفاهيم جديدة لمحو الأمية الرقمية واللغوية والتكنولوجية.
كما أكد الوزير في هذا الصدد حرص وزارة الشؤون الاجتماعية من خلال المبادرة بإعداد مشروع أمر يتعلق بتسوية الوضعية المهنية للمتعاقدين تجسيدا لتوجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى إنهاء كل أشكال العمل الهش، إلى جانب إصدار الأمر الجديد الخاص بتأجير المدرسين المتعاقدين في مجال تعليم الكبار. وأبرز في ذات السياق أنه تماشيا مع توجه بلادنا نحو رقمنة الإدارة يشرع المركز الوطني لتعليم الكبار بداية من هذه السنة الدراسية الجديدة في تفعيل المنظومة الإعلامية للتقييم والمتابعة.
لا شك أن الانقطاع المبكر عن الدراسة ونسب التسرّب المدرسي اللذين تسبّبا في ترك أكثر من مليون تلميذ مقاعد الدراسة في العشرية الأخيرة يعدان من أبرز أسباب التطور الحاصل في نسب الأمية، بالإضافة إلى محدودية انخراط كبار السن في منظومة تعليم الكبار التي أثبتت محدودية نتائجها، وفي هذا الجانب أصبح الحد من ظاهرة الأمية رهين إرادة مجتمعية ومجهود وطني مشترك من خلال التجديد في المناهج وإعطاء الأولوية في إعداده لأبناء القطاع من المربين والمتفقدين على غرار ما أعلن عنه وزير الشؤون الاجتماعية من تجهيز 5 مراكز نموذجية جديدة بكل من المنستير، سيدي بوزيد، قفصة، الكاف، وصفاقس بأحدث التجهيزات ووسائل العمل التي تمكن الدارسات والدارسين من التعلم وإتقان مهارات جديدة.
الانطلاق الرسمي في اعتماد منظومة التبادل الالكتروني للوثائق القضائية : نحو إرساء عدالة رقمية صفر ورقية
تشكل رقمنة الإدارة في تونس جزءا أساسيا من التحول الرقمي حيث تعتبر خطوة حيوية في تحقيق توجه…