غلاء مادة الزقوقو قبل أيام من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف : التونسي يتأرجح بين المقاطعة وإرضاء الشهوات
يتزامن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هذا العام مع العودة المدرسية ويشهد المولد النبوي الشريف الذي يحتفل به سنويا في أرجاء العالم الإسلامي، وحتى خارجه، جملة من الطقوس والعادات التي خرجت عن الجانب الديني الصرف، وهي عادات أصبحت متصلة في المخيال الجماعي الإسلامي بالمولد، ورغم اختلافها من بلد إسلامي إلى آخر إلا أنها تذكّر الجميع بالرسول الكريم ومولده.
ومع قرب موعد هذه المناسبة الدينية يحلّ الحديث بالضّرورة عن «عصيدة الزقوقو» التي تعدّها العائلات التونسية منذ زمن خلال هذه المناسبة لتتحول عصيدة الزقوقو إلى مرادف تقليدي غذائي للاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وتعد عصيدة الزقوقو التونسية، التي تحتفل من خلالها غالبية العائلات التونسية بالمولد النبوي الشريف أكلة متفردة في العالم العربي الإسلامي وجدير بالذكر أنه لا يوجد نظير عربي إسلامي لعصيدة الزقوقو التونسية، ولعل أقرب مثال لتلك المادة هو ذلك الجنس من «البوزة» التي تعد في إسطنبول.
ورغم أنه مازالت تفصلنا عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قرابة ثلاثة أسابيع إلا أن الحديث بدأ بالتداول حول غلاء مادة الزقوقو ، حيث بدأت المحلات تعرض هذه المادة بأسعار مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تشهد أسعار الزقوقو خلال هذه الفترة وخاصة قبل أيام فقط من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ارتفاعا صاروخيا حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من هذه المادة لدى بعض الباعة 50 دينارا وهذا ما أكده رئيس الاتّحاد المحلّي للفلاحة والصيد البحري بمكثر من ولاية سليانة، طارق المخزومي في تصريحات إعلامية مشيرا إلى أن صابة «الزقوقو» للموسم الحالي، شهدت تراجعا بحوالي 30 ٪، مقارنة بالمواسم الفارطة حيث كانت في حدود الـ100 طن. وأرجع المخزومي تراجع الصابة إلى الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأخيرة، والنقص في العرض يساوي كثرة الطلب مما يؤدي مباشرة إلى ارتفاع كبير في الأسعار وهو حال كل المنتوجات التي تعرف نقصا في السوق.
وقد عبر عدد من المواطنين في حديث عن تذمرهم من الغلاء المشط لأسعار الزقوقو والفواكه الجافة هذه السنة مما سيجعل البعض منهم عاجزا عن توفير مستلزمات عصيدة الزقوقو بالتالي المقاطعة قسرا وليس اختيارا لهذه العادة.
وفي هذا الجانب قال لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك في تصريح لـ«الصحافة اليوم» إن غلاء سعر مادة الزقوقو يعود إلى استهلاك صابة الموسم الفارط لأن المولد النبوي يحل قبل موسم الجني الذي ينطلق بداية من شهر نوفمبر من كل عام.
وأوضح الرياحي أن الفلاح باع المحصول منذ السنة الفارطة للتجار الذين يقومون بتخزين الزقوقو وعرضه قبل حلول المولد النبوي الشريف بأسعار مرتفعة، وأشار رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك إلى ضرورة التثبت من طريقة تخزين هذه المادة التي يجب أن تكون بعيدة عن الرطوبة وفق تقديره. واعتبر لطفي الرياحي أن أغلب التونسيين سيقاطعون هذه العادة قسرا وليس اختيارا لأن هذه المناسبة ستتزامن مع العودة المدرسية وما يرافقها من مصاريف تفوق القدرة الشرائية للمواطنين.
يذكر أن التونسيين انطلقوا في استغلال مادة الزقوقو هو المسمّى التّونسي للصنوبر الحلبي المكوّن الأساسي لإعداد عصيدة الزقوقو في المولد النبوي لأوّل مرّة خلال سنوات الجفاف التي أعقبت ثورة علي بن غذاهم سنة 1864 حيث انتشرت المجاعة، فلم يجدّ سكان مناطق الجبال حينها إلا استغلال حبّات الزقوقو خاصّة وأنها شبيهة في شكلها بحبوب الدّرع أو الدّخن. ليتحول لاحقًا الزقوقو من أكلة للفقراء إلى عادة في المطبخ التونسي، حيث أصبح يتمّ إعداده سنويا في المولد النبوي مع إضافة المكسرات كاللوز والبندق والجوز لتزيين هذا الطبق التقليدي فتحولت الأكلة التي ارتبطت سابقا بالمجاعة إلى أكلة مكلفة جدا اليوم انطلاقا من ارتفاع أسعار الكيلوغرام من الزقوقو والفواكه الجافة التي تستعمل لتزيين العصيدة وهو ما جعل التونسي يتأرجح بين مقاطعة هذه العادة بسبب غلاء الأسعار وبين إرضاء الشهوات بأطباق العصيدة التي باتت عادة غذائية لها خصوصيتها لدى معظم العائلات.
من بينها إغلاق الحساب : 14 خدمة بنكية مجانية يتوجّب على البنك تقديمها للحريف
فتح حساب واستصدار دفتر شيكات واستصدار دفتر ادخار وعمليات الإيداع والسحب نقدا، وخلاص الشيكا…