قبيل العودة المدرسية: رحلة تونس مع التعليم، من النخبة إلى التعميم …
أيام قليلة تفصلنا عن العودة المدرسية، ويمثل هذا الحدث أبرز محطات النظام التعليمي في تونس الذي شهد عديد المتغيرات ليتناسب مع متطلبات بناء دولة حديثة، انطلقت في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حيث تم اتخاذ عدة خطوات حاسمة لتطوير قطاع التعليم، بما في ذلك تعميم التعليم الإجباري وتعريبه، وتوسيع الوصول إلى التعليم لكل فئات المجتمع، وخاصة الفتيات، وتعزيز مكانة اللغة العربية في المناهج التعليمية.
وفي هذا الجانب تأتي أبرز الإصلاحات في التعليم بعد الاستقلال حيث عملت تونس على بناء نظام تعليمي وطني يعكس هويتها الثقافية والقومية وفي هذا السياق، شهدت تونس عدة إصلاحات مهمة منها التعليم الإجباري في الستينيات حيث تم إقرار التعليم الإجباري للأطفال من سن 6 إلى 16 سنة، وهو ما ساهم في رفع معدلات الالتحاق بالمدارس. ثم آلية تعريب المناهج إذ ركزت تونس على تعريب المناهج الدراسية في مراحل التعليم الأساسية، مع الحفاظ على تعليم اللغات الأجنبية، هذا إلى جانب توسع الانتشار في عدد الجامعات والمعاهد العليا، مثل إنشاء جامعة تونس عام 1960، والتي شكلت حجر الزاوية في التعليم العالي بالبلاد.
تطورات التعليم في العقود الأخيرة
في العقود الأخيرة، أدركت تونس ضرورة تحديث قطاع التعليم لمواكبة التطورات العالمية وفي هذا السياق، تم إدخال مجموعة من الإصلاحات الهيكلية على غرار إصلاح المناهج الدراسية حيث تمت مراجعتها بشكل دوري لتتناسب مع المتغيرات العالمية وسوق العمل كما تم إدخال مواد جديدة مثل التكنولوجيا والمعلوماتية ذلك أن هذا القطاع شهد دخول التكنولوجيا بشكل متزايد في العملية التعليمية. وتم تطوير منصات تعليمية رقمية، خاصة بعد جائحة كوفيد- 19، والتي دفعت تونس إلى تسريع تبني التعليم عن بعد .
غير أن هذا المنجز الذي لا يمكن انكاره لا يمكن أن يحجب التحديات التي تواجه النظام التعليمي إذ بالرغم من التغييرات والمراجعات فيه ، إلا أن نسبة البطالة بين خريجي الجامعات مازالت مرتفعة، مما يستدعي إعادة النظر في ربط التعليم بسوق العمل . علاوة على تواجد فروقات ملحوظة في جودة التعليم بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية وهي مؤشرات تعاني فيها بعض المناطق الداخلية من نقص في البنية التحتية التعليمية وإطارات التدريس فضلا عن الاشكال الجديد الذي يتمثل في صعوبات تمويل التعليم ، حيث تحتاج تونس إلى موارد مالية كافية للاستثمار في تحديث التعليم وتحسين جودة التدريس بأطر عصرية وأكثر مواكبة للتغيرات العالمية .
تجدر الإشارة هنا إلى دور المجتمع المدني التونسي حيث لعبت بعض المنظمات غير الحكومية دورًا فعالًا في دعم تطوير قطاع التعليم في تونس. وساهمت هذه الجهات في تحسين الظروف المدرسية، من خلال تقديم الدعم للتلاميذ من الفئات الضعيفة، وتنظيم حملات للتوعية بأهمية التعليم وتقديم المساعدات وغيرها من آليات التكفل بمحدودي الدخل بالتوازي مع البرامج الاجتماعية الرسمية التي ترسخت خلال العامين المنقضيين سيما بالنسبة للاهتمام بأبناء العائلات محدودة الدخل من تلاميذ وطلبة في سبيل تعبيد الطريق أمام مواصلة رحلتهم التعليمية والعلمية.
ثمة اليوم ما يؤكد أن التطور الذي شهده قطاع التعليم في تونس يعكس التزام البلاد ببناء جيل متعلم ومؤهّل لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. ورغم الصعوبات الراهنة، فإن التعليم مازال إحدى أولويات الدولة في مسارها نحو التنمية المستدامة. إذ يتطلب المستقبل استمرارية العمل على تحسين جودة التعليم وتوسيعه ليشمل جميع الفئات، مع التركيز على الربط بين مخرجات التعليم وسوق العمل لضمان تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة .
في نقاط الضغط المروري بمداخل العاصمة : تفشي ظاهرة «خطف الهواتف» وإزعاج مستعملي الطريق
تزايدت في الآونة الأخيرة، ظاهرة السرقة والبراكاجات (الاعتداءات المسلحة أو السرقة بالإكراه…